أكد تقرير حديث أن من المستبعد تراجع أسعار النفط إلى المستويات السائدة دون أن تجلب معها تأثيرات إيجابية أو سلبية على كافة الأنشطة المالية والاقتصادية، في مختلف دول العالم، وذلك بالاستناد إلى الخبرات والتجارب السابقة، حيث إن الانخفاض على أسعار النفط سيحمل معه معطيات وتطورات إيجابية للسلع والخدمات والأصول المتداولة، بالإضافة إلى تأثيراته الإيجابية على وتيرة النشاط التجاري حول العالم؛ كونه يشكل المكون الأكثر تأثيراً على أسعار السلع والخدمات وعلى تكاليف الإنتاج على اختلاف أنواعه ومواقعه. وأوضح التقرير الصادر عن «نفط الهلال»، أنه بات واضحا تباين قدرة الدول على الاستفادة من الوضع القائم لدى أسواق النفط؛ نظرا لدرجة التسارع المسجلة وعدم القدرة على توقع مسار الأسعار وطبيعة الخطوات التي ستتخذها الدول المنتجة في سبيل حماية مصالحها إذا ما تدنت الأسعار أكثر. وتنشط في الآونة الأخيرة نشاطات التخزين ورفع الاستثمارات في هذا القطاع وبشكل خاص لدى الصين، التي تحاول تعظيم الاستفادة من الأسعار المنخفضة؛ لرفع قدراتها التخزينية، حيث تشير البيانات المتداولة إلى أن الصين تتجه لزيادة الاحتياطي النفطي الإستراتيجي إلى ما يعادل واردات 90 يوما بدلا من 30 يوما حاليا. ويأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه شركات التخزين رفع طاقة الصهاريج التجارية بنسبة تصل إلى 10%، من خلال القيام بتخزين كميات كبيرة من الخام بالأسعار السائدة، وذلك للاستفادة من الطلب المتوقع خلال الفترة القادمة، يذكر هنا أن الصين تتجه حاليا إلى جذب المزيد من المستثمرين؛ لتعزيز المعروض في ظل تزايد اعتمادها على الواردات، بالإضافة إلى السماح للشركات المستقلة بإدارة مواقع تخزين النفط الخام، فيما يتوقع أن تزداد وتيرة التخزين على مستوى العالم عند المستويات الحالية للأسعار ومستوى الطلب الحالي والمتوقع، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تسجيل انخفاضات أخرى على الأسعار. وفي السياق، فمن الملاحظ أن التأثيرات السلبية التي يحملها تراجع أسعار النفط ستمتد إلى كافة دول العالم، وفي مقدمتها منطقة اليورو، حيث يتوقع أن تتجه نحو انكماش الأسعار والى تباطؤ ملموس على معدل التضخم لدى الكثير من دول العالم الصناعية مع رصد مسار انكماش على الأجور وبداية تراجع على أسعار الأصول، حيث تشير البيانات المتداولة إلى تسجيل انخفاض على أسعار المنازل لدى كل من الصين واليابان ومنطقة اليورو، الأمر الذي يؤثر وبشكل مباشر على قرارات الاستثمار والمستثمرين حول العالم، ويجعلها أكثر تحوطا للمخاطر المحيطة، فيما تقود هذه المؤشرات في حال استمرارها الاقتصاد العالمي نحو فترة طويلة من الانكماش، وهذا يعني أن التأثير الايجابي لانخفاض أسعار النفط على النمو سيكون سلبيا، الأمر الذي يتطلب خطط تحفيز نوعية من قبل الحكومات تعمل على رفع الطلب الاجمالي؛ تفاديا للدخول في حالة الانكماش. ومن الملاحظ أن كافة التوقعات والتقديرات المحيطة ترجح تجاوز التأثيرات السلبية التأثيرات الإيجابية للتراجع المسجل على معدلات النمو للاقتصاد العالمي على الرغم من حدوث تطورات إيجابية هنا وهناك.