اجتمع مندوبون عن كييف وموسكو وانفصاليي شرق اوكرانيا في مينسك امس، في محاولة لإحراز تقدم حول عملية سلام دقيقة تراقبها البلدان الغربية، فيما لا تزال الهدنة بين الطرفين هشة. ومنذ توقيع «بروتوكول وقف اطلاق النار» الذي احدث مفاجأة شاملة بين كييف والمتمردين في عاصمة بيلاروسيا في الخامس من الشهر الجاري، عرض الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو ان يضمن «وضعاً خاصاً» موقتاً للمناطق الموالية لروسيا في الشرق، على ان يترافق ذلك مع انتخابات محلية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقد تبنى النواب هذه العروض في خضم المفاوضات. في غضون ذلك، طبق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تتهم روسيا ب «المس بسيادة اوكرانيا» من خلال مساعدة التمرد بالأسلحة والقوات، عقوبات جديدة على الاقتصاد الروسي الذي يوشك دخول مرحلة الركود. وانتقد باراك اوباما مرة جديدة «العدوان» الروسي خلال الزيارة الرمزية الأولى لبترو بوروشنكو الى واشنطن منذ وصوله الى الحكم في ايار (مايو) الماضي. وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيدف امس، إنه وقع قراراً بفرض رسوم على المنتجات الأوكرانية بعد أن أبرمت كييف اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكنه أشار الى ان فرض الرسوم لن يسري على الفور. وأضاف خلال منتدى استثماري في منتجع سوتشي على البحر الأسود، أن محاولات الضغط على موسكو لم تنجح قط، مشيراً إلى العقوبات الغربية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. وقال إن روسيا كانت مستعدة للاستماع إلى بواعث قلق الغرب لو أنه استمع إلى موسكو. وحصلت تنازلات سياسية قدمتها كييف على دعم موسكو هذا الأسبوع، الا ان المتمردين رفضوا اي عرض تقدمه السلطات الأوكرانية يتعلق بالمنطقة التي يطالبون باستقلالها. وبعد نزاع استمر خمسة اشهر وأسفر عن حوالى 2900 قتيل، تتعامل كييف والبلدان الغربية مع اعلانات موسكو بحذر كبير، وتتهم روسيا بتأجيج هذا النزاع الذي تسبب بأسوأ توتر بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة. وتأكيداً لذلك اشار الحلف الأطلسي إلى ان حوالى الف جندي روسي ما زالوا ينتشرون على الأراضي الأوكرانية، واتهمت كييف موسكو التي تنفي الاضطلاع بأي دور فعال في النزاع، بأنها حشدت حوالى اربعة آلاف جندي روسي «مع كامل معداتهم وذخائرهم» على الحدود «الإدارية» مع شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها روسيا في آذار (مارس) الماضي. وأسفرت الانتهاكات المتكررة للهدنة التي يتبادل المتمردون الموالون لروسيا والجيش الأوكراني تهمة ارتكابها، منذ الخامس من الشهر الجاري، عن 32 قتيلاً من المدنيين والعسكريين، وفق ارقام السلطات المحلية والجيش. وأعربت بلدية دونيتسك التي دارت فيها معارك طاحنة في الأشهر الأخيرة عن اسفها امس، لأن سكان المدينة امضوا «ليلة شهدت عمليات قصف كثيفة» اسفرت عن مقتل مدني. وانتقد السكان من جانبهم الهدنة الهشة، وما زالوا يعيشون على وتيرة القذائف ويمضون ليالي في الملاجىء. وأعلن «نائب وزير» جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد اندريه بورغين الخميس، ان المشاركين في مفاوضات مينسك سيركزون على هذا «الوضع الخاص» لمنطقتي دونيتسك ولوغانسك. وسيمثل الانفصاليين الى جانب «رئيس وزراء» جمهورية دونيتسك الكسندر زاخارتشنكو. وقبل توجهه الى مينسك، نبه موفد كييف، الرئيس الأوكراني السابق ليونيد كوتشما الى ان المفاوضات لا يمكن «في اي حال ان تجرى على حساب استقلال اوكرانيا ووحدة اراضيها». ورفض ايضاً «اي شكل من اشكال الفيديرالية والاعتراف بالجمهوريات المعلنة من جانب واحد» في معاقل المتمردين. والوثيقة المؤلفة من 12 نقطة والتي وقعها ايضاً في الخامس من الجاري، السفير الروسي لدى اوكرانيا ومندوب عن منظمة الأمن والتعاون في اوروبا، تتضمن من جهة اخرى، بنوداً حول مراقبة الحدود الروسية - الأوكرانية بمساعدة منظمة الأمن والتعاون في اوروبا وإقامة منطقة امنية في الأراضي الحدودية. وتتطرق ايضاً الى الجانب الإنساني والمساعدة في الإنعاش الاقتصادي لمنطقة دونباس الصناعية. ودعا الاتحاد الأوروبي الأربعاء، روسيا والانفصاليين الى القيام بما يتعين عليهم القيام به من خلال تطبيق البنود الواردة في اتفاق مينسك، ومنها خصوصاً «سحب المجموعات المسلحة غير الشرعية والعتاد العسكري والمقاتلين والمرتزقة من اوكرانيا وإقامة آلية مراقبة للحدود الروسية - الأوكرانية».