عندما يختلف العرب في السياسة ربما نجد العذر ونقول إنها مصالح دول «رغم فجور ذلك الخلاف» وخروجه عن السياق المعقول واللامعقول. وعندما يختلفون في الرياضة نعرج في سقف الحرية ونقول تنافس شريف طالما أن هناك أكثر من مرشح عربي يطمح في الوصول إلى كرسي اتحاد قاري أو منصب دولي أو رئاسة لجنة. كل ذلك نتفهمه, ولكن ما لا نفهمه ولا يمكن أن نستوعبه, ولا حتى في يوم من الأيام نقبله أن مرشحا عربيا واحدا يدخل في معركة انتخابية لأكبر إمبراطوريات العالم «الفيفا» ومنافسه خواجه ثلثا العالم يتمنون الخلاص منه, ومع ذلك يحصل الأردني علي بن الحسين على دعم بلاتيني ومارادونا وأغلب نجوم العالم والاتحادات الأوربية وأمريكا اللاتينية، وتقف ضده الاتحادات العربية لكرة القدم بمنح أصواتها علنا للسيد سيب بلاتر في فاجعة عربية جديدة، لا تقل عن الكوارث السياسية التي تشغل عالمنا العربي. لو كان موقف علي بن الحسين ضعيفا في المعركة الانتخابية أو ضيف شرف، أو أنه دخل هذه المعركة بدون فرص حقيقية ولمجرد «الشو» لقلنا حينها إن موقف الاتحادات العربية بتأييد بلاتر محق، ولا ينبغي المجازفة لمعركة خاسرة قبل أن تبدأ. ولكن الصورة مغايرة تماما فبمجرد منح العرب أصواتهم اليوم لابن جلدتهم العروبي علي بن الحسين تنتهي المعركة لمصلحتهم، ويصبح اسما عربيا ولأول مرة في التاريخ رئيسا لأكبر إمبراطوريات العالم في العصر الحديث «الفيفا». لقد أصبح تفويت الفرص في عالمنا العربي إرثا تاريخيا، ليس في السياسة فقط، بل حتى في الرياضة، ولعل المشهد اليوم في زيوريخ سيغني عن مجلدات من الانتكاسة العربية الجديدة، عندما نجد الاتحادات الأوروبية وأمريكا اللاتينية تصوت للعربي علي بن الحسين، والأصوات العربية في آسيا وإفريقيا تصوت لبلاتر رغم فضائح الفساد التي ملأت اسماع العالم خلال اليومين الماضيين لأروقة الفيفا. تساءلت في خضم هذه الرؤية، وأعني بها تفويت الفرص: أين موقع الجامعة العربية؟! بحق أين هي فالأمر لا يتعلق لا بالسياسة ولا بمصالح الدول العربية ضد بعضها، بل القضية تتعلق بتواجد عربي في محفل دولي أمام أوروبي يرفضه الغرب لأول مرة لمصلحة عربي. مشكلتنا نحن العرب نبحث عن مجد، وعندما يأتي «تشوته» أدمغتنا، وأعني عقولنا. رحم الله الشاعر العربي فخري البارودي الذي تغنى يوما بلحمة العرب وقال: بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان لنا مدينة سلفت سنحييها وإن دثرت ولو في وجهنا وقفت دهاة الانس والجان فهبوا يا بني قومي الى العلياء بالعلم وغنوا يا بني أمي بلاد العرب اوطاني