قيل لأفلاطون يوما: ما الذي ينبغي ألا يقال وإن كان حقا، قال: مدح الإنسان نفسه، لا أدري كيف يُقدِمُ كاتب على إطراء نفسه بأماديح ينسبها إلى الآخرين، كيف تواتيه الجُرأة للزج بأماديح مكشوفة لا تنطلي إلا على السذج والبُله، ألا يعلم أن للناس عقولا تميز الصدق من الكذب، والحقيقة من الزيف، والواقع من المبالغة، وأنه مهما كان ذكيا فثم من هو أذكى منه، ألم يعلم أنه يستفز العقول وهو يوالي تنميق أماديحه دون كلل أو ملل، ودون أن يفترض ولو في بعض قرائه الحد الأدنى من فطنة تعصمهم من خداعه وتزويره، ألا يستحي حين يجعل من نفسه محور قضايا المجتمع، ومرجعيته التي لا تشير بوصلات الناس على اختلاف تخصصاتهم العلمية، ومستوياتهم الدراسية إلا إليه ؟! لكنك إن خدعت أولئك فلن تخدع نفسك، ولن تخدعنا ونحن الأدرى بشعابك، والأكثر تبرما بمسرحيات مدحك الخنفشاري، وأنت تحاكي سلفك الذي كان يدعي العلم بكل شيء يا أخانا «حدث العاقل بما يعقل فإن صد عنك فلا عقل له» وقد حدثتنا مرارا عن فزع المختصين لسؤالك عن اختصاصاتهم، والمسؤولين عن مسؤولياتهم، والمواطنين عن أوطانهم، لا أدري كيف يتأتى لأستاذ أدب بإحدى جامعات الجزائر ليحمل إليك تساؤلاته عن قضايا أدبية تافهة، يعرفها حتى غير الأدباء، أو كيف يسألك العراقيون عن حضارة وادي الرافدين، أو المصريون عن حضارة الفراعنة، وغير ذلك كثير مما قولته أطباء وطبيبات، وأساتذة جامعات من الخليج إلى المحيط، فهل فرغ أولئك من قراءة صحفهم ليقرؤوا صحفنا، أم غايتك تمرير رسالة للدهماء مفادها: لا يُفتي الجَاهلَ إلا العَالِمُ، ولا يَسألُ المتعلمُ إلا من هو أغزر منه علما، وهو ما تريد أن تتصف به، ولكنك إن خدعت أولئك فلن تخدع نفسك، ولن تخدعنا ونحن الأدرى بشعابك، والأكثر تبرما بمسرحيات مدحك الخنفشاري، وأنت تحاكي سلفك الذي كان يدعي العلم بكل شيء، فلما ضاق بعض العقلاء به اتفقوا على أن يسألوه عن كلمة لا وجود لها في كلام العرب، فسألوه عن كلمة خنفشار، فأجاب في غير تردد: الخنفشار نبات يخرج في اليمن، إذا أكلته الدواب عقد على ضروعها فدرت الحليب، وفيه يقول شاعرهم: لقد عقدت محبتكم بقلبي كما عقد الحليب الخنفشار ثم استدرك فقال: وعن الخنفشار يقول صلى الله عليه وسلم: وقبل أن يكمل قالوا: حسبك، كذبت على أهل اليمن فلا تكذب على رسول الله، وبنحو قولهم نقول: حسبك مبالغة وتهويلا وخنفشارية ! [email protected]