أكد تقرير حديث أن أسواق النفط العالمية أظهرت حالة التراجع المتواصل التي سجلتها أسعار النفط خلال الثلاثة شهور الماضية، وبات من الواضح أن هناك تراجعا على مستويات الشفافية لدى أسواق الطاقة، ذلك أن مسببات ارتفاع الأسعار غالبا ما تجد الأسواق والأطراف ذات العلاقة ما يبررها سواء كانت حقيقية أو غير ذلك، في حين تقف تلك الأطراف حائرة عند انخفاض الأسعار وتراجعها بشكل ملموس دون القدرة على تحديد الأسباب والفترة الزمنية اللازمة لمعاودة الارتفاع. وأوضح التقرير الصادر عن «نفط الهلال» أنه عند هذا المستوى من التذبذب يلاحظ أن قوى العرض والطلب وآليات السوق لازالت تعاني من تشوهات وضعف تؤدي في غالب الأحيان إلى صعوبة في عكس متغيرات السوق وتطوراته الايجابية والسلبية، وبالتالي فقدان الفرص والعوائد من قبل المنتجين وتحمل الاقتصاديات النامية تبعات الارتفاع على الأسعار دون وجود مؤشرات حقيقة تستند إليها الارتفاعات والانخفاضات الحادة المسجلة بين الحين والآخر. وأشار التقرير الى أن المستويات الحالية من الأسعار تصب في مصلحة اقتصاديات الدول التي انتهجت آليات السوق المفتوحة وتحرير أسواق الطاقة لديها وقوى العرض والطلب المسجلة لدى أسواق النفط العالمية، حيث انخفض خام برنت من مستوى 115 دولارا للبرميل خلال يونيو الماضي، فيما يتم تداوله في الوقت الحالي عند مستوى 96 دولارا للبرميل، وهذا يعني أن أسعار النفط قد تراجعت بنسبة 16.5% وهذه نسبة مرتفعة إذا ما قيست بالفترة الزمنية ومواصلة الانخفاض دون تسجيل ارتداد لتعويض تلك التراجعات، الأمر الذي يحمل في طياته ارتفاع مستوى المضاربات من جهة ووجود مسببات جوهرية تعمل على مواصلة التراجع من جهة أخرى، واللافت عند هذا المستوى من الأسعار أن أسعار السلع والخدمات لدى الأسواق التي تنتهج سياسات التحرير أو سياسات الدعم لازالت مرتفعة ولم تسجل أية انخفاضات مساوية أو موازية للانخفاضات المسجلة، في حين يلاحظ ارتفاع حساسية أسواق السلع والخدمات عند كل ارتفاع يحصل على أسعار النفط العالمية، ويمكننا القول: إن الكثير من السلع والخدمات لازالت تتداول عند أعلى سعر مسجل للنفط وهو 147 دولارا للبرميل في يوليو من العام 2008، في حين يرجح أن تعود أسعار السلع والخدمات للارتفاع إذا ما عاودت أسعار النفط إلى الارتفاع عن المستويات الحالية، وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي يواجه حزمة من التشوهات ناتجة عن ضعف آليات العمل لدى أسواق الطاقة. وفي المحصلة، فإن تسجيل أسعار النفط تراجعات أو ارتفاعات متوسطة أو حادة أصبح أمراً مألوفاً وقابلاً للتحقق من فترة إلى أخرى، لكن الخطورة هنا أن تعجز الأسواق العالمية على عكس الأسعار الحقيقة وأن تبقى الأسعار المتداولة من السلع والخدمات مرتفعة، وألا تتمتع بالمرونة اللازمة لعكس كافة التغيرات في الوقت المناسب، في المقابل فإن هناك التزامات مباشرة على كافة الأطراف في سبيل إعادة تقييم أسواقها المحلية وآليات التسعير للسلع والخدمات وربطها بشكل حقيقي بالتغير الحاصل على أسعار النفط هبوطاً وارتفاعاً بشكل مباشر، ذلك أن بقاء الأسعار مرتفعة يضر باقتصاديات الدول المستهلكة للنفط دون أن تعكس سياسات تحرير أسعار النفط أية نتائج ايجابية على مستوى المستهلك النهائي للسلع وللنفط على حد سواء.