اختتمت فعاليات المقهى الثقافي والذي نظمه النادي الأدبي على مدى خمسة أيام اشتملت على فعاليات متنوعة. وقد شهد اليوم الأخير من المقهى محاضرة تحت عنوان «الاعلام الجديد رؤية وتجربة» ألقاها مسئول التحرير بجوال منطقة تبوك محمد علي القصير وأدار المحاضرة نائب رئيس النادي عبدالرحمن العكيمي والذي بدأها بذكر نبذة تعريفية عن المحاضر. بدأ المحاضر باستعراض تعريفات الإعلام الجديد مؤكدا ان الإعلام الجديد هو مصطلح حديث يتضاد مع الإعلام التقليدي كون الإعلام الجديد لم يعد فيه نخبة متحكمة أو قادة إعلاميون بل أصبح متاحا لجميع شرائح المجتمع وأفراده الدخول فيه واستخدامه والاستفادة منه طالما تمكنوا وأجادوا أدواته، مشيرا إلى أنه لا يوجد تعريف علمي محدد حتى حينه يحدد مفهوم الإعلام الجديد بدقة إلا أن للإعلام الجديد مرادفات عدة ومنها الإعلام البديل أو الإعلام الاجتماعي. وأضاف القصير خلال حديثه أن عولمة الإعلام أصبحت واقعاً ملموساً لا يمكن تجاهله، فظهور القنوات الفضائية والإنترنت والاتصالات فائقة السرعة أسهم بظهور نوع جديد من وسائل الإعلام سمي بالإعلام الجديد وهو الإعلام الرقمي المعتمد على الإنترنت والمتميز عن الإعلام التقليدي بطريقة بث المعلومات واستقبالها، وقد خضعت له وسائل الإعلام التقليدية من خلال إضافة الرقمية والتفاعلية لخصائصها. مضيفا أن الإعلام الجديد اليوم بمكانة الروح من الجسد بالنسبة للأفراد والمجتمعات. وقال: التقنيات الاتصالية الحديثة طورت دور المتلقي فأكسبته خاصية التفاعل ليصبح كالمرسل في عملية الاتصال بعدما كانت التفاعلية في وسائل الإعلام التقليدي تتمثل برجع الصدى فقط. وأضاف أن وسائل الإعلام الجديد أتاحت بمميزاتها التفاعلية فرصة للفرد لاختيار طريقة التعرُّض التي يريدها كما أتاحت فرصة أكبر للتواصل بين الأفراد والجماعات من خلال الحوار والتواصل وتكوين الصداقات والتكتلات فأصبح بإمكان الفرد الانتماء إلى واقع جديد يشعر أنه ينتمي إليه فعلاً فيكون هذا الانتماء هو الانتماء الحقيقي وإنْ تمَّ في واقع افتراضي إذ إن المستخدم يمارس حياته الطبيعية يأكل ويشرب وينام ويمارس حياته المعتادة داخل مجتمعه الواقعي إلا أن هنالك وجهاً آخر لأنشطة أهم في حياته يعيشها كما يريد لا كما يراد له وتتمثل هذه الأنشطة بعقد الفرد للصداقات وإجراء الحوارات والانتماء للمجموعات، والتعبير عن الآراء وتبادل المعلومات وبذلك هو يتصرف بحرية تامة بلا قيود ثقافية واجتماعية ولا رقابة سياسية إذ يمكنه التخفي وبالتالي التنصل من المسؤولية الملزمة. مؤكدا على أنه نحن أمام سمتين مهمتين وفرتهما التقنيات الاتصالية الحديثة السمة الأولى هي التواجد الحميم ويعرف ب الاستغراق أو الانغماس حيث يشعر الفرد أنه بتواجده في العالم الافتراضي الذي اختاره متمثلاً أمامه على الشاشة «الكمبيوتر أو الهاتف الذكي» يتواجد في الزمان والمكان الذي يريد وفي الوسط الذي يلبي رغبته واحتياجاته وبالتالي لا يشعر المستخدم بغير الحالة التي يعيشها. أما السمة الثانية فهي التفاعلية التي تتيح للمستخدم التواجد في بيئة تفاعلية يتلقى فيها النصوص المكتوبة والمرئية والمسموعة من قبل الأفراد والمجموعات المكونة لهذا العالم الافتراضي. مشددا على أنه لم يعد في العالم حواجز ولا للغرف جدران فقد أتاحت الآلة والتقنية أهم تغير في حياة الإنسان للتواصل مع العالم، فأصبحت عملية «التعرُّض» ليست خاصة فقط بوسائل الإعلام التقليدية، كالصحافة والتلفزيون، حيث تجاوزتها للفرد بتعرُّضه الدائم والمستمر لمنظومة الإعلام الإلكتروني، وهنا تأتي أهمية الوعي والقدرة على الانتقاء والاختيار للمحتوى الإعلامي، إذ يتمثل البعد الأهم في هذه العملية بقرار المتلقي ما يريد التعرض له ولا سيما أن الرسائل الإعلامية اليوم تستطيع أن تصنع لحظة تعرض الفرد لها لأنها تتجاوز بسهولة محاولات الحكومات والمجتمعات والأسر فرض الرقابة ومنع المحتوى، ولذلك يحتاج المتلقي إلى التعلّم عن الإعلام وهذه المعرفة لا تتأتى إلا من خلال إدخال التربية الإعلامية في المدارس ليتعلم الطلبة كيف يتعاملون مع ما يتعرضون له في وسائل الإعلام المختلفة وفي الوقت ذاته يستطيعون أن ينتجوا رسائلهم الإعلامية بأنفسهم متحررين من سطوة الإعلام وآثاره السلبية وحين يكبرون لن يكونوا أبداً جاهلين بالإعلام بل سيصبحون مواطنين مسئولين.