قليل الكلام كثير الأفعال.. هذا هو حال سمير هلال مع الفرق التي يتولى تدريبها حتى يضمن تحقيق النجاح الكامل. رجل يرفض الحديث حتى في أبسط الأمور، فعندما تتصل به للإدلاء برأيه في موضوع معين أو أخذ تصريح خاص منه تراه يعتذر لك في أدب جم مبرراً اعتذاره بأن الوقت لم يحن بعد للكلام، فهو لا يخرج للحديث في وسائل الاعلام إلا مع نهاية الموسم وبعد تحقيق مبتغاه مع الفرق التي يتولى تدريبها. «الصمت الرهيب» ما يؤكد السياسة التي انتهجها سمير هلال لنفسه في عالم التدريب انه عندما تضع اسمه في محرك البحث «قوقل» ستجد ان آخر تصريح طل به هلال على وسائل الاعلام كان عند توقيع عقد تدريب فريق النهضة في الصيف الماضي، من بعدها التزم الصمت وتفرغ للعمل على تطوير فريقه لتحقيق حلم الصعود مع مارد الدمام الذي بات قاب قوسين أو أدنى من العودة لدوري جميل مرة أخرى. حينها أكد المدرب الوطني سمير هلال في المؤتمر الصحفي الذي عقد في النادي بعد الانتهاء من توقيع العقد بشكل رسمي «أن العمل في نادي النهضة تحد جديد بالنسبة له لتكرار التجربة الناجحة التي خاضها الموسم الماضي بنادي الخليج والتي حقق من خلالها الصعود لدوري عبداللطيف جميل للمحترفين». وأبان هلال «أن دوري الدرجة الأولى يعتبر دورياً صعب المراس وله أجواء خاصة، والتنافس فيه في الغالب لا ينحصر على فريقين وأقل بينما تكون المنافسة شرسة بين غالبية الفرق وهذا ما يزيد من صعوبته». واختتم هلال حديثه في المؤتمر حينها قائلا: «انه سوف يبذل قصارى جهده لتحقيق الأهداف التي اتفق مع أعضاء مجلس الإدارة عليها وأهمها الصعود والعودة مجددا لدوري عبداللطيف جميل للمحترفين». وها هو سمير هلال يقترب من الوفاء بوعده للنهضاويين، وبات على مقربة من العودة لدوري الكبار. «اختيار موفق» وضح جلياً للعيان أن اختيار سمير هلال لتدريب النهضة كان اختياراً موفقاً، حيث نجح الفريق تحت قيادته في تصدر دوري الدرجة الأولى منذ بدايته حتى الآن، وبالرغم من فقدان الفريق النهضاوي الصدارة في مراحل قليلة إلا أنه ظل على مقربة منها، ولم يبد سمير هلال تخوفه من عدم الصعود ولم يطلق لسانه ليخرج بتصريحات رنانة من عينة الوعيد والتهديد للفرق المنافسة، وواصل سياسة العمل في صمت واستطاع أن يعيد عربة المارد إلى سكة الانتصارات مجدداً ليستعيد بها صدارة الاولى. «لغة الارقام» إدارة النهضة هي الأخرى تعاملت باحترافية مع سمير هلال لا تقل عن الاحترافية التي يتعامل بها الأخير مع لاعبيه أولاً ومنافسيه ثانياً، ولم يزعزع فقدان الصدارة ثقتها بالمدرب، بل جددت الثقة به وبامكاناته الفنية. وعلى الرغم من أن لغة الأرقام تؤكد أن النهضة في طريقه للصعود منذ وقت مبكر، إلا أن سمير هلال كان يرفض دوماً استباق الأحداث حتى أنه كان يرفض الاحتفال بالانتصارات التي يحققها فريقه، طاوياً صفحة الجولة السابقة ليفتح صفحة الجولة التي تليها، محذراً لاعبيه من الثقة المفرطة أو الاستهانة بالخصم مهما كانت ظروفه، ولعب النهضة تحت قيادة هلال 26 مباراة فاز في 16 منها وتعادل في 6 مناسبات، بينما تلقى الخسارة في 4 مباريات، وسجل لاعبوه 43 هدفاً وولج شباكه 26 هدفاً. نتائج سمير هلال هي دائماً من تتحدث عنه، فهو مقل في أحاديثه، حتى ان تحدث فلا يبالغ في أقواله، وتجده يقف على أرض الواقع