إذا استمر فيروس إيبولا بمهاجمة سكان العالم بنفس المعدل الذي حققه في الفترة الأخيرة في غرب إفريقيا، ستحدث فوضى كبيرة تمتد لتطول العالم بأسره. قامت «المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها» في السادس والعشرين من أيلول (سبتمبر) بالتقدير أن الحالات في ليبيريا وسيراليون كانت تتضاعف كل 20 يوماً. من الناحية النظرية، إذا استمرت موجة انتشار فيروس الإيبولا بنفس الوتيرة، وهو أمر لن يحدث، فإن عدد الحالات سيتجاوز المليون بحلول شهر كانون الثاني (يناير)، و100 مليون بحلول شهر حزيران (يونيو)، ومليارا بحلول شهر آب (أغسطس)، قبل أن يُصيب كامل سكان العالم في وقت ما من الخريف القادم. للتذكير، هذا لن يحدث. الهدف من ذكر الأرقام عن النمو غير المُقيّد هو تسليط الضوء على الأمور المحتمل أن تحدث في الأسابيع والشهور القادمة التي من شأنها الحد من انتشار فيروس الإيبولا، وتخفيض منحنى نموه وفي النهاية التسبب بانتهاء هذه الموجة. وهذه تتراوح من الرعاية الأفضل إلى العزل الأكثر فعالية إلى الحقيقة البسيطة ان الأشخاص الذين تعرّضوا للفيروس لكن لم يموتوا سيقومون باكتساب المناعة من المرض. يقول جيفري شامان، وهو أستاذ مشارك لعلوم الصحة البيئية في كلية ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا: «سينتهي الوباء ويتوقف عن الانتشار. لكننا لا نستطيع الآن أن نحدد بالضبط متى سينتهي الوباء». إليك الحسابات وراء فيروس إيبولا: المتغيّر الحاسم هو ما يسميه علماء الأوبئة الرقم التكاثري الأساسي، وهو عدد الإصابات الثانوية التي يُمكن توقّع إنتاجها من إصابة نموذجية واحدة، على افتراض وجود عدد سكان يكون الجميع فيه عُرضة للإصابة. إذا كان الرقم أعلى من 1، فهذا يعني أن عدد الحالات سينمو، بينما إذا كان الرقم أقل من 1، فهذا يعني أن عدد الحالات سينخفض. كل حالة حالية تقوم بإنتاج أقل من حالة واحدة أخرى. هذا الرقم يُدعى آر-زيرو. يبلغ رقم آر-زيرو للأنفلونزا الموسمية حوالي 1.3، في حين أن آر-زيرو للحصبة قبل اختراع اللقاح لها كان مرتفعاً جداً حيث بلغ 17، وهو ما يعني أن كافة الأطفال تقريباً أُصيبوا بالحصبة في مرحلة ما، وذلك وفقاً لجيراردو تشويل، وهو أستاذ في كلية تطوّر الإنسان وتغيّر المجتمع في جامعة ولاية أريزونا. الرقم التكاثري لفيروس إيبولا، بافتراض عدم التدخل الفعّال، ربما يكون 1.4 إلى 3، في حين أن كافة التقديرات التي تجتمع حول الرقم 1.8 أو 2، وهو رقم مرتفع بما فيه الكفاية ليتم اعتباره خطيراً. الرقم التكاثري هو مُنتج من مدة المرض التي -يُفترض أنها ستة أيام من الأعراض حتى الوفاة أو الشفاء في حالة فيروس إيبولا- وعدد المرات المُعدية في كل يوم التي يقوم بها الضحايا بالاتصال مع أشخاص معرّضين للإصابة. ويقول تشويل، إن تخفيض متوسط عدد الاتصالات المُعدية في كل يوم إلى النصف يؤدي إلى خفض معدل إيبولا التكاثري من 2 إلى رقم 1 الذي هو قابل للسيطرة. بطبيعة الحال، هذا يفترض أن الأشخاص لا يمكنهم نقل المرض وهو كامن فيهم، الأمر الذي يبدو عادلاً لأنه لم تكن هناك تقارير مؤكدة عن انتقال المرض من قِبل أفراد لم تظهر عليهم أي أعراض. أحد التعقيدات المصاحبة لفيروس إيبولا هو أن الجثث تعتبر شديدة العدوى، لذلك حتى الموت لا يُنهي الخطر الذي يشكّله المرض. أمر أخير يجب معرفته هو