دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانفصاليين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا الى إرجاء مجموعة من الاستفتاءات حول أعلان الحكم الذاتي أو الاستقلال عن كييف. كما أعلن بوتين ان روسيا سحبت قواتها من الحدود الاوكرانية، وخفف انتقاداته لخطط الحكومة الانتقالية الاوكرانية باجراء انتخابات رئاسية في 25 مايو ووصفها بانها "خطوة في الاتجاه الصحيح". وقال عقب لقاء الرئيس السويسري ديدييه بوركهالتر الذي تترأس بلاده حاليا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا: إن تأجيل (الموالين لروسيا) عملية الاستفتاء سيسمح بإعدادها بشكل أفضل. ووصف الانتخابات الرئاسية التي قررتها سلطات كييف المدعومة من الغرب يوم 25 أيار بأنها "في حد ذاتها خطوة في الاتجاه الصحيح". وأضاف: "لكنها لن تحدد اي شيء إذا لم يفهم جميع مواطني أوكرانيا كيفية ضمان السلطة لحقوقهم عقب هذه الانتخابات". وواصل: "يجب أن يفهم ويثق الناس في جنوب شرق أوكرانيا أن حقوقهم ستحترم عقب انتخابات الرئاسة المقررة يوم 25 أيار". وتراجع بوتين عن مهاجمة قرار الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا ووصفها بأنها "خطوة في الاتجاه الصحيح.. إلا أنها لن تقرر أي شيء طالما لم يقتنع جميع مواطني أوكرانيا بأن حقوقهم ستكون محمية بعد اجراء الانتخاباتوأدت هذه التصريحات التي تتناقض تماما مع موقفه المتشدد السابق بشان اوكرانيا، في أسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، الى ارتفاع الاسهم في السوق الروسية بنسبة 3%. وصرح بوتين في المؤتمر الصحفي المشترك مع بوركهالتر في "الكرملين": "نطلب من ممثلي جنوب شرق أوكرانيا إرجاء الاستفتاء المقرر في 11مايو لتوفير الظروف الضرورية للحوار". وسيطر المتمردون الموالون لروسيا على مبان حكومية في المدن الشرقيةلأوكرانيا مثل دونتسك ولوغانسك وأعلنوا خططهم اجراء استفتاءات فيها للانفصال عن كييف عقب الاطاحة بالزعيم الموالي لموسكو فيكتور يونوكوفيتش في شباط/فبراير الماضي، ووصفت كييف وحلفاؤها في واشنطن والاتحاد الاوروبي تلك الاستفتاءات بأنها مهزلة. وكانت روسيا دانت اجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا بسبب الازمة العسكرية بين المتمردين والقوات الاوكرانية. إلا ان بوتين قال الاربعاء: "أريد التأكيد على ان الانتخابات الرئاسية التي تخطط كييف لاجرائها ورغم انها خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا انها لن تقرر اي شيء طالما لم يقتنع جميع مواطني أوكرانيا بان حقوقهم ستكون محمية بعد اجراء الانتخابات". وكان سكان أوكرانيا المتحدرين من أصل روسي ويشكلون جزءا كبيرا من سكان النصف الجنوبي الشرقي من أوكرانيا البالغ عدد سكانها 46 مليون نسمة، أعربوا عن مخاوفهم من فقدان حقوقهم المتعلقة باللغة وغيرها من الحقوق في ظل حكومة جديدة موالية للغرب يرجح ان تسفر عنها الانتخابات المقررة في 25 مايو. وكان بوتين توعد في السابق باستخدام جميع الوسائل اللازمة "لحماية" مواطني أوكرانيا المتحدرين من اصل روسي. وقدر الحلف الاطلسي ان الكرملين حشد نحو 40 الف جندي على طول الحدود الشرقيةلاوكرانيا في اطار تدريبات واسعة اثارت مخاوف الغرب من احتمال قيام روسيا بغزو أوكرانيا. وفي رده على تصريحات بوتين، أعلن البيت الابيض أن لا أدلة لديه (حتى مساء أمس) على انسحاب القوات الروسية المنتشرة على الحدود الاوكرانية. وقال جوش آرنست مساعد المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما