استمرت الهدنة بشكل عام بين الجيش الأوكراني والانفصاليين أمس بعد جهود السلام التي بذلت في الأيام الأخيرة سعيًا لتحقيق وقف إطلاق نار دائم قبل الشروع في مفاوضات سياسية شائكة حول مستقبل المناطق الانفصالية الناطقة بالروسية في شرق البلاد، من جهتهم لا يتوقع الانفصاليون خطوات سريعة لحل النزاع، فيما 63% من الروس يتوقعون احتدام النزاع مرة أخرى. وأعلن الجيش الأوكراني أن جنديين قتلا، وأصيب اثنان آخران بجروح في ال24 ساعة الماضية. وبذلك يرتفع إلى 39 عدد الجنود والمدنيين الذين قتلوا منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار في الخامس من أيلول/سبتمبر ما يظهر مدى هشاشة الهدنة. منطقة عازلة وأعلن الجيش الأوكراني البدء بتطبيق نقاط المذكرة الموقعة في مينسك بين الانفصاليين والسلطات في كييف، وتنص على إقامة منطقة عازلة بعرض 30 كلم على طول الجبهة وحظر التحليق فوق المناطق الانفصالية وقيام الجانبين بإبعاد أسلحتهما الثقيلة عن الجبهة. ووقف إطلاق النار ليس شاملًا فقد شهدت مدينة دونيتسك صباح أمس تبادلًا محدودًا لإطلاق النار، إلا أن الوضع الميداني أكثر هدوءًا، كما أن عدد الضحايا من المدنيين تراجع في الأيام الأخيرة. وكان الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو أشاد مساء الأحد «بوقف التصعيد». كما أشار إلى أن تسوية النزاع لا تتم فقط عبر حل سياسي مذكرًا بأنه «كلما تزايد عدد وحدات الجيش الأوكراني (في المناطق الانفصالية) كلما زاد عدد القوات الروسية المنتشرة في المنطقة». سلام هش ومن الجانب الروسي أعلن سيرغي إيفانوف رئيس الديوان الرئاسي والمقرب من الرئيس فلاديمير بوتين أن «بوروشنكو بدأ يدرك أنه لم يكن من الضروري شن حرب حتى النهاية حتى آخر أوكراني». وشدد إيفانوف في مقابلة مع صحيفة «روسيسكايا غازيتا» أن «الاتفاقات التي تم التوصل إليها أتاحت تعليق الأعمال العسكرية ولو أن السلام لا يزال هشًا جدًا». لكن، وبعد خمسة أشهر من النزاع الذي أوقع قرابة 2900 قتيل وإحدث أزمة لا سابق لها منذ نهاية الحرب الباردة بين روسيا والغربيين، فإن أحدًا لا يتوقع حلًا سريعًا للأزمة التي بدأت في نوفمبر 2013 بحركة احتجاجية ضد الحكومة في كييف انتهت بإطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش تلاه ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وبدء الحركة الانفصالية الموالية لموسكو في شرق أوكرانيا. ومساء الأحد حذر بوروشنكو الانفصاليين وروسيا من أن بلاده مستعدة للدفاع عن نفسها عسكريًا إذا فشلت عملية السلام مع الانفصاليين المغوالين لروسيا. إلا أن تطبيق البنود الواردة في مذكرة مينسك ليس بالعملية السهلة، وقد حذر الجيش الأوكراني من أنه يمكن ألا يطبق كل البنود خصوصًا ما يتعلق باحترام منطقة منزوعة السلاح وإبعاد مدفعيته ما لم يتم احترام الهدنة. يضاف إلى ذلك الصعوبة التي تواجهها «الإدارة» الانفصالية في السيطرة على كل المجموعات التي تطالب بالاستقلال. وهناك أيضًا مسألة الوجود العسكري الروسي الذي تنفيه موسكو رغم اتهامات كييف والحلف الأطلسي، وكان الحلف أعلن في نهاية الأسبوع الماضي أن جنودًا روس لا يزالون داخل أراضي أوكرانيا ولو أن عددهم أقل. وعلاوة على الشق العسكري، هناك مسألة وضع المناطق الانفصالية التي كان يفترض التباحث بشأنها في مينسك لكن لم يتم التطرق إليها. ويتجاهل الانفصاليون حتى الآن عرض كييف منح حكم ذاتي أكبر خلال ثلاث سنوات للمناطق الخاضعة لسيطرتهم، وتنظيم انتخابات محلية في السابع من كانون الأول/ديسمبر ومنح عفو مشروط عن المقاتلين. استقلال بحكم الواقع واعتبر «رئيس» جمهورية لوغانسك المعلنة من جانب واحد إيغور بلوتنيتسكي أمس أن السلطات في كييف تعترف باستقلال الجمهورية بحكم الواقع. وقال بلوتنيتسكي: «يمكنهم لو شاؤوا (السلطات في كييف) إطلاق تسمية وضع خاص، لكن عندما لا يتم تطبيق القوانين الأوكرانية على منطقة ما فهذا يعني إقرارًا باستقلالنا بحكم الأمر الواقع إنما بتعابير مختلفة». من جهتها، ذكرت كييف رفضها لأي «استقلال» أو «فدرالية». ولا يتوقع الانفصاليون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا تطبيق سريع للخطوات المتفق عليها من أجل حل النزاع. وقال زعيم الانفصاليين أندريه بورجين أمس الإثنين: إن المذكرة التي تنص على وجود منطقة منزوعة من السلاح تقدر ب 30 كيلو مترًا تستلزم الكثير من الخطوات الفنية. وأوضح بورجين أن الأمر يستلزم إزالة الحواجز من الشوارع وإزالة الألغام من المناطق المتفق عليها وتراجع الوحدات العسكرية والقتالية، وتستغرق كل هذه الإجراءات وقتًا طويلًا. وقال بورجين: «نحن على استعداد لفعل كل شيء، ولكن الأهم ألا يتسبب أي شخص في عرقلة هذا العمل». ويذكر أن مجلس الأمن الأوكراني أكد على ألا تتراجع قوات الحكومة الأوكرانية إلا بشكل متزامن مع الانفصاليين بمسافة 15 كيلو مترًا خلف خط المواجهة. ووفقًا لاستطلاع للرأي أجراه المعهد الروسي المختص باستطلاعات الرأي (إف أو إم) يتوقع 63% من الروس أن الهدنة القائمة في مناطق النزاع في شرق أوكرانيا منذ ما يزيد على أسبوعين لن تستمر وسيحتدم النزاع مرة أخرى.