شهدت طرق المنطقة الجنوبية خلال الشهور القليلة الماضية نزيفا لدماء قائدي المركبات على طرقها، حيث اختلفت أسباب الحوادث من سوء في تنفيذ الطرق وعدم وجود وسائل أمن وسلامة بمنطقة جازان، وقيادة الأحداث وصغار السن، إضافة لانتشار حركة الجمال السائبة على الطرق السريعة. ويأتي هذا بعد أن استنزفت طرق جازان أرواح عدد كبير من قائدي المركبات نتيجة انتشار الجمال السائبة وسوء القيادة من قائديها صغار السن، أو تسببهم في الحوادث بقيادة المركبات بسرعة عالية وتهور. وانتشرت ظاهرة قيادة المركبات من صغار السن والأحداث في الفترة الأخيرة بشكل كبير، حيث لا يكاد يخلو طريق رئيسي أو فرعي من صغير سن يقود مركبة وبسرعات عالية، دون وعي منه او تفكير، متسببا في مخاطر على حياته وحياة الآخرين من قائدي المركبات الذين يعبرون نفس الطريق؛ وذلك لتهور الطفل وعدم إلمامه بقيادة المركبات والأنظمة المرورية واحترام أحقية السير لمن هو بالطريق. وتعد منطقة عسير إحدى المناطق التي يقع بها نسبة كبيرة من هذه الحوادث، وتوضح الإحصائيات أنَّ المنطقة تشهد أعلى نسبة من حوادث السيارات مع الجِمال، وأيضا حوادث تصادم المركبات ببعضها. وأكد مرور منطقة عسير في احصائيات حديثة حصلت "اليوم" على نسخة منها، أن إحصائيات الحوادث المرورية في منطقة عسير خلال العام الماضي 1435ه وحتى الاشهر الأربعة الاخيرة من العام الحالي بلغت 40 الف حادث مروري نتج عنها وفاة 792 حالة وإصابة 2180 شخصا، كما بلغت إحصائية الحوادث التي نتج عنها وفيات (642) حادثاً، فيما بلغ عدد الحوادث التي نتج عنها إصابات 682 حادثاً، وعدد التلفيات حسب الإحصائية 29562. وأوضح مرور عسير أن الحوادث المرورية الناجمة عن السرعة الزائدة لقائدي المركبات في منطقة عسير بلغت 14730 حادثاً مرورياً، والتي تمثل ثلثي عدد الحوادث في المنطقة، إلى جانب الحوادث الناتجة بسبب الانشغال أثناء القيادة. من جهته، اوضح الناطق الإعلامي لهيئة الهلال الأحمر السعودي في منطقة عسير أحمد عسيري أن غرفة العمليات تلقت خلال الأشهر الأربعة الاولى من العام الجاري 1436ه، 9837 بلاغا تمت مباشرتها والاستجابة لها عن طريق فرق الهلال الأحمر في المراكز الإسعافية البالغ عددها 29 مركزا إسعافيا بمختلف مدن ومحافظات منطقة عسير، مضيفا: إن هذه البلاغات تنوعت ما بين بلاغات عن حوادث مرورية وإصابات متنوعة الأسباب وأخرى مرضية نتجت عن 10377 حالة. وبين أن الحوادث المرورية التي باشرتها الفرق الإسعافية في منطقة عسير خلفت 2530 حالة إصابة، ووفاة 98 حالة، كما بلغ عدد الحالات القلبية 199 حالة، وعدد حالات النساء والولادة 74 حالة، و220 حالة تعاني من أمراض نفسية، و3448 حالة لأمراض أخرى مختلفة. مشيرا إلى أن الفرق الاسعافية قامت بنقل 6210 حالات لمختلف المستشفيات بمنطقة عسير، وقد بلغ عدد الحالات التي تم التعامل معها وتقديم الخدمة الاسعافيه لها في الموقع وعدم نقلها 3971حالة، وأشار إلى أن مستشفى عسير المركزي استقبل العدد الاكبر من هذه الحالات، حيث بلغ عدد الحالات التي تم نقلها 1389حالة، يليه مستشفى خميس مشيط المدني والذي استقبل 739 