تفاقمت أزمة سوق الجملة بالدمام بصورة ملحوظة, جراء أزمة الزبائن وتراجع المبيعات, وانخفاض الحركة التجارية في السوق. وقالت معلومات قريبة من السوق الذي كان في يوم ما مصدرا للمواد الغذائية والاستهلاكية بالمنطقة الشرقية, ان حركة المبيعات في السوق باتت مقتصرة على المواسم, مثل شهر رمضان, وبصورة أقل مما كانت عليه في السنوات الماضية, مما استدعى العديد من العاملين في السوق الى ايقاف نشاطهم فيه ونقله الى أماكن اخرى. وقال متعاملون مع السوق ان الأزمة بدأت حينما تراجع اقبال اهم زبائن السوق وهم تجار التجزئة, حيث لم يعودوا يعتمدون في توفير سلعهم وبضائعهم على السوق, بل صاروا يتعاملون مباشرة مع المصانع الوطنية, مثل مصانع الألبان والحلويات والعصائر والمشروبات الغازية, ويحصلون على اسعار اقل مما لو تعاملوا مع سوق الجملة, كذلك صار العديد من تجار التجزئة يتعاملون مع الموردين الكبار في الحصول على بضائعهم, دون المرور على تجارة الجملة, وكانوا في بعض الأحيان يحصلون على اسعار مشجعة, فوق ذلك قام العديد من تجار التجزئة بفتح اعتمادات خارجية يستوردون بموجبها سلعا خاصة بهم, يقومون بتسويقها عبر مراكزهم, فتضاءل اعتمادهم على سوق الجملة. واضاف هؤلاء ان الوضع بدأ تدريجيا, وتطور حتى بات سوق الجملة سوقا رمضانيا فقط, وحتى في شهر رمضان لم يتوجه تجار التجزئة ولا المستهلكون الى السوق, خاصة ان مبتغاهم يتم توفيره من غير سوق الجملة, مما دفع تجار الجملة انفسهم الى تحويل نشاطهم (كليا او جزئيا) الى سوق التجزئة, في خطوة اعتبرت اقوى الضربات الموجهة لسوق الجملة, فتاجر الجملة وجد ان افضل وسيلة لتسويق سلعه, سواء التي يستوردها, او يوفرها من كبار الموردين. ولعل هذا الأمر والكلام للمتعاملين انفسهم كان عاملا اساسا في توسع تجارة التجزئة, وازدياد عدد مراكز التسويق في المنطقة الشرقية, التي باتت الحلقة الثانية الرابطة بين المنتج (او المورد) والمستهلك, اي انها الغت حلقة تاجر الجملة, التي يوفر السلعة لتاجر التجزئة ومنه للمستهلك. ويؤكد العديد من مراقبي الحركة التجارية في المنطقة الشرقية ان ثمة خللا تسويقيا وقع فيه تجار الجملة, فكانوا في وقت من الاوقات مقصدا للكل, فأصحاب البقالات ومراكز التسويق الصغيرة وتجار التجزئة كانوا يأتون الى السوق, لكن الوضع تغير فلم يعد صاحب البقالة بحاجة لأن يتجشم العناء ويذهب الى السوق, فهناك شبكة من الموزعين يعتمدها الموردون والمصانع, متجاوزين سوق الجملة, الذي بقي على رسائله التسويقية القديمة حتى بات السوق تراثيا, في المقابل نجد محلات البيع بالتجزئة تبذل وسائل عدة لجذب الزبائن كالهدايا والمسابقات والعروض الخاصة, فضلا عن متعة التسوق المفقودة في سوق الجملة. واشار هؤلاء الى القول إن سوق الجملة بالدمام تحول الى مستودعات, الى مراكز تسويق اخرى, فأغلب المتعاملين يعتمدون على قنوات تسويقية خاصة بهم في سوق التجزئة, فهم الذين يبحثون عن الزبائن وعن تجار الجملة, ويذهبون لهم, ويؤجلون مطالباتهم المالية لعدة اشهر, بل صار كل تاجر جملة يعتمد على شبكة من المسوقين للوصول الى سوق التجزئة, بل ان بعضهم فتح محلات اخرى قرب مراكز التسويق المجزأة, مثل شارع 41 وعلى صلة بالموضوع افاد مقربون من السوق ان اسعار ايجارات المحلات في سوق الجملة قد انخفضت بنسبة كبيرة, جراء خروج العديد من التجار منها, وعدم رغبتهم في الاستئجار, اي ان الطلب على المحلات تراجع بصورة ملحوظة خلال السنوات الماضية, بل ان بعض التجار خصوصا من تحول كليا الى سوق التجزئة عرض محله للبيع بنصف قيمته. وخلصوا الى القول ان الزبون (تاجرا او مستهلكا) يفضل البيع والشراء في اجواء مريحة, تبدأ من توافر مواقف السيارات, وتنتهي بتوافر اماكن الترفيه كالمطاعم ومدن العاب الاطفال, فضلا عن التكييف والتدفئة والحماية من الحر والمطر.. وهذا ما لا توفره سوق الجملة لأحد, حتى كبار مرتاديها!