العيدية عادة قديمة توارثها الآباء والأجداد، لتضفي على العيد لونا جماليا، يحمل معه الفرحة والبسمة، خاصة التي لدى الأطفال. وحتى وقت قريب كانت شوارع الأحياء تمتلئ وتزدان بالأطفال، وهم ينطلقون في احتفالية جميلة بمناسبة العيد نحو بيوت الجيران لمعايدتهم والسلام عليهم، وأخذ العيدية التي تكون أموالا أو حلويات أو معمولا، كان الكل يتصافح، وحين تقابل أطفال الحي بملابسهم الجديدة الزاهية، وهم يسيرون في جماعات، لا يترددون ان يقولوا لك (عيدية العيد يا عم). وكان هناك العديد من الأمهات ومن ربات البيوت يستعددن ل (عيدية) أطفال الحي مبكراً قبل العيد، إما عن طريق عمل بعض الحلويات الخاصة كالمعمولات والغريبات.. أو بالبحث عن صرف عدد كبير من النقود إلى فئات ريال أو 5 ريالات، لتوزيعها على أطفال الحي عند مجيئهم للبيوت. و لكل سن عيدية مختلفة عن السن الأخرى، فالأطفال ممن هم دون الخامسة يعطون ريالاً، أو نصف ريال لكل واحد، والذين هم فوق الخمس سنوات، وحتى الثانية عشرة لا يمكن أن يعطوا أقل من 3 إلى 5 ريالات. وقد تصل إلى 10 ريالات لكل واحد منهم. وتوزيع الأمهات العيدية على الأطفال بالتساوي دون تفريق، حتى على الأبناء أنفسهم، الذين يكونون ضمن الأطفال المعيدين، وهذا يعكس جمال العيد، وروح المحبة والألفة والتواد التي تسود العلاقات بين الناس حتى وقت قريب. كانت هذه الصورة التي عشناها وعاشتها عدة أجيال أكثر من رائعة.. وعاشها الكثير من أطفالنا وهم ينتقلون من بيت إلى بيت داخل الحي يعايدون الجيران، ولكنها اليوم توشك على الاندثار. فهي انحسرت واختفت ولم يعد لها وجود في بعض الأحياء.. بعد أن تغيرت الكثير من عاداتنا وتقاليدنا الجميلة. يذكر أحد الآباء أن تقديم (العيدية) للأطفال من قبل الجيران لها الكثير من المعاني الجميلة التي يفتقدها أطفال اليوم، فهي تشعر الطفل بالعيد، وتجعله يحس أن هناك شيئاً يختلف في هذا اليوم عما ألفه في الأيام الأخرى، وتزيد في ترابط الجيران والأقارب وسكان الحي، وتعرفهم ببعضهم، وتعلم الأطفال منذ صغرهم أهمية الادخار، لأن النقود التي يجمعونها توفر لهم مبلغاً يمكن لهم أن يشتروا به بعض الهدايا، أو يدخرونه.