ضمن أنشطته المنبرية، استضاف نادي الأحساء الأدبي مساء الثلاثاء الماضي الناقد الدكتور أحمد سماحة في محاضرة بعنوان (موت الأدب بين الوهم والحقيقة)، حظيت المحاضرة بحضور جماهيري كبير من النقاد والأكاديميين وكتاب الرأي، وقدم لها عضو النادي الأدبي الكاتب الدكتور عبدالله العبدالقادر، الذي رحب بالمحاضر ورحب بالضيوف من خارج الأحساء، ثم عرج على التعريف بالمحاضر ودوره في إثراء الثقافة المحلية والعربية من خلال عمله وحراكه الثقافي وكتاباته الادبية والنقدية، ومن خلال احترافه العمل بالصحافة الثقافية والفكرية، ثم بدأ المحاضر بشكره للنادي الأدبي، وقال في بداية محاضرته: انه سيعمد الى طرح الأسئلة واثارة الفكر من خلال ما سيقدمه عن موت الأدب الذي قال به كما ذكر إلفين كارنان الذي أعلن هذا الموت، وقبله أعلن رولان بارت موت المؤلف، ومؤخرا تم إعلان وفاة الناقد. ثم تساءل المحاضر ماذا تبقى ليثير أسئلة بعد موت الثلاثة (الأدب والمؤلف والناقد)؟ مؤكدا أن الموت لا يعني الاندثار والنهاية، بل يعني أن هناك حياة سبقت هذا الموت، وأن هناك نتائج لهذه الحياة تبدو بعد الموت (أثرا)، ولكون الرسالة والمرسل لحقهما الموت، فإن الأسئلة تطرح من جديد هل سيكون متلقيا وماذا سيبقى منه. وقدم العديد من الشواهد من الادب الغربي والعربي وهيمنة مذاهب بعينها، مثل البنيوية ومن بعدها التفكيكة التي عملت علي تقييد الفكر والادب في دوائر هي الموت من وجهة نظره، بعد ذلك عرج سماحة على أزمة المصطلح في أدبنا العربي من خلال تجاربه التي عايشها من خلال خداع الترجمة، وأعلن تعاطفه مع كتاب موت الأدب الذي حكم حكما نهائيا بهذا الموت، رغم تقدم الحديث عن هذا الأمر في ستينيات القرن الماضي وانقلاب القيم الرومانتيكية بشكل كبير، وعزا ما يحدث على الساحة الأدبية من انحدار إلى ما سماه ب (الكولاج الثقافي) الذي يجده في الرسائل الجامعية والبحوث والأفكار التي قتلت روح البحث في التعليم، وأصبحت الرسائل مسخا ونسخا يكون به الباحث رسالته، ولا يتوقف الانحدار عند ذلك، بل يشمل شراء الرسائل وتناول ما طرحه رولان بارت عن موت المؤلف، وما تناوله جيرار جينيت وجوليا كريستيفا من افكار قادتهما الى البعد عن الادب. وقال سماحة: إن الأدب ودراسته أصبح محصورا في الجامعات مع عدم تجاهل الأوضاع الاجتماعية والثورة الإلكترونية، ثم عاد إلى التساؤل مرة أخرى هل هذه هي النهاية لعصر مفهوم القراءة والكتابة وهما جوهرالأدب؟ وبالعودة إلى الوراء رأى أن الأدب لدى العرب كان في بلاط الأمراء والملوك كرعاة، وعند الغرب كذلك كانت السلطة هي الراعية، أما الآن فهي معاناة للأديب لانتقال السلطة إلى القراء. وذكر سماحة أن الأدب - حتى الآن - لا يوجد له تعريف مع تعدد الكتب التي تحدثت عن ذلك، وذكر أن كارنان أعلن مسؤولية المؤسسة الأكاديمية عن تقييم الأدب، وأن الأدب في أواخر القرن العشرين أصبح الهجوم عليه ملحوظا وسقطت أقنعة كثيرة طالما شغلت الناس وتعددت النظريات، ومنها من يرى المؤلف مجرد فكرة كبارت ثم في البنيوية حيث تلاشى الفرد المبدع، وتأتي مرحلة جديدة هي مرحلة محاكمة الأدب، والأدب كما فعل جونسون في كتابه «المثقفون» ليجيء التغير التكنولوجي الذي يصاحبه ثورة ويتساءل ماذا صنعت الثورة التكنولوجية؟ ليطرح مجموعة من الوقائع والآراء عن فوضى النقد والابداع على اليشل ميديا وتلاشي ثقافة النخبة، كما عرج المحاضر بعد ذلك على التغير وسيادة المعنى، وختم محاضرته بسؤال هل موت الأدب حقيقه وفق ما طرح؟ أم وهم ربما يتحقق؟ وحفلت المحاضرة قبل نهايتها بالعديد من المداخلات التي شارك فيها مجموعة من الاكاديميين من الجانبين النسائي والرجالي، واتسمت بالجدية والاثراء، بعضها وافق الطرح وقدم رؤيته، وبعضها اكد عدم موت الادب، وكانت الحوارات ثرية قام المحاضر بالرد عليها، معربا عن سعادته بتحقق غايته من المحاضرة وهو طرح أسئلة جديدة والبحث عن إجابات. بعدها قام نائب رئيس النادي بتسليم المحاضر درعا تذكارية وشهادة تقدير له ولمقدم الأمسية الدكتور عبدالله العبدالقادر وبحضور الكاتب سالم اليامي. جانب من الحضور