قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في جلسته الأخيرة في الرابع من فبراير الجاري، بإنهاء برنامج الاستدامة المالية، يعطي مؤشرًا مهمًا على مسار برامج رؤية السعودية 2030، ويعد حدثا تاريخيا في عمر الرؤية، بعد أن أسهم في رفع كفاءة الإنفاق، وتنمية الإيرادات وقدرات التخطيط، وتهيئة المالية العامة للتغيرات الهيكلية والإصلاحات الاقتصادية المرتبطة الرؤية، التي عززت من قوة المركز المالي للحكومة ومتانة الاقتصاد السعودي، حيث حظي ذلك بإشادة مجلس الوزراء الموقر هذا الأسبوع. وهنا تبرز أهمية البرامج التحويلية للرؤية التي يقودها سمو ولي العهد -حفظه الله-، في إعادة هيكلة القطاعات، ووضعها على المسار الصحيح، لتكون مخرجاتها ونجاحاتها منهج عمل أساسي للمنظومة الحكومية. وهذا أيضا تأكيد على أن البرامج والمبادرات بحد ذاتها وسيلة وليست غاية، فقد تم إنهاء البرنامج بعد اكتمال خطته التنفيذية في موعدها، وتحويلها إلى آليات وإجراءات ضمن العمل «الأصيل» لوزارة المالية ومختلف الجهات الحكومية، كما جاء في تعليق للبرنامج على القرار. ولعل أكبر أثر ملموس على أرض الواقع من هذا البرنامج، لنا كمواطنين هو قدرة المالية العامة على استمرار المشاريع التنموية بمختلف مستوياتها، والخدمات التي تمس المواطن بكفاءة عالية، مع ارتفاع جودتها، على الرغم من ظروف أسواق البترول العالمية على مدى السنوات الماضية، ولذلك لم نعد نشعر بتعثر مشاريع، أو تقليص إنفاق مفاجئ، أو توقف برامج تنموية. على صعيد المؤشرات يمكن الاستعانة بمؤشر العجز في الميزانية العامة للدولة، فعندما أطلق البرنامج في 2016 تحت مسمى «برنامج تحقيق التوازن المالي» كانت نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي تصل 15.8 %، ونجح في تخفيضها إلى نحو 2.3 % في 2024م. وهو من أهم المؤشرات التي ينظر لها على قدرة في جانب رفع كفاءة الإنفاق، أسس البرنامج هيئة مستقلة هي هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية. وسبق أن ذكر معالي وزير المالية محمد الجدعان في منتدى دافوس الشهر الماضي أن المملكة حققت 200 دولار مقابل كل دولار يتم إنفاقه، بعد أن كان المستهدف 100 دولار. كما يحسب للبرنامج تأسيس المركز الوطني لإدارة الدين، ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية، فالأول نجح تسهيل وصول المملكة إلى أسواق الدين بسلاسة، بالإضافة إلى قدرته على إدارة الدين العام للدولة وفق حوكمة معلنة وواضحة، والمحافظة على مستويات دين مستدامة، مدعومة بمستويات جيدة من الاحتياطيات الحكومية اللازمة، والثاني نجح في تنويع وتنمية واستدامة الإيرادات الحكومية، وبالتالي تحقيق واحد من أهم مستهدفات الرؤية وهو تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، إذ تكشف الميزانية الأخيرة للدولة أن الإيرادات غير النفطية قد بلغت 472 مليار ريال، ارتفاعا من أقل من 180 مليار ريال في 2016 عام إطلاق الرؤية. المالية العامة للدولة حاليًا قادرة بجدارة على التعامل مع التغير الشامل والهيكلي في الاقتصاد السعودي الذي يشكل ركنًا ثابتًا ضمن أكبر الاقتصادات في مجموعة العشرين العالمية.