أصدرت مؤخراً أكبر شركة نفط في العالم تقريرها السنوي لعام 2014م، ويغطي تقرير شركة أرامكو أنشطتها خلال العام في شتى المجالات. ويتطرق التقرير في البداية إلى إستراتيجية الشركة، ثم يذكر هدفها الإستراتيجي المتمثل في جعل الشركة ذات صبغة عالمية، ورائدة، ومتكاملة في الطاقة والكيماويات. ولتحقيق ذلك الهدف وضعت الشركة إستراتيجية عمل في المجالات الخمسة الرئيسية التالية: تعزيز مكانة الشركة في مجال التنقيب وإنتاج النفط والغاز. وقد تمكنت الشركة من اكتشاف ثماني حقول للنفط والغاز خلال 2014م، وهو اكبر عدد من الحقول يتم اكتشافه خلال عام. وواصلت الشركة مشاريع تطوير البنية الأساسية لصناعة النفط والغاز، كما استمرت في تطوير وتقييم مصادر الغاز غير التقليدي في عدد من مناطق المملكة. كما سعت إلى تحقيق التكامل في أعمال الشركة من خلال الدخول في جميع سلاسل القيمة الهيدروكربونية. وتعتزم الشركة الاستمرار في تعزيز شبكتها التكريرة المحلية والدولية، وتنمية صناعاتها الكيماوية والتوسع في تسويق وتوزيع المنتجات. واكتسبت الشركة سمعة جيدة وثقة الأسواق في القدرة على التسليم، ومن أجل ذلك استمرت في دعم البنية الأساسية وشبكات توزيع المنتجات على المستويين المحلي والدولي. ودعم التنمية المستدامة في المملكة، حيث ستساهم سياسة التكامل التي تتبعها الشركة، واتخاذ المملكة قاعدة لصناعاتها في زيادة القيمة المضافة، وفي إيجاد بيئة لنمو صناعات جديدة وتوفير اللقيم لكثير من الصناعات الجديدة. وفي مجال الريادة في الابتكار وتطوير التقنيات، حيث تسعى الشركة من خلال شبكات مراكز الأبحاث المشتركة حول العالم وفي المملكة إلى تحقيق موقع ريادي في مجال تقنيات الطاقة وتعزيز جهود بناء اقتصاد معرفي في المملكة. وقد نجحت أرامكو في رفع براءات الاختراع التي بحوزتها بحوالي 99 براءة في عام 2014م. أما تعزيز مكانة الشركة كجهة توظيف مفضلة، حيث تعتبر أكبر موظف للعمالة في المملكة بعد الحكومة. ويعمل فيها حوالي 62 ألف شخص يمثل السعوديون 83.4% منهم، ووظفت أكثر من 1700 شخص في 2014م. وتدعم الشركة موظفيها بالتدريب والتعليم في كافة المجالات، حتى باتت تدير أكبر برنامج تدريبي خاص في العالم. كما تقدم أرامكو منافع متعددة لموظفيها في عدد من المجالات كالسكن، والرعاية الصحية، ومنافع التقاعد مما جعلها من أكثر الجهات جذباً للعمالة في المملكة. ويوجد في نهاية التقرير ملخص لأنشطة الشركة بالأرقام، وهو أهم ما ورد في التقرير. وسيتم التطرق وتحليل بعض بيانات التقرير في مقالات قادمة والتطرق في هذه المقالة إلى المجالات التالية: احتياطيات وإنتاج الزيت الخام تفيد بيانات التقرير بنجاح الشركة في رفع احتياطياتها النفطية بحوالي 900 مليون برميل خلال عام 2014م، علاوة على الكميات المنتجة خلال العام. ووصلت احتياطيات الشركة من النفط الخام والمكثفات القابلة للاستخلاص إلى حوالي 261.1 بليون برميل في عام 2014م. وإذا أضيفت زيادة الاحتياطيات إلى كميات الإنتاج خلال العام، فهذا يعني تمكن الشركة من زيادة كميات الزيت الخام والمكثفات التي يمكن استخراجها في 2014م بأكثر من أربعة بلايين برميل. ويلاحظ خلال السنوات الماضية، نجاح الشركة في إضافة كميات قابلة للاستخراج تعادل على الأقل كميات النفط والمكثفات المنتجة. وهذا مؤشر جيد على قدرة الشركة في الحفاظ وتطوير الاحتياطيات النفطية. من جهة أخرى، يلاحظ عدم اكتشاف حقول عملاقة أو العثور على احتياطيات نفطية ضخمة إضافية منذ اكتشاف حقل شيبة العملاق في الثمانينيات. فهل وصلت الشركة إلى قمة الاكتشافات النفطية أم لا؟ وهل من الممكن العثور على حقول جديدة عملاقة مثل الحقول المكتشفة في السابق؟ والحقيقة لا أحد يعلم، ولكن مع مرور الوقت دون اكتشاف حقول عملاقة جديدة، يضعف فرص العثور على جديد منها. وتكفي احتياطيات الشركة الحالية لمواصلة الإنتاج على نفس مستويات 2014 لمدة 75 سنة. وسيتم بالطبع إضافة المزيد من الاحتياطيات مع مرور الوقت، ولكن تكاليف استخراج الكميات المتبقية سترتفع مستقبلاً، كما أنه من المتوقع حدوث تطورات تقنية في مجالات النفط والطاقة ستؤثر على تكاليف ومنافع استخدامات النفط. وارتفع إنتاج الشركة من النفط الخام بحوالي 47 مليون برميل في 2014م، حيث وصل حجم الإنتاج إلى 3480 مليون برميل، أو ما يعادل 9.53 مليون برميل يومياً. وبلغت نسبة نمو إنتاج الشركة من النفط الخام السنوية في عام 2014م حوالي 1.4%. وقد تجاوز حجم إنتاج 2014م إنتاج 2012م القياسي خلال ثلاثين سنة ماضية بحوالي مليون برميل. ومن ناحية أخرى، تفيد بيانات منتدى الطاقة العالمية إلى أن إجمالي إنتاج المملكة بلغ 3548 مليون برميل في 2014م. وإذا ما تم طرح حصة أرامكو من إجمالي إنتاج المملكة الذي يشمل نصف إنتاج المنطقة المحايدة، فإن المتبقي هو إنتاج المنطقة المحايدة في 2014م والبالغ 65.18 مليون برميل. ويعاني إنتاج المنطقة المحايدة من تراجع واضح في كميات الإنتاج، كما تشير إليه مصادر الطاقة العالمية. وقد عوض جزء من زيادة إنتاج أرامكو الجزء المتراجع من حصة المنطقة المحايدة، ولهذا فإن زيادة إنتاج المملكة من النفط الخام أقل من زيادة إنتاج أرامكو بحوالي 20 مليون برميل. ومثل إنتاج أرامكو من النفط الخام حوالي 98.2% من إجمالي إنتاج المملكة في عام 2014م، بينما مثل إنتاج المنطقة المحايدة الباقي. احتياطيات وإنتاج الغاز الطبيعي نمت احتياطيات الشركة من الغاز الطبيعي القابل للاستخلاص بنسبة 1.9% في 2014م، حيث بلغت 294 تريليون قدم مكعبة. وتكفي هذه الاحتياطيات لإنتاج كميات ثابتة من الغاز الطبيعي مساوية لإنتاج عام 2014م، لمدة تزيد عن 71 سنة. وقد نجحت أرامكو في تعويض إنتاج العام من الغاز الطبيعي ورفع احتياطياته، وسيتم بإذن الله اكتشاف المزيد من الاحتياطيات كما سترتفع معدلات الاستهلاك، ولهذا فإن مدد استمرار الإنتاج من الاحتياطيات هي فقط لإعطاء صورة عن ضخامتها. وأنتجت الشركة 11.3 بليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يومياً (4.1 تريليون قدم مكعبة في 2014م)، وسلم من هذه الكميات إجمالي 8.4 ترليون وحدة حرارية بريطانية يومياً من الميثان، وبزيادة قدرها 3.7% عن مستويات العام السابق. وتعادل الطاقة في هذه الكمية الطاقة الموجودة في حوالي 1.448 ألف برميل نفط. كما تم إنتاج 1.4 تريليون وحدة حرارية من الإيثان يومياً، أو ما يعادل 241 ألف برميل نفط. وتستهلك المملكة جميع إنتاجها من الغاز الطبيعي، حيث يستخدم غاز الميثان بشكل رئيسي كوقود لمحطات الطاقة وتحلية المياه كما يدخل في صناعات عدد من البتروكيماويات، بينما يستخدم الإيثان كلقيم للصناعات البتروكيماوية. سوائل الغاز الطبيعي ارتفع إنتاج الشركة من سوائل الغاز الطبيعي بنسبة 3.4% في 2014م مقارنة مع العام السابق، حيث بلغ 471.3 مليون برميل في 2014 أو ما يعادل 1.29 مليون برميل يوميا. ويرتفع إنتاج هذه السوائل مع ارتفاع إنتاج النفط الخام والغاز الرطب، ولهذا تتغير مستويات إنتاج هذه السوائل طرديا مع إنتاج المملكة من النفط الخام. ولا يدخل في تعريف سوائل الغاز الطبيعي في المملكة غاز الإيثان الذي تعتبره معظم جهات الطاقة العالمية جزءًا من سوائل الغاز. ولو أُضيف غاز الإيثان المسلم للاستهلاك إلى سوائل الغاز الطبيعي التي تذكرها الشركة لبلغ حجم إنتاج الشركة من سوائل الغاز الطبيعي حوالي 1.53 مليون برميل يوميا. وفي حالة إضافة هذه الكمية إلى إنتاج النفط الخام لتجاوز إنتاج الشركة من سوائل الطاقة 11 مليون برميل في اليوم. وسيتجاوز إنتاج الشركة من الطاقة 12.5 مليون برميل أو أكثر من 4.5 بليون برميل نفط مكافئ في 2014م، لو