انتظر طالبو التغيير في رئاسة جمهورية الفيفا كثيرا لرؤية مرشح منافس للسويسري العجوز سيب بلاتر في الانتخابات المقررة بمايو المقبل، ويتعين عليهم الانتظار مدة أطول ايضا هي ولاية جديدة بسبب غياب أي وجه بارز من القارة الاوروبية بعد ان عزف الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي عن الدخول في المعركة ودخل الفرنسي جيروم شامبين النائب السابق للأمين العام للفيفا . بلاتر كان متجها للفوز بولاية خامسة دون معركة، لكن مستجدات الساعات الماضية فرضت عليه التكيف مع واقع جديد بعد دخول نائبه الأردني الأمير علي بن الحسين طرفا في الانتخابات، بجانب جيروم شامبين النائب السابق للأمين العام للفيفا على منصب الرئيس لتتأكد بذلك الشائعات التي انتشرت قبل أسابيع ولم يتم نفيها. توسم الاوروبيون خيرا في طموح بلاتيني في الانتقال من الميدان الاوروبي الى الساحة العالمية، لكنه أعلن عقب مونديال البرازيل الصيف الماضي انه لن يخوض الانتخابات لانه لم ينه مهمته بعد في الاتحاد الاوروبي، في الوقت الذي أكد فيه انه لن يدعم بلاتر ابدا وان وقت التغيير على رأس الفيفا قد حان. عبارة التغيير أطلقها أكثر من مسؤول اوروبي، لكن الواقع يختلف عن الشعارات والخطابات، وادارة اللعبة الانتخابية لها رجالها وخبراتها، وليس أفضل من بلاتر حاليا وأكثر منه حنكة لحياكة تحالفات تمتد على جميع قارات العالم، وان كان يتكىء بشكل رئيس على كتلة صلبة جدا من الاصوات في قارتي آسيا وأفريقيا تمكنه من التفوق على أي مرشح أوروبي يقد يبادر الى ترشيح نفسه في الايام القليلة المقبلة. العقدة تكمن في أن القارة الاوروبية لا تزال عاجزة عن ايجاد شخصية يمكنها الدفع بها لمنافسة بلاتر بعد ان تجنب بلاتيني خوض معركة خاسرة، لكن بدأت تصح الاخبار التي ترددت في الآونة الاخيرة ان الاوروبيين يتجهون لدعم مرشح عربي آسيوي . المعطيات تختلف تماما بوجود مرشح عربي القارة الآسيوية في انتخابات الفيفا، تبقى دون حدود خلع بلاتر عن عرشه، فستربك خطوطه الخلفية وتسحب منه أصواتا كثيرة في القارتين اللتين يعول عليهما، وهو هدف الاوروبيين الذين يريدون إضعاف بلاتر بشتى الطرق. استبق المحنك السويسري الامور الصيف الماضي، فحضر كونغرس الاتحادين الآسيوي والافريقي على هامش كأس العالم ونال دعما قويا منهما، كما انه يشبك علاقات قوية مع اتحادات الامريكيتين الشمالية والجنوبية واوقيانوسيا، ولم يكن الامر خافيا على بلاتيني الذي فهم الرسالة تماما وحيد نفسه في انتظار الولاية المقبلة في 2019. المؤشرات الحالية تصب جميعها في خانة فوز بلاتر، وخاصة في الدول العربية الاسيوية، فالشيخ أحمد الفهد الصباح صاحب الباع الطويل في لعبة الانتخابات أعلن بوضوح انه ملتزم بدعم بلاتر، والشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الاسيوي لكرة القدم أكد بدوره انه يدعم بلاتر ، وخرجت أصوات كثيرة من دول مثل السعودية وقطر ايضا تؤكد ان بلاتر هو الافضل للمرحلة الحالية وانه ناصر قضايا العرب من الوقوف في وجه الحملات ضد مونديال قطر 2022 وإعلان موقف قوي تجاه اعتداء الاحتلال الاسرائيلي على مقر الاتحاد الفلسطيني، وتلميحه الى امكان زيادة مقاعد القارة الآسيوية في نهائيات كأس العالم. وفي مطلق الاحوال. لا يروق الامر للاوروبيين وبعض الشخصيات الاخرى من امريكا الجنوبية، وأمامها أقل من شهر للدفع بشخص يملك مواصفات جيدة لاختبار القوة حتى وان لم يفز ، لانه حسب قوانين الفيفا فان المرشحين يجب ان يقدموا طلباتهم قبل أربعة اشهر من موعد الانتخابات، اي ان التاسع والعشرين من الشهر الجاري هو الموعد الاخير لاعلان الترشيحات. وينافس بلاتر حتى الساعة أحد مساعديه السابقين الفرنسي جيروم شامبين، لكنه لا يشكل خطرا عليه على الاطلاق، وهو كان اعلن بنفسه ان فرصته معدومة امامه، ثم جاء ترشيخ الأمير علي ليرفع حرارة المشهد. وتؤكد تجارب الماضي ان بلاتر لا يهزم، فقد أطاح بالسويدي لينارت يوهانسون عام 1998 والذي كان رئيسا للاتحاد الاوروبي في ذلك الحين، وبالكاميروني عيسى حياتو رئيس الاتحاد الاوروبي. وقد تكون من دون جدوى محاولة تكرار ما حصل قبل الانتخابات الماضية في 2011 الذي ترشح لها القطري محمد بن همام وهو على رأس الاتحاد الآسيوي قبل ان يوقف مدى الحياة من قبل الفيفا بسبب ادعاءات دفع رشاوي، ففاز بلاتر بالتزكية . ولا يزال التشيلي هارولد ماين نيكولز الذي ترأس لجنة التفتيش التابعة للفيفا لتفقد ملفات تسع دول ترشحت لاستضافة كأس العالم عامي 2018 و2022 مترددا في إعلان ترشيحه رسميا، مع انه المح الى اهتمامه بالامر، وربما يكون خطر السقوط المدوي أمام بلاتر العائق الرئيس، خصوصا ان لجنة الاخلاقيات في الفيفا تحقق معه بسبب تهم عن أمور غير سليمة تعود الى تقديم الملفات المذكورة، ويؤكد نيكولز انه لم يقم بأي أمور خاطئة وان التحقيقات الجارية معه لن تؤثر على قراره في الترشح. وفي ظل هذا العجز الاوروبي عن ايجاد مرشح من داخل القارة لمواجهة بلاتر، ظهرت الى العلن أخيرا فكرة جديدة تقول بالسعي لترشيح شخص عن كل قارة بما يؤدي الى سحب أصوات من بلاتر ، الذي يواجه مشكلات كثيرة حاليا خاصة بعد استقالة رئيس لجنة التحقيق في ملفي 2018 و2022 الامريكي مايكل غارسيا من منصبه احتجاجا على عدم نشر تقريره المؤلف من 430 صفحة أمام الرأي العام. يدنو العجوز من الثمانين، وبالتحديد فانه سيبلغ التاسع والسبعين بمارس المقبل، وبفوزه بولاية جديدة، فانه سيمضي على رأس جمهورية الفيفا 21 عاما، في حال لم يصبه أي مكروه . الأمير علي بن الحسين