لو استنطقنا كل حبة رمل في تراب (جواثى الأحساء ) قرب منتزه الأحساء الحديث في الوقت الحاضر لبكت مجدا تليدا مشى على ترابه عظماء التاريخ الاسلامي الفاتحون وعظماء المؤمنين برسالة التوحيد و لو حاورنا المعالم الأثرية المنتشرة في واحات اقليمالأحساء وبلداتها لاهتزت طربا وغنت أناشيد المجد. جواثى الأحساء أو جواثى هجر هذه المدينة العظيمة عاصمة ( البحرين : الإقليم الشرقي من الجزيرة العربية ) ابان عهد الفتح الاسلامي وما قبله ، أجل جواثى الخالدة بمسجدها الذي صليت فيه ثاني جمعة بعد مسجد رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، كما ورد في كتب الحديث وأدبيات التاريخ وقصائد الشعراء ، لقد كانت عاصمة عبدالقيس حكام أقليم هجر أو البحرين ، وكل نخلة ضربت جذورها في مغانيها تهتز تيها وفخارا بمجدها التليد في كل وقت ترتفع فيه كلمة التوحيد ، و موقعها و ينابيعها و آثارها التي حققها بدقة خبير الآثار مستشار هيئة السياحة الأستاذ الدكتور علي بن صالح المغنم في كتابه : ( جواثى ومسجدها ) تشهد بمكانة هذه المدينة و مسجدها الخالد و ارتفعت من فوق مآذنها الله أكبر بعد عودة وفد عبدالقيس محققة مجد الأسبقية في دخول الاسلام طواعية ، هذا الوفد الذي قدم الى مدينة رسول الله حاملا نبل الهدف و طهارة المعتقد لمبايعته صلى الله عليه وسلم على الاسلام والذي قال عنهم نبي الهدي : ( ليأتين ركب من المشرق لم يكرهوا على الاسلام وقد أضنوا الركاب وأفنوا الزاد ، بصاحبهم علامة اللهم اغفر لعبدالقيس أتوني لا يسألوني مالا هم خير أهل المشرق ) . و قال مخاطبا الأشج رئيس الوفد : فيك خصلتان يحبهما الله تعالى : الحلم والأناة من كتاب تاريخ البحرين في القرن الأول الهجري ص 137- 138 ، للدكتور محمد بن ناصر الملحم . أما كتاب الأستاذ الدكتور علي بن صالح المغنم : ( جواثى ومسجدها ) من جزءين ، ط : 1427هج / 2006م ، فهو دراسة توثيقية حضارية آثارية عن جواثى ومسجدها عبر التاريخ وشملت الدراسة الكثير من المعطيات التي ركزت بعمق على تاريخ وجغرافية و آثار منطقة البحث الأحساء و بخاصة مدينة جواثى و مسجدها ، وهي ليست نظرية فحسب وانما دراسة ميدانية تطلبت قدرة وصبرا وعلما وجهدا كبيرا لاستقصاء المعلومة الآثارية من جميع الجوانب ، وكانت في الأصل رسالته لنيل درجة الدكتوراة من قسم التاريخ والآثار بجامعة الملك سعود بالرياض ، وبعد تصفحي لمعلومات الكتاب تجلت لي عبقرية الباحث وشمولية علمه لكل جوانب الموضوع ، و أن المؤلف الفاضل بهذا الانجاز العلمي والآثاري الكبير و لخبرته و سعة علمه استحق عن جدارة أن يتم تعيينه وكيلا لوزارة التربية والتعليم وبعد تقاعده تم اختياره خبيرا ومستشارا للهيئة العامة للسياحة والآثار بالمملكة العربية السعودية المعنية بتطوير الآثار التي تشكل أهمية كبيرة للصناعة السياحية ، لقد وفر للباحثين والمعنيين معلومات تاريخية وافية عن آثار الأحساء وصفا وتحليلا . و في مدن الأحساء وقراها وهجرها كفاءات علمية وثقافية حري بهم أن يعنوا بالبحث والتأليف في آثار وتاريخ بلداتهم وتسليط الأضواء عليها لتكون مقصد الباحثين والسائحين ومحل اهتمام المسئولين . [email protected]