قال الباحث في الآداب والثقافة الدكتور سمير الضامر إن الكاتب أصبح أيقونة تتحكم فيه دور النشر ويلتف هو حولها كالمغناطيس تبعًا لما تتطلبه السوق"، معللاً خضوع الكاتب لمنطق السلع لوجود الصحافة الإلكترونية ودخولها في المشهد الثقافي والاجتماعي، وبالتالي فرض عدد من الأسماء والرموز بمنطق السوق وبمنطق السلعة، حسب ما ترتضيه دار النشر أو الصحيفة من قضايا اجتماعية وغيرها، مشيرا إلى إمكانية تسليع رجل الدين لتحقيق أرباح طائلة من ورائه. وأشار الضامر في معرض محاضرته في أدبي الأحساء "السلع والصناعة الثقافية"، التي أدارها رئيس لجنة الإعلام بالنادي جعفر عمران أول من أمس إلى أننا ما زلنا نستقبل الثقافات الأخرى بحكم التقنيات التي فرضت نفسها علينا، فثقافتنا استهلاكية، ولدينا حمى شراء لكل شيء نحتاجه أو لا نحتاجه، وهذه الثقافة تقوم على مبدأ الشيوع، بمعنى أن كل الأشياء مشاعة ومتاحة لكل الناس، والنتيجة هي بروز نوع جديد للعبودية في القرن الحادي والعشرين، واستعباد السلعة لشرائح المستهلكين. وأضاف أن هناك دور نشر تتبنى شراء الرواية دون الشعر، لأن السوق يتطلب ذلك وطمعاً في الأرباح، ولم يقتصر على "تسليع رجل الدين" بل تعداه إلى الشاعر والمطرب، وهذا ناشئ عن المرجعيات المختلفة لأدوار هؤلاء، بل والصراع الدائم في الخطاب الديني الذي يحذر من المغنين والشعراء بوصفهم مصدراً لغواية للناس، ولكن هذا التصور سرعان ما ينزاح ويتلاشى إذا تدخلت السلعة، وفرض منطق السوق نظامه على الأشياء، معتبراً أن (الشيخ، والشاعر، والمطرب) يدورون في نظام واحد يقوم على آلية الإرسال المعروفة (المرسل المتلقي الشفرة)، وهذه الآلية تأخذ دورها في دراسات الجدوى، وإمكانية تحقيق أرباح طائلة من وراء هذه الرموز، فتجد أنهم ينتجون البرامج، ويحققون أرباحها من خلال التسويق عبر الفضائيات المختلفة، ورسائل sms. وأكد الضامر أنه يريد أن يبحث في الآثار المادية التي تفرزها السلعة أو منطق السوق على العديد من القيم والأنظمة كالدين واللغة والعادات والفنون والآداب والسياسة والاقتصاد والإنسان، وكيفية قدرة منطق السوق في عمل إزاحة تامة لتلك المفاهيم، وتحويلها من نظامها الكوني الطبيعي إلى نظامها الجديد وهو نظام التسليع، الذي يجعل الدين، واللغة، والتربية، والإعلام، والرياضة وعموم الثقافة، والرجل والمرأة والحيوانات، والجمادات سلعًا تحمل خصوصية التبادل والمنافع، والبيع والشراء، والسرقة والتهريب، بكل معايير الربح والخسارة، وتحقيق المصلحة، بإغفال النظر عن مفاهيم المقدس أو الأخلاق أو الأعراف الاجتماعية، حيث كانت السلعة في يوم من الأيام تمثل في وعي الإنسان معادلاً للحاجة، أما السلعة التي لا يحتاجها فإنه لا يشتريها ولا يقتنيها، لكنه لم يظل على بدائيته، بل سعى من خلال الحرف والصناعات التقليدية لتأسيس حضارة تطورت على مر الأزمنة، فنشأت الأسواق، وتكاثرت السلع والاحتياجات.