تضيق الدوائر على النظام السوري الدموي إلى حد الاختناق لدرجة أن رسومات الفنان الكاريكاتوري السوري المبدع علي فرزات أصبحت تبث الرعب والخوف والرهبة في مفاصل هذا النظام اللا إنساني وتزلزل مؤسساته الأمنية والعسكرية والمخابراتية والشبيحية. ريشة الفنان والمناضل المدني، المجني عليه هذا الأسبوع، علي فرزات كان تأثيرها قوياً ومحرجاً وكاشفاً ومعرّياً لسوءات النظام السوري وجرائمه ضد شعبه وبخاصة الأطفال إلى درجة الإقدام على مهاجمته بوحشية مفرطة من قبل شبيحة الأمن السوري وضربه ضرباً مبرحاً على وجهه وأطرافه ورميه على قارعة الطريق بغية إسكات صوته المدني الشريف في التعبير عن مأساة شعبه وما يتعرّض له من أسوأ أنواع الذل والمهانة والقتل الممنهج بآلة قتل جيش الممانعة والثورة الكاذبة. لقد أصدر اتحاد الفنانين التشكيليين السوري بياناً يدين فيه هذا الاعتداء السافر قال فيه إن علي فرزات اسم من ثمانية أحرف تبث على الفور آلاف الصور لرسومات زرعت الضحكة والأمل في جراح السوريين وقاومت قبح الظلم والفساد والعنف. وأضاف البيان: «اليوم اجتاحت الوحشية الأمنية جسده في رسالة إرهابية مباشرة لكل سوري وللإنسانية جمعاء.. إن جسده المدمى وإنسانيته المنتهكة هي الصورة «الإرهاب» التي يقترحها النظام السوري وعرفاناً لإنسانيته المبدعة وصوناً للإنسان في روحه وجسده وذكائه وحريته». لقد شاهدت مقابلة تليفزيونية أجرتها قناة «العربية» مع الفنان علي قبل أسابيع استشففت منها العمق الفكري المدني الذي يتميّز به هذا الفنان. كانت جُمله وتعليقاته مختصرة جداً وتتناول الوضع السوري بمنطقية وعقلانية مفرطة من دون شتيمة للنظام أو توجيه التهم المجانية أو استغلال الظهور الإعلامي في هذه الظروف الحالكة التي يمرّ بها وطنه للتسويق لنفسه أو الظهور بصورة الأبطال، كما يفعل بعض المعارضين. كم أنت كبير يا «علي» وأنت تفضح بريشتك وتعابيرك ورسوماتك الكارتونية المستلة من جراحات الشارع السوري النازف، كذب النظام ووعوده الفارغة بشأن الحوار والإصلاح واحترام حقوق الإنسان بموضوعية، تعاني بعض الدول العربية من قصور لافت لاحترام حقوق الإنسان خاصة حقهم في التعبير السياسي والاجتماعي. ولكن هناك بوناً شاسعاً بين التضييق على حقوق الإنسان وبين قتل الكثير من أفراد المجتمع المسالم في الشارع والمنزل والعمل باستخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة والمدرعات والجيش بأكمله. كم أنت كبير يا «علي» فريشتك بألف فوهة دبابة سورية جبانة توجّه إلى صدور أبناء شعبك العارية.. فصحيح أن فوّهة الدبابة السورية تقوم الآن بشكل يومي بتقطيع أوصال أبناء شعبك بدم بارد وبشكل متزايد ولكنها تزيد من عزم ومقاومة الشرفاء من أبناء وطنك على الاستمرار بمطالبة حقوقهم بالطرق السليمة والخروج من خنادق وسراديب الأسد اللا إنسانية.. كم هي معبرة اللافتة التي حملها أحد الأطفال السوريين وكتب عليها: أنا يتيم.. حافظ قتل جدي... وبشار قتل أبي!! ختاماً، اتحادات التشكيليين العرب والصحافة والمؤسسات المدنية العربية كافة مطالبة أخلاقياً بالوقوف مع علي ومن هم على شاكلتهم ممن اتخذوا قرار الوقوف مع شعوبهم ضد الحكومات المستبدة والظالمة خلافاً لفنانين وفنانات العار ومطلقي الخطب المبررة والمساندة لأعمال العنف المدني وقتل الأطفال. فلماذا، على سبيل المثال لا يتم اتفاق ما بين بعض الصحف العربية ومواقع الأخبار الالكترونية الرصينة في تحديد يوم واحد تنشر فيه أعمال منتقاة من رسومات الفنان علي، بحيث تدعم مثل تلك الممارسة صوت المطالبة بالحقوق المدنية والديمقراطية وحرية التعبير ليس في سوريا فقط وإنما في كافة أقطار العالمين العربي والإسلامي. [email protected]