خلال فترات سابقة، كنا نهتم جميعاً بتقليب صفحات الجريدة، لعلنا نجد فيها ما يهمنا من أخبار، أو نستمع إلى أحد البرامج الإذاعية أو التلفزيونية بحثاً عن أي تصورات يمكن أن تطرح من خلال هذه البرامج. ومع كل ذلك يعرف الجميع أن كل مؤسسة إعلامية سواء كانت صحيفة، أو إذاعة أو تلفزيونا تقوم من خلال جهاز إداري متكامل، لا يسمح بأي هفوة ولا شاردة وليس هناك مجال للخطأ. لكن كل ذلك قد تغير الآن مع عملاق جديد آخر وفق مرجعية الإعلام الرقمي سواء كان الالكتروني من خلال الانترنت، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت تستقبل كل حدث، وأصبح هناك العدد الأكبر من رواد الانترنت موجود على مواقع التواصل الاجتماعي. الاعلام الإلكتروني: عبارة عن نوع جديد من الاعلام يشترك مع الاعلام التقليدي في المفهوم، والمبادئ العامة والاهداف، وما يميزه عن الاعلام التقليدي أنه يعتمد على وسيلة جديدة من وسائل الاعلام الحديثة وهي الدمج بين كل وسائل الاتصال التقليدي، بهدف إيصال المضامين المطلوبة بأشكال متمايزة، ومؤثرة بطريقة أكبر، وتتيح الانترنت للإعلاميين فرصة كبيرة لتقديم موادهم الاعلامية المختلفة، بطريقة الكترونية بحتة دون اللجوء إلى الوسائل التقليدية كمحطات البث، المطابع وغيرها بطرق تجمع بين النص والصورة والصوت. والتي ترفع الحاجز بين المتلقي والمرسل ويمكن أن يناقش المضامين الاعلامية التي يستقبلها، إما مع إدارة الموقع أو مع متلقين آخرين. الاعلام الرقمي: مجموعة من الأساليب والأنشطة الرقمية الجديدة التي تمكننا من إنتاج ونشر المحتوى الإعلامي وتلقيه، بمختلف أشكاله من خلال الأجهزة الإلكترونية (الوسائط) المتصلة بالإنترنت، في عملية تفاعلية بين المرسِل والمستقبِل. بحيث تكون جميع الوسائل والادوات المستخدمة في انتاج المحتوى الاعلامي من صحافة واخبار وغيرها من الادوات ومصادر المعلومات هي بشكل رقمي ومخزنة على وسط إلكتروني وظهور مرحلة التفاعل وتتميز بوجود نوع من التحكم الانتقالي من جانب أفراد الجمهور في نوعية المعلومات التي يختارونها أي أن الفرد يمكن أن يكون رئيسا لتحرير المجلة التي يختارها، مثل الفيس بوك والمدونات بأنواعها والفديوتيكس والتلفزيون الرقمي اي اصبح الجمهور مشاركا في وسائل الاعلام بدلا من ان يكون متلقيا فقط. وقد كشف منتدى الاعلام الرقمي 2015 الذي نظم في دبي، أن حصة الإعلام الرقمي من سوق الإعلان الإقليمي لا تتجاوز 500 مليون دولار من اجمالي 3.5 مليار دولار في المنطقة تنفق سنويا على الاعلانات التقليدية. لكن الإعلام الرقمي لا يزال ينمو بمعدلات سريعة تصل الى 25% سنويا، مما يفرض على وسائل الاعلام التقليدية التكامل مع هذا الواقع الجديد وبذل المزيد من الابتكار والتطور بدلا من الاكتفاء بالانتظار السلبي. وقد أفاد ريان كركي، رئيس الوكالة في غوغل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن هناك 530 مليون مشاهدة يوميا من العالم العربي على موقع يوتيوب الشهير، وهو رقم هائل، حيث إن وسائل الإعلام العادية أصبحت تستقي أخبارها مما ينشر على وسائل الإعلام الرقمية وذلك لأن أي فرد يستطيع أن ينشر أي شيء في أي مكان دون أن يكون هناك أي رقيب على ذلك ودون أن يتمكن أي فرد من منع ذلك، ومع وجود أعداد ضخمة من مختلف الدول والقارات والجنسيات والأعمار تتواجد على مواقع الوسائط الرقمية تجعل مشاركتها لأي خبر تتم وفق ثوان معدودة بحيث يمكن أن يعبر هذا الخبر الكرة الأرضية من أدناها إلى أقصاها، ويعرفه الجميع بلا استثناء. وفي خضمّ تزايُد أعداد الأفراد الذين يلجئون إلى شبكة الانترنت، وارتفاع عدد الذين لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّة «الفيسبوك» و «تويتر»، تعد صفحات المؤسسات الإعلامية في الشرق الأوسط الأكثر متابعة على فيسبوك بعدد متابعين يبلغ وسطيا نحو 400 ألف متابع للصفحة الواحدة، مقارنة بكافة قطاعات الاعمال الأخرى. ويشير هذا الرقم (400 ألف متابع لصفحة على فيسبوك) إلى الرغبة الواضحة لدى محطات التلفزيون بالتواجد القوي على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي ظل هذ الحرص من قبل المؤسسات الإعلامية لا يمكن اليوم تخيل محطة تلفزيونية او إذاعية او صحفية لا تمتلك خططا للإعلام الرقمي وتترك ميدانا بهذه الأهمية لمنافسيها للسيطرة عليه. وإن غداً لناظره قريب.. * خبير الشئون الإعلامية والعلاقات العامة