أوضح د. سمير الضامر أنه يمكن تسليع الكاتب ورجل الدين لتحقيق أرباح طائلة من ورائهم، بعد أن أصبح بعضهم مثل أيقونة تتحكم فيهم دور النشر ويلتفون حولها كالمغناطيس تبعاً لما يتطلبه السوق. الضامر وعمران أثناء المحاضرة وعلل الضامر، خلال محاضرة ألقاها في نادي الأحساء الأدبي بالهفوف مساء الثلاثاء الماضي بعنوان «السلع والصناعة الثقافية»، خضوع الكاتب لمنطق السلع لوجود الصحافة الإلكترونية ودخولها في المشهد الثقافي والاجتماعي، وبالتالي فرض عدد من الأسماء والرموز بمنطق السوق وبمنطق السلعة، حسب ما ترتضيه دار النشر أو الصحيفة من قضايا اجتماعية وغيرها، فهناك دور نشر تتبنى شراء الرواية دون الشعر؛ لأن السوق يتطلب ذلك وطمعًا في الأرباح. ولم يخصص الضامر ذلك للكتاب ورجال الدين فقط، بل تعداه إلى الشاعر والمطرب، مشيراً إلى أن «هذا ناشئ عن المرجعيات المختلفة لأدوار هؤلاء، بل والصراع الدائم في الخطاب الديني الذي يحذر من المغنين والشعراء بوصفهم مصدراً لغواية الناس»، لافتاً إلى أن «هذا التصور سرعان ما ينزاح ويتلاشى إذا تدخلت السلعة، وفرض منطق السوق نظامه على الأشياء». وكان مدير المحاضرة رئيس لجنة الإعلام بالنادي جعفر عمران أكد في بداية تقديمه أن السلعة تطورت في زمننا المعاصر، حتى صارت لها شخصيتها المستقلة، التي تحمل رسالة معينة. وأشار الضامر إلى أن الشيخ والشاعر والمطرب يدورون في نظام واحد يقوم على آلية الإرسال (المرسل والمتلقي والشفرة)، موضحاً أن هذه الآلية تأخذ دورها في دراسات الجدوى، وإمكانية تحقيق أرباح طائلة من وراء هذه الرموز، فتجد أنهم ينتجون البرامج، ويحققوق أرباحها من خلال التسويق عبر الفضائيات المختلفة ورسائل الجوال القصيرة (SMS). وقال إنه يريد البحث في الآثار المادية التي تفرزها السلعة أو منطق السوق على العديد من القيم والأنظمة مثل الدين واللغة والعادات والفنون والآداب والسياسة والاقتصاد والإنسان، «وكيفية قدرة منطق السوق في عمل إزاحة تامة لتلك المفاهيم، وتحويلها من نظامها الكوني الطبيعي إلى نظامها الجديد وهو نظام التسليع والتشييء، وهو ما يجعل الدين واللغة والتربية والإعلام والرياضة وعموم الثقافة والرجل والمرأة والحيوانات والجمادات سلعاً تحمل خصوصية التبادل والمنافع والبيع والشراء والسرقة والتهريب بكل معايير الربح والخسارة، وتحقيق المصلحة بإغفال النظر عن مفاهيم المقدس أو الأخلاق أو الأعراف الاجتماعية؛ حيث كانت السلعة في يوم من الأيام تمثل في وعي الإنسان معادلاً للحاجة، أما السلعة التي لا يحتاجها فإنه لا يشتريها ولا يقتنيها». وأضاف: ما زلنا في ظل استقبال الثقافات الأخرى، بحكم التقنيات التي فرضت نفسها علينا، وهي الثقافة الاستهلاكية، وحمى الشراء، مع حاجة أو بدون، وهذه الثقافة تقوم على مبدأ الشيوع، بمعنى أن كل الأشياء مشاعة ومتاحة لكل الناس، سواء كانوا فقراء أو متوسطي الدخل أو أغنياء، ومنطق السلعة يتيح كل شيء لهؤلاء الناس بمختلف الحلول المالية الميسرة والسهلة. وقلل الضامر من الجدوى التربوية أو العلمية أو الأدبية أو الدينية، لأن نظام السلعة ب»لغته وأيقوناته ورموزه وثقافته» تواطأ على استعباد الملايين من البشر لمنطق السوق الجديد.