العيدية عادة قديمة اتخذها الآباء والاجداد لتضفي على العيد لونا جماليا كبيرا يحمل معه الفرحة والبسمة خاصة التي نراها على شفاه الاطفال، والاحساء كانت ولا تزال رمزا تراثيا وثقافيا وتاريخا شامخا على مستوى كبير وتحمل القيم الدينية، والاجتماعية التي تمتد جذورها في اعماق التاريخ للبطولات الاسلامية وهي في طبيعتها تقاليد حميدة، حث عليها الدين الاسلامي الحنيف من ايجاد صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه، وحتى وقت قريب كانت الشوارع داخل الاحياء تمتلئ وتزدان بأطفال الحي، وهم ينطلقون في احتفالية جميلة بمناسبة العيد نحو بيوت الجيران لمعايدتهم والسلام عليهم.. واخذ العيدية منهم.. الى وقت قريب كان الجمال والبشر يصافحانك اينما ذهبت داخل الاحياء، وانت تقابل اطفال الحي بملابسهم الجديدة الزاهية.. وهم يسيرون في جماعات.. ويقابلونك بالفرح.. قائلين (عيدية العيد ياعم).. وربما بادرت انت من تلقاء نفسك قبل ان ينطقوا بها لتوزيع النقود عليهم في فرح وسعادة بمناسبة العيد. كانت الصورة تلك اكثر من رائعة، واكثر من جميلة.. عشناها صغارا.. وعاشها الكثير من اطفالنا وهم ينتقلون من بيت الى بيت داخل الحي يعايدون الجيران.. ويزيدون في التواصل والمحبة.. ويأخذون من الآباء والامهات (الشبرقة) او العيدية.. وهي احيانا تكون نقودا.. وحينا تكون حلويات او معمولا او غيرها. جمال وروعة الصورة تكمن في روح المحبة والالفة والتواصل الذي يشيعه اطفال الحي في حيهم.. وفي البيوت.. وفي اجتماعهم وألفتهم مع بعضهم.. وتوادهم مما يعطي الانطباع بمدى ما يعيشه المجتمع ككل من تواد وتراحم وتحاب وتعارف. هذه الصورة كانت حتى الامس القريب جدا.. لكنها اليوم انحسرت واختفت ولم يعد لها وجود.. بعد ان غيرت الطفرة والهجمة المدنية الشرسة الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الجميلة. العيدية تحمل معاني جميلة احد آباء الامس ذكر ان تقديم (العيدية) للاطفال من قبل الجيران له الكثير من المعاني الجميلة التي يفتقدها اطفال اليوم فهي تشعر الطفل بالعيد.. وتجعله يحس بأن فيه شيئا يختلف عما الفه في الايام الاخرى.. وتزيد في ترابط الجيران والاقارب، وسكان الحي، وتعرفهم ببعضهم.. وتعلم الاطفال منذ صغرهم بأهمية الادخار.. لان النقود التي يجمعونها توفر لهم مبلغا يمكن لهم ان يشتروا به بعض الهدايا.. او يدخرونه. (العيدية) لها معنى آخر يختلف تماما عما يقدمه الآباء والامهات من نقود وهدايا لأبنائهم.. لان العيدية تأتي من الجيران والاقارب فتساهم في تعميق روابط المحبة بين الجميع. الاستعداد لها مبكرا وهناك العديد من الامهات ومن ربات البيوت كن يستعددن ل(عيدية) اطفال الحي بشكل مبكر قبل العيد.. اما عن طريق عمل بعض الحلويات الخاصة كالمعمولات والغريبات.. او البحث عن صرف عدد كبير من النقود الى فئات ريال.. أو خمسة ريالات لتوزيعها على اطفال الحي عند مجيئهم للبيوت. ولكل سن عيدية مختلفة عن السن الاخرى.. فالاطفال ممن هم دون الخامسة يعطون ريالا.. أو نصف ريال لكل واحد.. والذين هم فوق الخمس سنوات، وحتى الثانية عشرة لا يمكن ان يعطوا اقل من ثلاثة ريالات الى خمسة.. وقد تصل الى عشرة ريالات لكل واحد منهم. وتوزيع الامهات العيدية على الاطفال يتم بالتساوي دون تفريق.. وهذا يعكس جمال العيد.. وروح المحبة والالفة والتواد التي تسود العلاقات بين الناس حتى وقت قريب.. وقبل ان يعلق الناس بيوتهم على انفسهم وعلى اطفالهم.. وهذا لان عصر الطغيان المادي تغلب على نفوسنا.. واصبح الانسان يبخل حتى بادخال الفرحة على نفوس اقرب الناس اليه.. وهم اطفال الاقارب.. ولو بهدية متواضعة في قيمتها.. ولكن لها معاني كبيرة تجعل للعيد معنى. وتساهم في إيجاد الالفة والمحبة في المجتمع.. لقد ادت سنوات الطفرة.. والمدنية الحديثة الى تجفيف الكثير من السمات الجميلة في حياتنا..