أُضيف إنتاج أرامكو من غاز الميثان إلى إنتاج سوائل الطاقة ومكاسب الحجم من عمليات التكرير. وستضع بيانات إنتاج أرامكو من سوائل الطاقة والغاز الطبيعي الشركة في المرتبة الأولى بين شركات إنتاج الطاقة الأولية في العالم. صادرات الشركة النفطية وصل إجمالي صادرات الشركة من النفط الخام إلى 2544 مليون برميل في 2014م، أو 6.97 مليون برميل يوميا، أي أن الشركة صدرت 73.1% من إنتاجها على هيئة نفط خام. وتراجعت كميات النفط الخام المصدر في عام 2014م بنسبة 5% على الرغم من زيادة إنتاج الشركة من النفط الخام. ويرجع السبب بشكل رئيسي إلى تعديل رقم صادرات النفط الخام في تقرير الشركة لعام 2014م. وعُدلت بيانات صادرات النفط الخام لعام 2013م في تقرير 2014م، حيث رفعت إلى 2677 مليون برميل. وتزيد هذه الكمية عن رقم صادرات النفط الخام الوارد في تقرير 2013 م بحوالي 188 مليون برميل. ويبدو تعديل بيانات صادرات عام 2014م من النفط الخام كبير جداً ويحتاج إلى تفسير من الشركة، كما يثير الهبوط الكبير في الفرق بين إنتاج النفط الخام في عام 2013م والصادرات منه بعض التساؤلات. من جهة أخرى، ارتفعت صادرات الشركة من المنتجات المكررة بحوالي 47 مليون برميل في 2014م مقارنة بمثيلاتها في 2013م، وهذا يفسر جزءا من التراجع في صادرات النفط الخام في 2014م. وبالإضافة إلى ذلك، تفيد بيانات منتدى الطاقة العالمي لانخفاض كميات النفط الخام المُحرق مباشرة في عام 2013م، وعودته للارتفاع بحوالي 25 مليون برميل في 2014م، كما تفيد بارتفاع كبير في مدخلات المصافي من النفط الخام وبأكثر من 155 مليون برميل العام الماضي. ويبدو أن هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف خلف تراجع صادرات النفط الخام في عام 2014م عن مستويات العام السابق. وقد ارتفعت صادرات المملكة ككل من المشتقات النفطية بحوالي 96 مليون برميل في عام 2014م، بينما ذهبت الزيادة المتبقية في إنتاج المصافي خلال العام إلى الاستهلاك المحلي. ويبدو أن نصف الزيادة في صادارت المشتقات النفطية تقريباً كانت من نصيب منتجين آخرين. ولا تورد الشركة أي بيانات عن واردات المشتقات النفطية ولا عن كيفية التعامل مع إنتاج مصافي التصدير ولهذا يتم الاعتماد على المصادر الخارجية للتعرف على حجم واردات المملكة وصادراتها الإجمالية من المشتقات النفطية. وتراجعت واردات المملكة من المشتقات النفطية في 2014م بحوالي 6 ملايين برميل عن مستويات العام الذي سبقه كما تفيد بيانات منتدى الطاقة، وهذا يفسر جزءًا يسيراً من تراجع صادرات النفط الخام في 2014م. ولا تقتصر صادرات الشركة على النفط الخام، ولكنها تصدر أيضاً المشتقات النفطية، كما تصدر سوائل الغاز الطبيعي التي تفصل بيانات الشركة بينها وبين صادرات النفط الخام. وارتفعت صادرات الشركة من المشتقات النفطية بقوة خلال 2014م بسبب زيادة إنتاج المصافي المشتركة، حيث وصل إجمالي صادرات منتجات الشركة إلى 168 مليون برميل مرتفعة بنسبة 38.8% عن مستوى العام السابق. من جهة أخرى، صدرت الشركة 329.9 مليون برميل من سوائل الغاز الطبيعي في عام 2014م، وهو ما يعادل حوالي 904 آلاف برميل يومياً. وقد نمت صادرات الشركة من هذه السوائل بنسبة 2.9% خلال العام عن مستويات العام الذي قبله. وإذا ما تم جمع إجمالي صادرات النفط الخام مع صادرات سوائل الغاز الطبيعي والمشتقات النفطية، فإن صادرات الشركة سترتفع بقوة وتظهر حجم وقوة الشركة العالمي بشكل أكثر وضوحاً. ووصل إجمالي صادرات الشركة من سوائل الطاقة إلى حوالي 3042 مليون برميل في 2014م، وهذا يعادل 8.33 مليون برميل يومياً. وقد تراجع إجمالي صادرات الشركة من سوائل الطاقة في عام 2014م بنسبة 2.5% مقارنة مع صادراتها في عام 2013م. أعلنت «أرامكو» ارتفاع إنتاج النفط والغاز وصادرات المنتجات