أوضح الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، أن المملكة - كما هو الحال في الدول المعتمدة على الإرادات النفطية - ستواجه بعض التحديات خلال الفترة المقبلة، ما يتطلب إجراءات احترازية واستباقية، ومواصلة برامج الإصلاح والتنويع الاقتصادي، وتوسيع قائمة الإرادات العامة وترشيد الإنفاق وتعزيز كفاءته وفعاليته. وبين الدكتور العساف، أن ذلك يأتي استمرارا لتحفيز نشاط القطاع الخاص خارج القطاع النفطي ورفع معدلات نمو التشغيل. كما أن انخفاض أسعار النفط يمثل تحديا للدول المصدرة ومنها المملكة، كما أن آفاق الاقتصاد العالمي تواجه عددا من المخاطر التي تضمنت التوترات السياسية، والاضطرابات الأمنية، ومخاطر الركود، وزيادة حدة التقلبات في أسواق المال الدولية. وقال خلال افتتاحه مؤتمر اليورومني أمس في الرياض: إن تلك الأمور أتت نتيجة لحدوث تحول في تقييم المتعاملين في الأسواق بمخاطر الاستثمار في الأصول المالية، خاصة إذا ارتفعت أسعار الفائدة في أمريكا على نحو أسرع، وبدرجة أكبر من المتوقع، مع إعادة السياسة النقدية إلى وضعها الطبيعي في ظل تعافي معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي. وبين الدكتور العساف، بقوله: «رغم كل ما أشرت إليه، إلا أنني أميل إلى التفاؤل بأن الاقتصاد العالمي بدأ يخرج من الوضع الحالي المتسع للنمو المنخفض ومخاطر الانكماش الحاد. كما أن المؤشرات من أوروبا واليابان بالذات متفائلة، إلا أنه لا يتوقع عودة قريبة لمستوى النمو العام الذي اتسم به العام الماضي». وأضاف: «نجتمع هذا اليوم والمملكة تشهد تطورات في غاية الأهمية على المستويين السياسي والاقتصادي بقيادة خادم الحرمين الشريفين، الذي كان آخرها مبايعة الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد، والأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد. كما شهدنا قبل ذلك عددا من القرارات التنظيمية في المجال الاقتصادي والسياسي والأمني». واستطرد بقوله: «يتمثل ذلك في تركيز القرارات في مجلسين، هما: مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كبديلين عن الكثير من المجالس واللجان، وهذا من شأنه أن يمكن من الإسراع في اتخاذ القرار، ويضيف لجهود الحكومة المزيد من سهولة أداء الأعمال لتعزيز البيئة الجاذبة للاستثمار». وأشار الدكتور العساف، إلى بعض من القضايا التي تحظى باهتمام ومتابعة، وقال: «فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، فقد استمر التعافي خلال العام الماضي، وإن كان النمو لا يزال متوسطا ومتباينا بين الدول والأقاليم المختلفة. وعلى الجانب الآخر استمر التباطؤ في معدلات نمو الاقتصاديات الناشئة وعلى رأسها الصين، فضلا عن تأثر عدد من الاقتصاديات الناشئة الأخرى بتراجع أسعار السلع الأولية. ورغم ذلك فقد أسهمت مجموعة الاقتصاديات النامية والناشئة بنحو ثلاثة أرباع نمو الاقتصاد العالمي في عام 2014م. وعلى المستوى الإقليمي، بين أنه رغم التحسن النسبي لمعدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2014م مقارنة بالعام الذي سبقه، إلا أن معدل نمو الاقتصادية في المنطقة مازالت ضعيفة متأثرة بالتطورات الأمنية والسياسية في عدد من المناطق. واستعرض وزير المالية أبرز التطورات الاقتصادية والمالية على المستوى المحلي، مبيناً أن الاقتصاد السعودي شهد معدلات نمو قوية خلال السنوات الخمس الماضية الأخيرة، بلغت نحو 5% في المتوسط سنوياً. وجاء هذا النمو على خلفية التوسع المستمر في الأنشطة الاقتصادية في القطاعات غير النفطية في معدلات نمو سنوية فاقت 5%. وأبان، أن ذلك أسهم في تعويض كثرة التقلبات في معدل نمو القطاع النفطي على أداء الاقتصاد الكلي، كما أثمرت جهود الدولة المستمرة في تطوير الشراكة مع القطا ع الخاص وتوفير البيئة المناسبة للاستثمارات الخاصة في تحقيق معدل نمو لناتج القطاع الخاص ضمن القطاعات غير النفطية تراوحت بين 6و8 % خلال السنوات الخمس الماضية. ووصل نصيب ناتج القطاع الخاص إلى نحو 70% من ناتج القطاعات غير النفطية، التي بدورها تشكل نحو 56.05 من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 م. ومن العوامل التي ساعدت على هذا النمو الفرص المتاحة التي صاحبت الإنفاق الحكومي على مشاريع وبرامج التنمية والبنية الأساسية. وبلغ عدد عقود المشاريع الحكومة التي طرحت خلال عام 2014م بما في ذلك المشاريع الممولة من فوائد إرادات الميزانيات السابقة 2572 عرضا بقيمة إجمالية 49 مليار دولار أمريكي. وبين الدكتور العساف، أن ميزانية الدولة جاءت لعام 2015 لتؤكد الارتباط الوثيق بين توجهات الإنفاق العام وأهداف وأولويات خطط التنمية مع العمل على تفادي التأثيرات السلبية الكبيرة لتقلبات أسعار النفط. وساعد في ذلك الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الأعوام الماضية لتقوية وضع المالية العام وتعزيز المالية لخفض الدين العام، حيث استمرت الميزانية العامة للعام المالي الحالي في تركيزها على برامج التنمية ذات الأولوية. وفيما يتعلق بالقطاع المالي بشكل عام، ذكر أن المملكة تواصل تعزيز هذا القطاع، حيث استمر نمو القطاع المصرفي، وواصلت مؤسسة النقد جهودها لتعزيز متانته. كما تواصل هيئة السوق المالية العمل على تطوير وتعميق السوق المالية، وتم مؤخراً الموافقة على فتح المجال للمؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة، وكذلك تشجيع قطاع السندات والصكوك بجانب الأسهم لتنويع أدوات الاستثمار وفرص التمويل. وأفاد: «نحن متفائلون بمستقبل سوق الصكوك والسندات في المملكة، ما سيفتح آفاق جيدة لمنشئات القطاع الخاص لتمويل مشاريعها وتوسيعها في ظل توفر السيولة في السوق المحلي وتزايد إقبال المستثمرين. مبيناً أن انعكاس تلك التطورات الإجابية أبقت وكالة موديز العالمية التصنيف الائتماني في مطلع شهر أبريل الماضي تصنيف المملكة السيادي عند درجة عالية». وأضاف: «حصلت السعودية على درجة aa3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، ويعد نجاح المملكة في الحفاظ على تصنيفها الائتماني المرتفع رغم انخفاض أسعار النفط انعكاس لسلامة السياسات الاقتصادية للبلاد، ومكانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة التقلبات الدولية». الدكتور إبراهيم العساف خلال افتتاحه مؤتمر اليورومني