عندما دقّت الساعة الثانية من بعد ظهر الأحد، اغلقت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، باب الترشح على مقعد الرئيس السابع في تاريخ مصر الحديثة، ووراء اسوارها 231.100 توكيل لمرشحين اثنين، أغلق عليهما الباب ليختار المصريون أحدهما ليجلس على عرش الحكم في قصر الاتحادية، أولهما يُوصف بأنه «رجل مصر القوي» وهو المشير عبدالفتاح السيسي، والثاني، سجله النضالي حافل بمعارضة كل الأنظمة، ودائما كان على يسار أنظمة الحكم بدرجات متفاوتة، وهو حمدين صباحي. بإغلاق الباب، ينتظر المصريون «موقعة الصناديق» الكبرى، يومي 26 و27 مايو المقبل، ليتحدد اسم الرئيس المقبل للبلاد، بعد 64 يوماً بالتمام والكمال، إذا لم يستطع أحد المرشحين حسم الأمور من الجولة الأولى، المقرر أن تعلن نتائجها في 5 يونيو المقبل، في مرحلة هي الأخطر في عصرها الحديث، وهي الانتخابات الأولى، التي يصطدم في جولتها الأولى مرشحان اثنان، عكس الانتخابات الماضية، التي شهدت تصادم «أحجار» كثيرة ومتعددة، عام 2012، من مختلف التيارات والرموز السياسية والحزبية. نهاية وهدوء وبينما تنتهي غداً الأربعاء، فترة اعتراض أي مرشح على الآخر، أكدت حملة حمدين صباحي، عدم نيتها الاعتراض على ترشح منافسه المشير عبدالفتاح السيسي، الذي غادر القاهرة لقضاء إجازة شم النسيم المصرية أمس، بصحبة عائلته. وخيّم السكون المشوب بالحذر، على الساحة السياسية المصرية، خاصة وأن يوم أمس، الاثنين، كان عطلة رسمية، بسبب الاحتفال بيوم «شم النسيم» التقليدي في البلاد، مع ارتفاع الحذر والتأهب الأمنيين، تحوطاً لأية توترات أو أعمال عنف تعكر صفو المناسبة. وشوهدت قوات من الجيش والشرطة وهي تؤمن المراكز الحيوية والوزارات السيادية وأماكن الترفيه العامة بالبلاد. «الأسد» يربح «النسر» ووسط حالة من الارتياح الشديد، بعد اتضاح الصورة النهائية للموقعة الانتخابية، ظل معسكر المشير السيسي الإعلامي، على حذره في التعامل مع وسائل الإعلام، رافضاً أية صيغة للحديث إلا عبر المتحدث الرسمي للحملة. ويعود سبب الارتياح، إلى إفرازات الجولة الأولى التي ربحها المشير، بالفعل، عندما تقدم بأوراقه للجنة العليا لانتخابات الرئاسة رسميا يوم الاثنين قبل الماضي، مقدماً 200 ألف توكيل من مجموع أكثر من نصف مليون، بحسب تصريحات الحملة، ويطالب الآن برمز «الأسد» بحسب تصريحات اللجنة العليا. تلا ذلك تقدم حمدين صباحي الذي يحوز على لقب المرشح الرئاسي للمرة الثانية، بأوراقه للجنة الانتخابات رسميًا، يوم السبت الماضي، بما مجموعه 31 ألفًا و100 توكيل، بعد فترة مخاض عسيرة، ويطالب ب«النسر» رمزًا له بحسب ما صرحت به لجنة الانتخابات. تفوق «المشير» رغم أنه تعبير عن شعبية كاسحة، إلا أنه مؤشر مشوب بالحذر أيضاً، لأنه ليس دليلاً كافياً على حسم المنافسة الانتخابية من الجولة الأولى، كما يحاول صباحي نفسه التأكيد على ذلك، ومع ذلك، فإن صباحي الذي يحاول الترويج بأنه مرشح ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لا يدرك أن منافسه «السيسي» هو أحد رموز هذه الثورة الأخيرة. غزل ورفض ورغم الهدوء الظاهري، بدا لافتاً مغازلة الكتلة التصويتية ل«التيار الإسلامي»، بما أثير خلال الأيام القليلة الماضية، عن تأكيد حملتي المرشحين الرئاسيين المشير السيسي وحمدين صباحي أهمية المصالحة وإدماج عناصر الإخوان الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء المصريين ولم يشاركوا في أعمال عنف ضد المنشآت والأشخاص في المجتمع من جديد بل وتقبل توليهم المناصب والمشاركة في الحياة السياسية. وبينما يسير فعلاً المرشح حمدين صباحي في هذا الاتجاه، كان الرفض التام من قبل حملة منافسه المشير السيسي. حيث نفى الدكتور حازم عبد العظيم، أمين لجنة الشباب بالحملة إجراء أي حوار مع جماعة الإخوان تمهيدًا لتحقيق المصالحة، واصفًا مطلقي هذه التصريحات ب«مجموعة يتعاطون الترامادول». وقال عبد العظيم، في مداخلة هاتفية الليلة قبل الماضية، إنه لا مصالحة مع جماعة «إرهابية» حملت السلاح ضد الشعب المصري. وتابع: المشير السيسي نفى عودة نظام مبارك والإخوان أو التعاون معهم. 6 على كرسي «الرئيس» وفق تقرير لفضائية «صدى البلد» الإخبارية، فإن 5 رؤساء -غير الرئيس الحالي المستشار عدلي منصور- جلسوا في العهود السابقة على نفس الكرسي الذي يتنافس عليه الآن السيسي وصباحي. فكان أول رئيس لجمهورية مصر محمد نجيب، أحد قادة ثورة الضباط الأحرار لعام 1952، تولى المنصب في 18 يونيو 1953 بعد إلغاء الملكية وهو اليوم الذي أعلنت فيه مصر جمهورية. تم تجميد النشاط الحزبي بعد أن صعد جمال عبد الناصر إلى سدة الحكم، لتدخل مصر مرحلة التنظيم السياسي الواحد ممثلاً في الاتحاد الاشتراكي في ظل نظام سلطوي ألغى التعددية الحزبية والممارسة الديمقراطية. وبعد وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، تولى السلطة مؤقتاً نائبه محمد أنور السادات إلى أن تم ترشيحه بواسطة مجلس الأمة لرئاسة الجمهورية، وقد تمت الموافقة على رئاسته للجمهورية في الاستفتاء الشعبي الذي أجري في منتصف أكتوبر 1970. وفي 20 مايو 1971 طلب الرئيس السادات من مجلس الشعب وضع مشروع دستور جديد. فقام مجلس الشعب بوضع دستور عام 1971، واستمر العمل بهذا الدستور حوالي أربعين عاماً منذ إقراره في سبتمبر 1971 حتى قامت ثورة 25 يناير. بعد الثورة المصرية عام 2011، أجبر حسني مبارك، الذي شغل المنصب اعتباراً من 14 أكتوبر 1981 حتى 11 فبراير 2011، على التنحي عن منصبه عقب مطالبات شعبية واسعة طالبته بالرحيل، عرفت بثورة 25 يناير ، ففي 10 فبراير 2011 قام مبارك بنقل صلاحيات الرئاسة إلى نائبه عمر سليمان آنذاك، مما جعل من «سليمان» رئيساً لفترة وجيزة بحكم الأمر الواقع. بعد استقالة مبارك، أصبح منصب رئيس الجمهورية خاليًا رسمياً وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي، القيام بمهام الجهاز التنفيذي للدولة. في 30 يونيو 2012 أدى محمد مرسي اليمين الدستورية كرئيس لجمهورية مصر العربية، بعد أن فاز في الانتخابات الرئاسية المصرية في 24 يونيو 2014.