أكد تقرير حديث تزايد التوقعات والتحليلات في الآونة الأخيرة ذات العلاقة بالمؤشرات الإيجابية التي ستحملها تطورات انخفاض أسعار النفط على اقتصاديات دول العالم، وبشكل خاص الدول النامية والتي تصاب بصدمات اقتصادية عميقة مع كل ارتفاع يحدث على أسعار النفط، الأمر الذي يجعلها تعيش في عجوزات على موازناتها السنوية بشكل دائم ومتراكم ودون وجود حدود نهائية في المنظور القريب. وأوضح التقرير الصادر عن «نفط الهلال» أن الانخفاض المتواصل على أسعار النفط ربما ينعكس إيجاباً على معدلات النمو الممكنة للاقتصاديات النامية وإيجاباً على الاقتصاديات المنتجة، على أساس أنها عانت وتعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة خلال الفترة الماضية، ويبقى الرهان هنا على مستوى الكفاءة الاقتصادية التي تتمتع بها الدول ذات العلاقة، ذلك أن انخفاض الكفاءة الاقتصادية لتلك الدول سوف يحرمها من إمكانية الاستفادة من التطورات المتسارعة التي تشهدها أسواق النفط من ارتفاع في المعروض وانخفاض متواصل على الأسعار. وبالاعتماد على الهيكل العام للمنتجين والمستوردين على المستوى العالمي، يلاحظ أن الكفة تميل لصالح الدول المستوردة كونها تستحوذ على الأغلبية، وبالتالي فمن المؤكد أن تراجع الأسعار سيؤثر على القوى الشرائية ويرفع مستويات الإنتاجية، ومن ثم تحقيق معدلات نمو جيدة، في حين ستخرج الكثير من الدول والتكتلات الاقتصادية من حالة العجز إلى حالة الفائض وهذا من الناحية النظرية على أقل تقدير، وضمن هذا المنظور سيكون لانخفاض أسعار النفط تأثيرات إيجابية على الدول الصناعية بالدرجة الأولى كون هذه الدول تتمتع بمناخات استثمارية متقدمة وقادرة على جذب المزيد تبعاً للنجاحات المحققة، وبالتالي زيادة فرص العمل وتتحسن معدلات النمو ويرتفع الفائض التجاري، وهذا يتناسب مع الوضع القائم لدى غالبية دول منطقة اليورو والتي سيساهم المستوى الحالي من الأسعار في سرعة تجاوزها لتداعيات الأزمة المالية التي لازالت مسيطرة على المشهد الاقتصادي العام. ويعكس القطاع الخاص استعداداً أكبر للاستفادة من الوضع القائم لدى أسواق الطاقة، وستكون شركات القطاع الخاص أكبر المستفيدين على المدى القصير والمتوسط وسيتم ملاحظة هذه التأثيرات على النتائج المالية وتعزيز المراكز المالية لهذا القطاع وبشكل خاص قطاع النقل والمواصلات والذي يستحوذ على نسبة مرتفعة من إجمالي الاستهلاك العالمي من النفط والغاز، والجدير ذكره هنا أن أهمية النفط والغاز على اقتصاديات الدول المستوردة، صناعية كانت أم مستهلكة، لم يتراجع على الرغم من الخطط والتحسينات المسجلة على كفاءة استخدام الطاقة وخطط تقليص الانبعاثات والتطورات المسجلة على معدلات إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، هذا وستكون التنافسية على المحك خلال الفترة القادمة لدى غالبية الدول الصناعية والتي تتسم بالإنتاج الكثيف كون النفط يدخل في كلفة إنتاجها ونقلها، وبالتالي فإن التراجع على أسعار النفط لا بد من أن يبدأ بالتأثير على الأسعار السائدة. في المقابل، ستتراجع قدرة الدول المنتجة للنفط على تعظيم الاستفادة من تراجع الأسعار، إذا ما بقيت خطط واستراتيجيات الإنفاق على حالها، وإذا ما بقي حجم الاستهلاك من النفط والغاز على حاله أيضا، في حين تبدو أن الظروف أصبحت أكثر نضجاً لدى الدول المنتجة للبدء بعمليات إصلاح جذرية على آليات الاستغلال والإنفاق، الأمر الذي يحمل في طياته تأثيرات إيجابية على اقتصاديات تلك الدول على المدى البعيد في ظل توافر الاحتياطات الكبيرة من النفط والغاز وبقاء الأسعار السائدة آمنة للموازنات حتى اللحظة.