استقبلت سوق الاوراق المالية الالمانية أسهم بنك الادخار وخدمات التجزئة المصرفية بوست بنك أيه جي التابع لشركة الخدمات البريدية دويتشه بوست في أول أيام طرحها للتداول. وقال المراقبون إن هذا الطرح العام الاولي لاسهم البنك هو أكبر طرح عام في أسواق المال الاوروبية خلال العام الحالي. في الوقت نفسه فإن هذه الخطوة تمهد الطريق أمام طرح المزيد من أصول الدولة الالمانية للبيع خلال الفترة المقبلة لسد جزء من العجز المالي في الميزانية الالمانية. وفي حين بدأ تداول جزء من أسهم البنك بقيمة 55.1 مليار يورو (9.1 مليار د ولار) كشفت الحكومة الالمانية عن مشروع ميزانيتها للعام المالي الجديد وتتضمن بيع أصول عامة بقيمة 4.15 مليار يورو في محاولة من جانبها للالتزام بالحد الاقصى لعجز الموازنة وفقا لميثاق النمو والاستقرار النقدي لدول العملة الاوروبية الموحدة. ومن المنتظر اتجاه برلين إلى بيع باقي حصتها في شركتي دويتشه بوست للخدما ت البريدية ودويتشه تيليكوم للاتصالات بنهاية عام 2006 مع بدء بيع الجزء الاكبر من أسهم الشركتين العام المقبل. وبعد الكثير من الجدل والشد والجذب بين مختلف أطراف السوق المالية الالمانية طرح الاربعاء أسهم بوست بنك للتداول في بورصة فرانكفورت للاوراق المالية. اتسم استقبال السوق للسهم بكثير من الحذر حيث جرى تداوله مقابل 92 يورو تقريبا للسهم بزيادة قدرها نصف يورو فقط عن الحد الادنى الذي حددته شركة دويتشه بوست مالكة البنك لسعر الطرح وهو 5.28 يورو. وكان من المقرر طرح أسهم بوست بنك في البورصة يوم الاثنين الماضي. ولكن ر د فعل المحللين والمستثمرين العنيف على النطاق السعري وحجم الطرح الذي حددته دويتشه بوست للاسهم أدى إلى تأجيل موعد الطرح إلى اليوم وخفض النطاق السعري بنسبة 10 في المئة وحجم الطرح أيضا. في الوقت نفسه أعرب كلاوس تسومفينكل الرئيس التنفيذي لشركة دويتشه بوست عن رضاه عن أداء سهم بوست بنك في أول أيامه بالبورصة وقال إن هذا يعطينا الامل. ولكن الواقع يشير إلى أن سعر الطرح الاولي الذي تحدد مساء أمس وهو 5.28 يورو للسهم هو الحد الادنى للنطاق السعري الذي حددته الشركة للاكتتاب في سهم البنك الذي تراوح بين 28 و32 يورو بعد أن اضطرت إلى تخفيضه عن النطاق السعري السابق الذي تراوح بين 5.32 و5.36 يورو للسهم. ويشير هذا إلى أنه رغم تقلب أسواق المال الأوروبية فإن الشركات تبدو متمسكة بخطط طرح أسهمها للبيع. فقبل 24 ساعة فقط من طرح أسهم بوست بنك للبيع كشفت شركة الاتصالات الفرنسية فرانس تيليكوم عن خطتها لطرح أسهم وحدة دليل الهاتف التابعة لها للبيع في البورصة. ولكن طرح أسهم بوست بنك لم تكن عملية سهلة. فبعيدا على المعركة بين دويتشه بوست والمحللين بشأن سعر وحجم الطرح فإن سلسلة عقبات ظهرت في طريق عملية الطرح منها تسرب مذكرة داخلية لبنك دويتشه بنك الذي يدير عملية الطرح تحد د سعر سهم البنك بقيمة 25 يورو وهو ما يقل عن السعر الذي حددته دويتشه بوست الام للسعر. ورغم ذلك فإن المستثمرين لم يتأثروا فيما يبدو بالمشكلات التي يواجهها البنك حيث أعلنت دويتشه بوست أن حجم الاكتتاب على أسهم البنك في الفترة التي سبقت الطرح زادت بمقدار الضعف عن الكمية المطروحة. وكانت الشركة الالمانية قد قررت تخفيض كمية الاسهم المطروحة للبيع بمقدار الثلث. وكانت الخطة الاساسية تتضمن طرح 9.49 في المئة من أسهم البنك للبيع. وحتى بعد إعلان دويتشه بوست عن النطاق السعري الجديد للسهم وهو 28 و32 يورو للسهم الاسبوع الماضي قال مديرو صناديق الاستثمار للشركة إنهم مازالوا مهتمين بشراء السهم بسعر يتر اوح بين 28 و29 يورو. وكانت الشركة في إطار الاعداد لطرح السهم قد أقامت سوقا رمادية غير رسمية لتداوله مقابل 29 يورو وذلك قبل الطرح الرسمي له. من ناحية أخرى تأمل دويتشه بوست التي ستحتفظ بحصة الاغلبية في البنك في ا ستخدام حصيلة البيع من أجل خفض ديونها وتمويل توسعاتها في أوروبا. وأخيرا فإنه يحسب لدويتشه بوست شجاعتها في تحدى ظروف السوق غير المواتية وطرح أسهم البنك للبيع ومن قبلها طرح أسهمها ذاتها في تشرين الثاني/نوفمبر 2000 رغم أن ثلاث شركات ألمانية كبرى مازالت مترددة بشأن تنفيذ خطط قديمة لطرح أسهمها للتداول انتظارا لخروج السوق من حالة المعاناة المستمرة منذ ثلاث سنوات. لذلك لا نملك سوى الانتظار لمعرفة نتيجة جرأة دويتشه بوست.