حالة خلال هذه الفترة. ووجهت إدارة مرور عسير العديد من النصائح والإرشادات التوعوية والتثقيفية التي تهم قائد المركبة، ضمن فعاليات وبرامج أسبوع المرور الخليجي الموحد لعام 1436ه - 2015، تحت شعار «قرارك.. يحدد مصيرك» الذي تنظمه إدارة مرور المنطقة في جامعة الملك خالد بالقريقر. وفي جولة ل"اليوم" على طريق محافظتي العارضة أبوعريش، رصدنا تهورا لعدد كبير من الشاحنات على الطريق، حيث يعد الطريق هو الوحيد التي يربط هذه الشاحنات بالمواقع التي تبيع مواد البناء من مصانع "الكسارات" في جبال محافظة أبوعريش والعارضة، حيث يقوم قائدو هذه الشاحنات بقيادتها بسرعات جنونية إلى جانب عدم التزامهم بالأنظمة المرورية التي تساهم في التقليل من نسبة الحوادث المرورية، بل يقوم قائدو هذه الشاحنات بمزاحمة المركبات الصغيرة على مسارها متسببين في انحراف المركبات وحوادث قاتلة، في الوقت الذي يشهد الطريق تعثرا في ازدواجيته، حيث لا يمضي يوم دون وقوع حادث مروري على هذا الطريق. وكشف مسئول بمرور منطقة جازان ل"اليوم" أنه ربما يكون هناك نسبة من قيادة المركبات من قبل الأحداث أو غير المؤهلين لقيادة المركبات، بحسب السن القانونية للقيادة، أو عدم حملهم الرخصة في القرى النائية أو البعيدة عن إدارات المرور، وأن هذه الظاهرة ليست بالكثيرة في المدن والمحافظات، كما تشهدها هذه المواقع النائية، مبينا أنه في حالة ضبط الحدث يقوم بقيادة المركبة قبل حصوله على رخصة القيادة يطبق عليه نظام المرور بإعطائه مخالفة مرورية، وكذلك مخالفة مرورية لمن قام بتسليمه المركبة، وتتراوح هذه المخالفة من 100 ريال إلى 900 ريال كحد أقصى، ويتم حجز المركبة، وفي حالة تكرارها يتم إحالته لهيئة الفصل في المخالفات المرورية والمنازعات المرورية. وأوضح مدير إدارة مرور منطقة جازان العميد عبدالله القثامي أن دوريات المرور في المنطقة وعلى مستوى المحافظات باشرت عددا من الحوادث المرورية التي شهدتها طرق المنطقة، مبينا أنه وخلال الربع الأول من العام الحالي تسببت الحوادث المرورية في 125 حالة وفاة وإصابة 686 حالة إصابة. وفي سياق متصل، أكد عدد من المواطنين أن تأخر وتعثر عدد من مشاريع الطرق بمنطقة جازان كانت من الأسباب الرئيسية في كثرة الحوادث التي تشهدها المنطقة، مؤكدين أن الطريق الرابط بين محافظتي أبوعريش والعارضة وصِف بأنه من أخطر الطرق على مستوى المملكة، وليس على مستوى منطقة جازان فقط أو الجنوبية، مبينين أن عدم متابعة المشاريع ومعاقبة المتعثرين من المقاولين الذين ينفذون مشاريع الطرق بالمنطقة ساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة تعثر المشاريع، وهو ما انعكس سلبا على قائدي المركبات والعابرين على هذه الطرق التي تسببت في إزهاق أرواح كثير من المواطنين، ولا تزال مستمرة في إراقة دماء عابريها. وقال المواطن ناصر خنين: إن انتشار الجمال السائبة على الطرق السريعة والتي تربط بين المحافظات والمناطق كان لها دور كبير في إضافة عدد كبير من الوفيات جراء تعرضهم لحوادث الاصطدام بها؛ وذلك لانتشارها على الطرق الساحلية والمناطق التهامية في منطقة عسير.