في صباح كل يوم وأنا متوجّه إلى عملي أستمتع متعة بالغة أثناء هذا المشوار، فرغم أنه ليس بعيدًا عن منزلي إلا أنه طويل جدًا فحتى مع قرب المسافة الفعلية التي يكفيها 15 دقيقة لقضائها إلا أن هذا الوقت مرشّح بقوة للمضاعفة، كل يوم مرة واحيانًا مرتين نظير الازدحام والتحويلات وقلة وعي السائقين غيري طبعًا وطول الاشارات المرورية فلو قلنا إني سأقف عند أربع اشارات فهذا يقتضي أني سأقف عند 16 اشارة؛ لأن كل اشارة تحمر وتخضر اربع مرات حتى أتجاوزها.. المتعة تكمن في أنك تستطيع عمل عدة أشياء في هذا الوقت الطويل فيمكنك أن تكمل أذكار الصباح، وتبدأ عملك قبل أن تصل إلى المكتب بقيامك بعدد من الاتصالات، كما يمكنك ايضًا الاستماع الى بعض اذاعات الراديو السامجة وتميلح المذيعين والمذيعات بها على الصباح. المهم أنني سمعت خبرًا في إحدى الاذاعات آنفة الذكر عن أحد المنتزهات في ولاية نيويورك، هذا المنتزه كبقية المنتزهات في تصميمه تكتسيه مساحات خضراء ونوافير ومطاعم إلا أنه ليس كبقية المنتزهات من جانب آخر بل هو منتزه هادئ جدًا يعمُّه الصمت المطبَق يقضي مرتادوه أوقاتهم في القراءة والكتابة، يا سلام يعني «مكان مفتوح ومع ذلك هادئ».. حتى مكتباتنا لا تنعم بذلك.. لا يُسمع به أي صوت إلا صوت بعض الأحذية النسائية (أم كعب) أثناء المشي والتي تمّ منعها؛ لأنها تسبب الضوضاء، حينها تذكّرت منتزهاتنا.. يا الله من فضلك التي لا تنعم لا بالهدوء ولا بالضوضاء بل تنعم بالملل والصيانة الرديئة والحنفيات المتهالكة والمأكولات التي تضعف مراقبتها والتأكد من نظافتها وصحة مكانها والعمالة التي تشرف عليها،تذكّرت منتزهاتنا التي لا تنعم بالهدوء ولا بالضوضاء، بل تنعم بالملل والصيانة الرديئة والحنفيات المتهالكة والمأكولات التي تضعف مراقبتها والتأكد من نظافتها وصحة مكانها، والعمالة التي تشرف عليها، تذكّرت كل العوامل التي تجعل تلك المنتزهات بيئة طاردة للناس.تذكّرت كل العوامل التي تجعل تلك المنتزهات بيئة طاردة للناس بالإضافة إلى قلة وعيهم وعدم الاكتراث بنظافة أماكنهم بعد تركها ناهيك عما يُصدره (بزاريننا) من ازعاج هائل، ففي كل مرة تذهب إلى أي منتزه عندنا لا بد أن تتكرر أمامك نفس المشاهد في كل مرة.. نعم في كل مرة، فإما أن تجد طفلًا يبكي ويصرخ ويقول: (أبي ماما) وتقول له بكل سذاجة (حبيبي وين ماما) أو أن تجد طفلًا آخر يبكي بعد سقوطه من (السيكل)، أو أطفالًا آخرين يلعبون كرة القدم، ووصلت كرتهم لعائلة أخرى تجلس بجوارهم وكسرت فناجيلهم وصحونهم، أو بائع الأيس كريم المتجوّل ويتجمّع عليه الناس من كل حدب وصوب دون أي نظام أو طابور ناهيك عن (المراجيح) المكسّرة والتي أكل منها الصدأ ما أكل حتى شبع وكرّش ومزمز عليها. ناهيك عن وجود محلات تبيع أسوأ أنواع البضائع وأقلها جودة حتى أصبحت المنتزهات عندنا شبه مهجورة إلا من بعض المقيمين واذكر ان آخر مرة زرت أحدها كنت في المرحلة الثانوية ولم افكر مجرد تفكير من حينها بها مرة أخرى. كل ما أتمناه أن تحين لي فرصة وأذهب إلى ذاك المنتزه في نيويورك وأكتب لكم مقالًا من هناك وأجزم حينها بأن صفحة كاملة في الجريدة لن تكفيني أبدًا. وأخيرًا احترت في عنوان هذا المقال وكدت أعنونه ب(منتزهات مملّة) فوحّدت الكلمتين في كلمة واحدة فأخذت النصف الأول من الأولى والنصف الأخير من الثانية ليكون العنوان (مُنتملّة). [email protected]