فيما ألقى أحد مؤسسي مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، ممن شاركوا في 1970 بصدور أول عدد منها، باللوم على مدير تحريرها، واتهمه بأنه جر زملاءه إلى القتل، ممن قضى معه منهم 11 آخرين من رساميها والعاملين فيها منذ أسبوع. قال الرئيس الفرنسي إن المسلمين هم "أول ضحايا التعصب والتطرف وعدم التسامح" في العالم، ووعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الامريكي باراك اوباما بتشكيل جبهة موحدة ضد المتشددين بعد اعتداءات في فرنسا، وقالت وسائل إعلام فرنسية إن سائقا دهس شرطية عمدا فأصابها خارج مقر إقامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بوسط باريس مساء الأربعاء، وقال مراسل تلفزيون بي.اف.أم إن السيارة كانت تسير عكس الاتجاه في طريق من اتجاه واحد وإن شخصين اعتقلا، وقالت التقارير إنه ليس من الواضح ما إذا كان الحادث مرتبطا بالهجمات. "عنيد وأبله" وقال هنري روسل، أحد مؤسسي المجلة، وعمره الآن 80 سنة، إن مدير التحرير ستيفان شاربوتييه، الشهير بلقب "شارب" اختصاراً، هو المسؤول عن مقتلهم؛ "لإفراطه باستخدام رسوم (كاريكاتير) استفزازية بتهور، وباستصغار لعواقبها على زملائه في المجلة" على حد ما كتب في مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" بعددها الذي صدر هذا الأسبوع. وأشار روسل في الأسبوعية الفرنسية إلى قرار ستيفان بنشر رسومات كاريكاتير مسيئة للرسول الأعظم في 2011 على غلاف "شارلي ايبدو" بأنه عرّض المجلة إلى مخاطر، وما كان عليه أن يقوم بذلك، لكنه أعاد الكرة ثانية في سبتمبر 2012 ونشر رسوماً مسيئة أيضاً" بحسب ما نقلت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية عن المجلة الفرنسية. ومع أن روسل وصف مدير التحرير القتيل بأنه "شاب رائع" إلا أنه أضاف أنه "عنيد وأبله"، وهي عبارات استشاط لها محامي "شارلي ايبدو" ريشار مالكا، فكتب إلى "نوفيل أوبسرفاتور" يعاتبها، قائلاً إن "شارب" لم يدفن بعد، وأنتم لم تجدوا إلا سموماً لنشرها عنه" في إشارة منه إلى ما قاله روسل عن مدير التحرير القتيل. وردت "لو نوفيل أوبسارفاتور" بالسلاح الذي تستخدمه "شارلي إيبدو" لتبرير نشرها لرسومات مسيئة للرسول، وهي حرية التعبير، فقالت إنها تسلمت المقال (من روسل) وبعد درسه والتداول بشأنه "قررنا نشره عملاً بحرية التعبير" أيضاً. المسلمون أول الضحايا وفي السياق، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس أن المسلمين هم "أول ضحايا التعصب والتطرف وعدم التسامح" في العالم. وقال هولاند في كلمة ألقاها في معهد العالم العربي في باريس إن "الإسلام الراديكالي تغذى من كل التناقضات وكل التأثيرات وكل البؤس وكل التباينات وكل النزاعات التي لم تلق تسوية منذ زمن طويل". زرع بذور الفتنة من جهته، انتقد وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني ناصر جوده ما قامت به مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة من نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة في عددها الذي صدر مؤخرا. وقال جودة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مساء الأربعاء :"إننا نذهب إلى فرنسا للوقوف ضد التطرف والإرهاب والكراهية ولندعم مسلميها ومجلة شارلي إبدو تسيء وتزرع بذور الفتنة من جديد". مظاهرة وتظاهر مئات الأشخاص في العاصمة الموريتانية نواكشوط؛ احتجاجا على نشر صحيفة شارلي ايبدو الساخرة الفرنسية، رسوما للنبي محمد على صفحتها الأولى في عددها الأخير، حسب ما أعلنت مصادر متطابقة. ورفع المتظاهرون يافطات كتب عليها "إلا النبي محمد" و"لست شارلي ايبدو" و"لا لشتم معتقدنا". وقالت