انقسمت العاصمة الهولندية أمستردام التي يطلق عليها اسم (بندقية الشمال) حول خطة لاعادة فتح قنوات مائية ردمت منذ أكثر من مئة عام. يريد مجلس المدينة القيام بعمليات حفر في قلب ساحات انتظار السيارات وميادين وملاعب لكن بعض السكان يعارضون التخلي عن الاراضي الغالية الثمن لافساح الطريق امام المزيد من المسطحات المائية. وسارع العديد من سكان أمستردام البالغ عددهم 720 ألفا بوضع لافتات على نوافذ منازلهم يوضحون فيها موقفهم سواء مع أو ضد الخطة. لكن المشاعر احتدمت لدرجة أن بعض مؤيدي خطة شق القنوات نزعوا اللافتات عن نوافذهم خوفا من ردود انتقامية. وتلقى أحدهم بالفعل تهديدا بالقتل. تجتذب أمستردام المحاطة بحزام من القنوات يبلغ عددها 165 قناة يقطعها 1200 جسر أكثر من ستة ملايين سائح سنويا. وأصبحت القنوات التي تكتظ بالرحلات المائية السياحية في فصل الصيف من أهم ما يجذب السياح. ويقول مؤيدو خطة اعادة شق القنوات التي ردمت لاقامة طرق تستخدمها عربات تجرها الخيول ولتغطية ممرات مائية تحولت لمصارف ان المزيد من الممرات المائية سيجعل المدينة أجمل. لكن المعارضين يخشون من المضايقات التي ستسببها سنوات من الاعمال الانشائية في المواقع وأثر ذلك على الاعمال. وقال أرندت اوهيجين الذي يقيم فوق ممر مائي تم ردمه (القناة سيكون شكلها أفضل لكني أخشى من ان أفقد الاشجار...كما أنني أعارض الخطة لان أسس منزلنا ستتضرر). السفن ذات السقف الزجاجي المكتظة بالسياح الذين ينفقون العملة الصعبة المطلوبة بشدة لاقتصاد هولندا مظهر شائع في القنوات التي حفرت في باديء الامر في القرن الحادي عشر كوسيلة دفاع ضد الغزاة. وفي أوقات لاحقة استخدمت القنوات لنقل البضائع الثقيلة وحتى اليوم تستخدم شركة /دي.اتش.ال/ للخدمة البريدية السريعة القنوات لتجنب الاختناقات المرورية المزمنة في شوارع وسط أمستردام. والى جانب جمال الممرات المائية التي تحفها الاشجار من الجانبين يشير بعض السكان الى المزايا المالية للمنازل التي ستطل على القنوات. فأسعار المنازل المطلة على القنوات في أمستردام تزيد بنسبة ما بين 10 و15 بالمئة عن أسعار المنازل المطلة على الشوارع والتي لا تتمتع بمنظر الماء الخلاب ولا يوجد بها مكان لوقوف القارب. وتبنى مثل هذه المنازل بنوافذ واسعة مطلة على القنوات التي تعكس لون السماء نهارا واضاءة الجسور ونور القمر ليلا. ويقول ليكي ميلكيرت من رابطة أصدقاء وسط مدينة أمسترام (من الذي يفضل أن يطل على ساحة انتظار سيارات بدلا من قناة. ابقاؤها مغلقة لا معنى له... المسألة فقط أن الناس تخشى التغيير). وطرح مجلس المدينة خطة اعادة فتح القنوات لاول مرة في أواخر التسعينات. وفي عام 2002 شن الائتلاف الحاكم حملة ترويج للخطة التي قوبلت بمعارضة ملموسة. ويبدو أن حشد تأييد كاف للمشروع صعب رغم خطط لاستبدال ساحة انتظار سيارات ستلغى لصالح شق القنوات بأخرى تحت الارض. وقطاع الاعمال الذي تضرر من تباطؤ اقتصادي غير مقتنع أيضا بأن التعويضات التي ستدفع أثناء فترة الاعمال الانشائية ستعوض بالفعل خسائره الناتجة عنها. وقال ارت يان هولسيما عضو المجلس المحلي عن حزب الاحرار ان هناك حاجة لتأييد شعبي واسع النطاق لاعادة فتح القنوات الذي سيحتاج لتمويل من القطاع الخاص. ويشير بعض رجال الاعمال الى مشكلة تتعلق بخط جديد لمترو الانفاق يمر وسط المدينة ستؤثر عمليات انشائه التي تستمر نحو عشر سنوات على الاعمال في المنطقة. ويتكلف الخط 5ر1 مليار يورو وهو واحد من أغلى مشروعات مترو الانفاق على الاطلاق وبدأ العمل فيه عام 2003 ومن المقرر أن يستكمل عام 2011. وقال أحد أصحاب المتاجر (لا أنكر أن القنوات جميلة لكن هذا الجمال لا يعني الكثير اذا قل عدد زبائني لانهم لا يجدون مكانا يوقفون فيه سياراتهم أو يتجنبون المنطقة بسبب أكوام الحجارة والقاذورات). وقال آخر (هذا المشروع سيحدث فوضى...الكثير من الاعمال لن تتمكن من البقاء). لكن المسألة أقل تعقيدا بالنسبة للمتنزهين الذين يلتقطون الصور أو يجلسون في مقهى مطل على قناة. يقول السائح روبرت مايهيو من لندن (هذا أمر غريب...أمستردام مدينة يمشي فيها الناس على الاقدام. لست منشغلا بوجود مكان لوقوف السيارات. القنوات جميلة أريد رؤية المزيد منها). قنوات امستردام مصدر دخل للاقتصاد