في الفترة الأخيرة وافق نادي مانشستر يونايتد لكرة القدم على أن يدفع للمهاجم الكولومبي راداميل فالكاو راتباً يعادل حوالي 61000 دولار في اليوم. هذا مبلغ كبير من المال مقابل قيام شخص بمطاردة كيس من الهواء. لكن ما يكسبه الرياضيون أو نجوم السينما أو نجوم الروك أو الرؤساء التنفيذيون للشركات، إذا كانت شؤونهم الضريبية سليمة، لا شأن للحكومة به. وينطبق الشيء نفسه على المصرفيين، لكن مع استثناء مهم. يريد الاتحاد الأوروبي تقليص العلاوات التي يتلقاها المصرفيون بحيث لا تزيد على ضعف ما يحصل عليه المصرفي من الدخل السنوي الثابت، في قواعد من المقرر أن تصبح سارية المفعول في السنة المقبلة. وتحاول بريطانيا، التي يعتمد اقتصادها على الخدمات المالية أكثر من اعتماد جيرانها في الاتحاد الأوروبي، الاعتراض بقوة على السقف المقرر، في قضية لدى محكمة العدل الأوروبية هذا الأسبوع. الحافز وراء التدقيق على العوائد في الصناعة المصرفية هو أمر معقول. لا ينبغي أن يكسب المتداولون على الأجل القصير أرباحاً من مطلوبات على الأجل الطويل، كذلك لا ينبغي أن تصبح المكاسب الخاصة خسائر عامة يتحملها المواطن العادي. إذا كان عالم التمويل يعمل من خلال ضمانة ضمنية شاملة بأن دافع الضرائب سيقوم بإنقاذ البنوك المعتلة أو المنهارة، فإن الممثلين التنظيميين لهذا المواطن العادة لديهم الحق في دراسة ترتيبات العوائد والرواتب. لكن وضع حد أعلى على العلاوات هو علاج غير سليم، حيث إنه سيؤدي إلى ما وصفه جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني، «عواقب مدمرة وحوافز منحرفة.» أولاً، تستطيع البنوك التلاعب بحيث تجعل الراتب الأساسي يشكل حصة أكبر من إجمالي التعويضات. وهذا بدوره يعني أن المتداولين لن يكونوا معرضين لعواقب أو مخاطر كبيرة في اللعبة، مع ما يؤدي ذلك إلى عواقب غير مقصودة وغير مرغوبة، والتي يمكن أن تزداد، لا أن تنقص، من خلال التهور في اتخاذ المخاطر. أكاد أفضل أن يحصل المصرفي المتهور على مبلغ هائل، ثم يعيد معظم هذا المبلغ إذا تدهورت الأمور في السنوات اللاحقة، ليكونوا برهاناً للآخرين على أنه ستتم استعادة المكاسب التي لم تكن في محلها. هناك آليات أفضل من أجل تحقيق الانسجام بين المخاطر والمكافآت في بيئة ما بعد الأزمة المالية. خطط العوائد المؤجلة، إلى جانب آليات تسمح باسترداد العلاوات في حالة الأداء السلبي اللاحق، تسمح للمنظمين بالمطالبة بأن يعيد المصرفيون ما حصلوا عليه من علاوات إذا أثبتت السنوات اللاحقة أنه كان هناك إهمال أو سوء إدارة في أدائهم، وهذا يفترض أن يمنع المصرفيين من الدخول في مضاربات خطرة على الأجل القصير ويحول دون وقوع خسائر في المستقبل مع مكافأة المصرفي على تهوره في الوقت الحاضر. إن إعطاء العلاوات على شكل أوراق مالية تلد الأرباح في المقام الأول يحقق الانسجام بين مصالح أهل التمويل مع زبائنهم. وكل هذا يعتبر أفضل من وضع قيود أو نسب مالية أو نقدية عليا. ما لم يقرر العالم حظر شراء وبيع الأوراق المالية من أجل الربح، يجب أن يكون المتداولون قادرين على المشاركة في المكاسب التي يقومون بتحقيقها. خذ مثلاً حالة كريس روكوس، الذي أقام قضية في المحكمة ضد صاحب عمله السابق (شركة بيفان هوارد) في محاكم جيرزي. كسب روكوس أرباحاً ضخمة مقدارها 900 مليون دولار أو نحو ذلك أثناء وجوده في صندوق التحوط، كما يتبين من ملف القضية، لكن الحسابات التي أجرتها أخبار بلومبيرج تشير إلى أنه قام بتوليد أرباح للشركة تزيد على 4 مليارات دولار. فما الذي يمنع أن يكون أحد المتداولين المتميزين في أحد البنوك قادراً على تكرار نجاح روكوس وأن يكون قادراً في الوقت نفسه على محاكاة دخله؟ إذا حكم نادي مانشستر يونايتد أن فالكاو سيساعد النادي في الفوز بالمزيد من الكؤوس، وأن يساعد في بيع القمصان وغيرها من مواد النادي، أو اجتذاب المزيد من المتفرجين لمشاهدة المباريات على التلفزيون، فإن النادي حر في أن يدفع له ما يشاء. وإذا قرر مخرج سينمائي أن يضع الممثل روبرت داوني جونيور في بدلة حديدية لأن هذا هو ما يتطلبه الفلم، فإن داوني حر في أن يحصل على الأجر الذي يريد مقابل تمثيله للدور. وإذا كان دافعو الضرائب لا يزالون يضمنون مغامرات صناعة المال في أرض الكازينوهات، فإن الحل الحقيقي هو في إزالة شبكة الأمان التي تتمتع بها البنوك على حساب المواطن العادي، وليس زيادة الحواجز أمام العلاوات والرواتب.