يتزايد استهلاك المملكة من مصادر الطاقة الأولية (النفط والغاز) بشكل مخيف جدا بحيث أصبحت المملكة أكبر مستهلك للنفط الخام في الشرق الأوسط والعاشرة على مستوى العالم من حيث استهلاك مصادر الطاقة الأولية. ووفق بيانات هيئة الطاقة الدولية International Energy Agency (IEA) فقد بلغ استهلاك المملكة من مصادر الطاقة الأولية في عام 2012 حوالي 3.9 مليون برميل نفط مكافئ يوميا. وإذا أخذنا في الاعتبار أن إنتاج المملكة من مصادر الطاقة الأولية بلغ في عام 2012 حوالي 12.2 مليون برميل نفط مكافئ يوميا، فإن المملكة تكون قد استهلكت حوالي 32% من إنتاجها من النفط والغاز، حيث شكل استهلاك النفط حوالي 67% من استهلاك الطاقة محليا، فيما استهلكت المملكة كامل إنتاجها من الغاز الطبيعي والذي شكل 33% من إجمالي استهلاكها من الطاقة. ووفق متوسط معدل نمو الاستهلاك المحلي من مصادر الطاقة خلال الفترة من 2009 وحتى 2012 والبالغ حوالي 6.6% سنويا، فإن الاستهلاك المحلي من مصادر الطاقة الأولية سيصل هذا العام إلى ما يزيد على 4.7 مليون برميل نفط مكافئ يوميا، أو حوالي 38% من إجمالي إنتاج المملكة من مصادر الطاقة الأولية. وفي ظل محدودية نمو إنتاجنا من الغاز الطبيعي فإن معظم هذا النمو في الاستهلاك المحلي لا بد وأن يلبى من خلال استهلاك المزيد من إنتاجنا من النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي، بحيث سيصل استهلاكنا هذا العام إلى حوالي 3.2 مليون برميل يوميا أو ما يعادل 30% من إنتاج المملكة. هذا النمو السريع في استهلاك الطاقة سيشمل مختلف القطاعات، فاستهلاك مصادر الطاقة الأولية لتوليد الكهرباء سيصل هذا العام إلى 1.2 مليون برميل نفط مكافئ يوميا، حيث أنه ينمو بمعدل سنوي يبلغ 7%. واستهلاك النقل والمواصلات سيصل إلى حوالي 920 ألف برميل يوميا، بمعدل نمو سنوي يزيد على 5.2%. واستهلاك القطاع الصناعي من مصادر الطاقة الأولية ينمو بمعدل سنوي يقرب من 7.5%، بحيث سيصل استهلاكه من مصادر الطاقة هذا العام إلى حوالي 1.77 مليون برميل نفط مكافئ يوميا، منها حوالي 490 ألف برميل تستخدم كمصدر للطاقة، أما حوالي 1.28 مليون برميل نفط مكافئ فتستخدم كلقيم يستهلك 96% منه في الصناعات البتروكيماوية. هذه المعدلات المخيفة لمعدلات نمو استهلاكنا لمصدر دخلنا الوحيد ناتج بشكل أساس عن تدن خطير في كفاءة استخدام الطاقة في كافة القطاعات، نتيجة غياب أي حافز على ذلك في ظل التسعير المتدني جدا لمصادر الطاقة في القطاعين الصناعي والسكني، ما جعل معدل الطاقة المستهلكة لإنتاج كل ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة واحد من أعلى المعدلات العالمية حيث يصل إلى 2.9 برميل نفط مكافئ بينما لا يتعدى في اليابان وألمانيا، على سبيل المثال، 0.7 برميل فقط. إن هذا النمو المبالغ فيه في معدلات استهلاك الطاقة، وعلاوة على ما يمثله من هدر غير مبرر لموارد ناضبة نادرة، أصبح يشكل ضغطاً متنامياً على طاقتنا التصديرية من النفط وهو أمر في غاية الخطورة في ظل اعتمادنا التام على إيراداتنا النفطية وعدم نجاح جهود تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإنتاجية لاقتصادنا الوطني. ما يؤكد الحاجة إلى مواجهة حقيقية مع هذه المعضلة الخطيرة من خلال تبني سياسات حاسمة جريئة ترفع من كفاءة استخدام مصادر الطاقة وتحد من معدلات استهلاكها في كافة القطاعات دون استثناء. ....وللحديث بقية.