ويتعامل مع الامكانات المتاحة لديه ويحاول تحقيق النجاح بها بعيداً عن الأجواء الصاخبة والشو الاعلامي. «انكار الذات» ويعرف سمير هلال بانكار الذات ودائما يعيد الفضل الى أصحابه، فعند الفوز يرجعه إلى اللاعبين وإلى المنظومة بشكل كامل؛ لانه يؤمن ان كرة القدم لعبة جماعية لا يمكن لأحد أن يحقق فيها النجاح بمفرده، كما أنه لا يهرب من تحمل المسئولية في حالة الاخفاقات. وكان سمير هلال يلعب في مركز الوسط المتأخر «المحور»، وبدأ هلال مسيرته مع الاتفاق في عام 1405ه كلاعب في درجة الشباب وانضم لمنتخب الشباب في فترات متقطعة وهو الحال مع المنتخب الأول. «تلميذ الأيقونة» ويعتبر سمير هلال أحد تلاميذ «أيقونة» الاتفاق المدرب القدير خليل الزياني، فهو تتلمذ على يديه عندما كان لاعباً في الفريق الاتفاقي، ويدين سمير هلال بالفضل للمدرب الكبير خليل الزياني الذي صعده للفريق الأول واعتمد عليه في التشكيلة الأساسية طويلاً حتى أضحى ركيزة مهمة في خارطة الفريق الاتفاقي خاصة في التسعينيات الميلادية. وأشاد المدرب الوطني خليل الزياني أكثر من مرة بقدرات سمير هلال كلاعب وذلك من خلال تصريحاته بعد المباريات، وكان يشيد بعطاءاته داخل الملعب من خلال تنفيذ ما يطلب منه من تعليمات وكان بمثابة حلقة وصل بين خطي الدفاع والهجوم. وكان هلال بمثابة المدرب داخل الملعب، من خلال تمتعه بعقلية المدرب وتوجيه زملائه اللاعبين. وأسهم هلال في تحقيق أكثر من بطولة مع الفريق الاتفاقي أهمها: لقب الدوري السعودي الممتاز سنة 1408ه، بطولة مجلس التعاون الخليجي بالشارقة سنة 1408ه، بطولة الأندية العربية 1408ه، وكأس الأمير فيصل بن فهد 1410ه. هجر سمير سليمان هلال، مواليد 1387ه مدينة الدمام، كرة القدم في عام 2001، عندما أعلن اعتزاله ليتجه إلى الوجه الآخر في الساحرة المستديرة وهو عالم التدريب. «احتراف التدريب» بعد اعتزاله الكرة توجه لمجال التدريب وعمل ضمن الأطقم الفنية في نادي الاتفاق بالتواجد كمساعد لاكثر من مدرب للفريق الاتفاقي، كما عمل مدرباً للفريق الأولمبي بنادي الاتفاق حتى اتخذ قرار العمل كمدير من خلال تدريب فريق الخليج. سمير هلال لم يعتمد على خبراته الطويلة في عمله التدريبي، بل حرص على ثقل هذه الخبرات من خلال الدراسة بالحصول على أكثر من دورة تدريبية كان أهمها حصوله على شهادة دورة دبلوم المدربين المحترفين والتي يشرف عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» وتقام تحت مظلة الاتحاد الآسيوي. ويعد دبلوم المدربين المحترفين أعلى شهادة تدريبية في آسيا، حيث تخول للمدرب الحاصل عليها تدريب أي فريق محترف في العالم، علما بأن مدتها سنة وخمسة أشهر تنفذ على ست مراحل متفرقة ويشرف عليها المحاضرون المعتمدون من الاتحاد الدولي لكرة القدم. «صدفة مثيرة» من الصدف المثيرة للاستغراب أن سمير هلال تبادل الأدوار مع المدرب التونسي جلال قادري الذي أخذ مكان سمير هلال في الخليج، بينما احتل الأخير مكان قادري في النهضة، لكن هلال نقل نجاحاته للمارد بينما أخذ قادري معاناة النهضة في الموسم الماضي معه إلى الدانة. ولا يقتصر ابداع سمير هلال على التكتيك داخل الملعب، بل انه يجيد التخطيط بعيداً عن المستطيل الأخضر من خلال ابداعه كمحلل فني في القنوات الفضائية، وايضاً ابداعه ككاتب مقال.