للصحفيين على متن طائرة "اير فورس وان" الرئاسية ان الولاياتالمتحدة ترحب بهذا الاجراء، لكن "لا دليل حتى الآن على حصول انسحاب". كما أعلن حلف شمال الاطلسي أنه لا يملك "مؤشرات" تثبت ان روسيا سحبت القوات التي حشدتها قرب الحدود مع اوكرانيا. وقال مسؤول عسكري في الحلف: "لا نملك مؤشرات تتصل بتغيير في موقع القوات العسكرية على مقربة من الحدود الاوكرانية". إلا أن بوتين أكد ان القوات الروسية انسحبت من تلك الحدود، وقال: "قيل لنا باستمرار ان قواتنا القريبة من الحدود الاوكرانية تثير مخاوف. لقد سحبنا تلك القوات. اليوم لا وجود لها (القوات) على الحدود الاوكرانية، لكنها موجودة في الاماكن التي تجري فيها تدريباتها المعتادة". وأضاف الرئيس الروسي: "نعتبر ان الحوار المباشر بين السلطات في كييف وممثلي جنوب شرق اوكرانيا هو عنصر رئيسي (للتوصل الى) تسوية". وأكد بوركهالتر ان منظمة الامن والتعاون في اوروبا تعتزم اطلاق دعوة رسمية في وقت لاحق من اليوم لكل من كييف والانفصاليين للموافقة على "خارطة طريق" لاحلال السلام في البلاد تشمل التوصل الى اتفاق لوقف فوري لاطلاق النار. وأضاف ان المنظمة تعرض المساعدة في تمويل "خطة وطنية لنزع الاسلحة تتبناها اوكرانيا". ورحب بوتين بإفراج السلطات الأوكرانية عن بافيل غوباريف "المحافظ الشعبي" لمقاطعة دونيتسك، داعيا كييف إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين (الموالين لموسكو). منوها إلى أن موسكو ساهمت في الافراج عن المراقبين العسكريين في منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في أوكرانيا. وأكد الرئيس الروسي ضرورة عقد حوار مباشر بين كييف والمناطق الشرقية من البلاد لطمأنة سكانها بأن حقوقهم ستحترم، وقال: "نرى أن عقد حوار مباشر بين السلطة في كييف والممثلين عن جنوب شرق أوكرانيا هو الشرط الرئيسي لحل الأزمة". وواصل: "لكن لبدء هذا الحوار من الضروري الوقف غير المشروط لجميع أشكال العنف، أكان باستخدام القوات المسلحة، وهو أمر غير مقبول في العالم المعاصر، أو باستخدام تشكيلات غير قانونية". واعتبر بوتين أن "تصريحات الشركاء الغربيين بأن المفتاح لحل الأزمة الأوكرانية في أيدي روسيا أدت بالوضع في أوكرانيا إلى المأزق"، محملا دول الغرب جزءا من المسؤولية عما حدث. ودعا إلى تنظيم طاولة مستديرة بمشاركة الأطراف الدولية لبحث الأوضاع في أوكرانيا، وأشار بوتين إلى أن موسكو سحبت قواتها من الحدود مع أوكرانيا، وهي موجودة حاليا في المناطق الروسية، حيث تجري مناورات دورية. من جانبه قال رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بورغهالتر أن المنظمة ستقترح على الأطراف الاربعة، التي وقعت على اتفاقية جنيف، خلال الساعات المقبلة "خارطة طريق" لتسوية الأزمة الأوكرانية. وأوضح بوركهالتر أن خارطة الطريق تتضمن خطوات محددة للخروج من الأزمة في أوكرانيا، مشيرا الى ان الخطوط العامة لهذه الخارطة تم بحثها في فيينا. وأضاف بوركهالتر أن جوهر خطة الخارطة يتضمن أربعة بنود: "وقف النار، وتهدئة التوتر، وبدء الحوار، والانتخابات"، وفيما يخص وقف النار قال: "من المهم أن يُعلن على أعلى المستويات رفض العنف ووقف جميع العمليات العسكرية والترهيب والاستفزاز". وأكد بورغهالتر أنه: "من المهم للغاية دعوة الرئيس بوتين تأجيل استفتاء يوم 11 مايو بهدف بدء الحوار". وتابع قوله: "نحن نقترح مساندتنا لخطة وطنية لنزع السلاح، التي يجب أن يتم قبولها في أوكرانيا، ومستعدون لتشكيل صندوق لهذا الغرض".