أن الرقم التكاثري لأي مرض ينخفض مع الوقت. فالأشخاص الذين تعرّضوا للمرض لكن لم يموتوا يكتسبون مناعة، لذلك لا يمكن أن يُصابوا مرة أخرى. حتى في حالة عدم وجود حجر صحي أو علاج فعّال، في النهاية يكون عدد كبير من الأشخاص قد تعرّضوا للمرض بحيث إن الانتشار يتوقف ببساطة، مثل حريق غابة ينفذ منه الوقود. هذه الخلفية تساعد على تفسير البيان الصادر عن مسؤولي مركز مكافحة الأمراض، والذي ربما اعتبره بعض الناس غريباً. في تقريرها الصادر في السادس والعشرين من أيلول (سبتمبر)، قالت الوكالة إنه من الناحية النظرية، «يبدأ الوباء في التقلّص وينتهي في نهاية المطاف إذا كان ما يُقارب 70% من الأشخاص المصابين بفيروس إيبولا داخل مرافق الرعاية الطبية أو وحدات معالجة فيروس إيبولا (ETUs) أو، عندما تكون تلك التجهيزات ضمن الإمكانيات، في تجهيزات غير وحدات معالجة فيروس إيبولا مثل تلك فهناك خطر أقل لنقل المرض (بما في ذلك دفن آمن عند الحاجة). لماذا نسبة 70% تعتبر كافية؟ لأن العزل المثالي ليس ضرورياً. يجب أن يكون هناك فقط رعاية وعزل جيدان بما فيه الكافية، بحيث تكون هوامش الرقم التكاثري أقل من 1، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى تقلّص عدد الحالات مع مرور الوقت. توماس جيفت، خبير الاقتصاد في مراكز مكافحة الأمراض، يقول إن المراكز تُقدّر أن الرقم التكاثري يبلغ 0.12 للضحايا الموجودين في المستشفيات و0.19 للأشخاص الموجودين في تجهيزات مجتمعية مراقبة، مقابل 1.8 للتدابير غير الوقائية على الإطلاق. وقال تقرير الوكالة الصادر بتاريخ 26 سبتمبر إنه يمكن أن يصل عدد حالات المصابين بفيروس الإيبولا في ليبيريا وسيراليون إلى 1.4 مليون حالة بحلول العشرين من يناير 2015، لكن يشير جيفت إن هذا التقدير يفترض أنه لن تكون هناك تدخلات طبية إضافية أو تغييرات في سلوك المجتمعات. ويقول: «نحن نتحدث هنا عن سيناريو أسوأ الحالات». ولم تصدر الوكالة تحديثات حول توقعاتها التي تأخذ في الاعتبار الالتزام بالمساعدة الذي قدمته الولاياتالمتحدة والبلدان المانحة الأخرى. ولم تصدر منظمة الصحة العالمية بتوقعات يصل مداها إلى مطلع العام القادم. وفي مقابلة مع قناة بلومبيرج للأخبار، قال كريس داي، مدير الاستراتيجية في المنظمة: «من رأينا أن التوقعات التي تزيد على 4 أسابيع لن تكون صحيحة». ويقول تشويل، جامعة أريزونا ستيت، حيث إنه يوجد تأخير في جمع البيانات، فمن الممكن أن حالات التدخل الطبي قد بدت بالفعل في تقليص الرقم التكاثري لفيروس الإيبولا. كانت هناك تكهنات بأن فيروس الإيبولا يمكن أن يتحول إلى فيروس يستطيع الانتقال من خلال الهواء، بدلاً من الانتقال عن طريق الاتصال المباشر. وقد أثيرت هذه الإمكانية من قبل مايكل أوسترهولم، مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسة في جامعة مينيسوتا، في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز في الثاني عشر من سبتمبر. لكن تشويل يعتقد أن ذلك أمر مستبعد، تماماً بسبب النسبة التكاثرية العالية للفيروس في الوقت الحاضر. وفي حالة حدوث تحول عشوائي يجعل إيبولا قابلاً للانتقال عن طريق الهواء فربما تنتج عنه تغيرات أخرى يمكن أن تجعله أقل قابلية للانتشار بصورة إجمالية، وهو ما يعمل على تقليص فرص إزاحة الفصيل الحالي من الفيروس، كما يقول تشويل.