وكالة الخبر الخاصة التي بثت صورا للمظاهرة إن المسيرة التي جاءت بدعوة من نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، انطلقت من وسط نواكشوط باتجاه السفارة الفرنسية أي على بعد 3 كلم. وأكد المنظمون أن المظاهرة هي "التحضير لمظاهرة ضخمة مقررة الجمعة" بعد صلاة اليوم الجمعة. وعد "أوباما وكاميرون" إلى ذلك، وعد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الامريكي باراك اوباما بتشكيل جبهة موحدة ضد المتشددين بعد اعتداءات في فرنسا وذلك في مقال نشر مساء الأربعاء. وعشية زيارة كاميرون لواشنطن، كتبا إن الأمن ضروري لصحة الاقتصاد، وان بلديهما سينسقان من أجل دحر الإرهاب. وجاء في مقالهما الذي نشر في عدد الخميس من صحيفة التايمز البريطانية ونشرته الصحيفة على موقعها الإلكتروني مساء الأربعاء "سوف نواصل العمل معا ضد الذين يهددون قيمنا وطريقة حياتنا". وأضافا "عندما تعرضت الحريات التي نتقاسمها لاعتداء شنيع في باريس، رد العالم بصوت واحد". وأوضحا "سوف ندحر هؤلاء القتلة المتوحشين وفكرهم الذي يحاول تبرير قتل أبرياء". لا لإهانة المعتقدات من جهته، قال بابا الفاتيكان، قبل وصوله إلى مانيلا، أمس: إن حرية التعبير هي "حق أساسي" لكنها لا تعني "إهانة معتقدات الآخرين"، وذلك رداً على سؤال حول رسوم صحيفة شارلي ايبدو. وقال البابا، خلال مؤتمر صحافي في الطائرة التي كانت تقله من كولومبو إلى مانيلا: "لا يمكن استفزاز أو إهانة معتقدات الآخرين، أو التهكم عليها". ومع تأكيده أن حرية التعبير "حق أساسي" إلا أنه قال: إنها يجب أن تمارس "من دون إهانة" الآخرين. إدانة ودان مفتي البوسنة التي يمثل فيها المسلمون 40% من السكان، أمس، نشر رسم يمثل النبي محمداً الذي نشرته مجلة شارلي ايبدو، الأربعاء واعتبره "بغيضاً". وقال المفتي حسين كافازوفيتش في بيان: "نندد بأشد العبارات إساءة استعمال حرية الكلمة والتعبير الفني المستعملة لإهانة الناس ومقدساتهم بشكل متعمد". وأدان المفتي، الأسبوع الماضي، الاعتداء على الصحيفة الفرنسية مؤكداً بالخصوص أن "الحرية (...) أقوى من الخوف وبالتالي لا تقهر". وأضاف بيان المفتي، أن الهدف من "نشر تلك الرسوم الجديدة هو التجسيد البغيض للوجه الجليل للنبي محمد". كما ندد البرلمانيون الباكستانيون، أمس، بالإجماع بنشر مجلة شارلي ايبدو الفرنسية مجدداً رسماً يمثل النبي محمداً، اعتبروه "تجديفاً". واشتدت الانتقادات في الصحافة الشعبية بلغة الأوردو وهي محافظة وقومية أكثر من التي تصدر باللغة الانكليزية الموجهة بشكل خاص إلى النخب والطبقة المتوسطة العليا. وندد العديد من الصحف الصادرة بالأوردو بما اعتبروه "إهانة" للنبي محمد، وهو أمر يعتبر جريمة يعاقب عليها قانون يعاقب جرائم الكفر والتجديف بالإعدام. وغداة صدور العدد الجديد من شارلي ايبدو، وعلى صفحته الأولى رسم للنبي محمد دامعاً، دان البرلمانيون في قرار "الرسوم التجديفية" في الصحيفة الفرنسية وغيرها في كبرى العواصم الغربية. وجاء في نص القرار، أن "الجمعية تعتقد بصدق أن حرية التعبير لا تعني التهجم أو صدم مشاعر الناس والمعتقدات الدينية"، منددا بأعمال "حاقدة" "متعمدة" و"خبيثة". وأعلن وزير الشؤون الدينية الفدرالي سردار يوسف، العضو في حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، أن "وسائل الإعلام التي نشرت تلك الرسوم يجب حظرها ويجب ضبط كل النسخ وحرقها". من جانبه، قال وزير النقل سعد رفيق، في مؤتمر صحافي: إن "على الدول الغربية ومجتمعاتها أن تعزل تلك العناصر التي تحيك المؤامرات باسم حرية الصحافة... وتريد إثارة صدام بين الحضارات" عبر "التلاعب بمشاعر المسلمين".