صدر عن عدد من اصحاب الفضيلة العلماء بيان يستنكرون فيه الاعمال الاجرامية التي اقترفتها الفئة الضالة في عدد من مناطق المملكة راح ضحيتها العديد من الابرياء.. ووصفوا تلك الاعمال بأنها جرم شنيع ومنكر عظيم. وفيما يلي نص البيان.. بسم الله الرحمن الرحيم، بيان حول أحداث التفجير والقتل. الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد.. فإن دين الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس, وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال. وحرم الاعتداء عليها بأي نوع من أنواع التعدي. وإن ما حدث من تفجير في مدينة الرياض ظهر يوم الأربعاء 2/3/1425ه, وما سبقه من تفجيرات وأحداث حصل بسببها إزهاق للأرواح, وإضرار بالأنفس والممتلكات العامة والخاصة, لهو جرم شنيع, ومنكر عظيم, لا يشك من له أدنى بصر في نصوص الكتاب والسنّة, وأقوال علماء الأمة, في تحريمه, وجرم فاعله, وذلك من وجوه.. أحدها: أن هذا العمل ضرب من ضروب الإفساد في الأرض, وقد نهى الله عزّ وجلّ عن ذلك في كتابه, وشنّع على فاعله. قال تعالى: (وَلاَ تَعءثَوءا فِي الأَرءضِ مُفءسِدِينَ) وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعءجِبُكَ قَوءلُهُ فِي الءحَيَاةِ الدُّنءيَا وَيُشءهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلءبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الءخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرءضِ لِيُفءسِدَ فِيِهَا وَيُهءلِكَ الءحَرءثَ وَالنَّسءلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَاد) وقال عزّ وجلّ: (وَلاَ تُفءسِدُواء فِي الأَرءضِ بَعءدَ إِصءلاَحِهَا) وقال تعالى: (وَلا تَبءغِ الءفَسَادَ فِي الأَرءضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الءمُفءسِدِين). الثاني: أن فيه إزهاقاً للأنفس المعصومة بغير حق. وقد أجمع علماء الأمة على تحريم الاعتداء على النفس المعصومة بغير حق - سواء كانت نفس مسلم - أو غير مسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة - وذلك لتضافر النصوص من الكتاب والسنّة الدالة على تحريم ذلك, وأنه كبيرة من كبائر الذنوب, والتحذير منه ومن سوء عاقبته. اما المسلم فقد قال تعالى: (وَمَن يَقءتُلء مُؤءمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيءهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) وقال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدءعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقءتُلُونَ النَّفءسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالءحَقِّ وَلا يَزءنُونَ وَمَن يَفءعَلء ذَلِكَ يَلءقَ أَثَاماً 68 يُضَاعَفء لَهُ الءعَذَابُ يَوءمَ الءقِيَامَةِ وَيَخءلُدء فِيهِ مُهَاناً 69 إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا) الفرقان. وقال تعالى: (مِنء أَجءلِ ذَلِكَ كَتَبءنَا عَلَى بَنِي إِسءرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفءسًا بِغَيءرِ نَفءسٍ أَوء فَسَادٍ فِي الأَرءضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنء أَحءيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحءيَا النَّاسَ جَمِيعًا) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: (لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراما) رواه الإمام أحمد والبخاري, وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي قال: (أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس..) الحديث. رواه البخاري... وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم) رواه الترمذي والنسائي... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) رواه مسلم... وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله) رواه البخاري. وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن رسول الله قال: (لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لاكبهم الله في النار) رواه الترمذي. أما غير المسلم من المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة فقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة, وأن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما). الثالث: أن فيه إتلافاً للأموال المعصومة بغير حق.. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) وصح عنه عليه السلام قوله: (كل المسلم على المسلم حرامه دمه وماله وعرضه).. وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن اقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ويقيموا الصلاة, ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله). الرابع: أن فيه ترويعاً للمسلمين الآمنين. وقد قال النبي المصطفى عليه السلام: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) رواه الإمام أحمد وأبو داود. الخامس: أن فيه حملاً للسلاح على المسلمين, وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) ولمسلم عنه أيضاً قال: قال رسول الله: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي, وإن كان أخاه لأبيه وأمه) فإذا كان هذا في حمل السلاح والإشارة به, فكيف بمن استعمله ضد المسلمين ؟! وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حمل علينا السلاح فليس منّا) خرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. السادس: أن فيه ايذاءً للمسلمين. وقد قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤءذُونَ الءمُؤءمِنِينَ وَالءمُؤءمِنَاتِ بِغَيءرِ مَا اكءتَسَبُوا فَقَدِ احءتَمَلُوا بُهءتَانًا وَإِثءمًا مُّبِينًا) وصح عنه عليه السلام أنه قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). السابع: أن في هذه الأعمال تفرقة لصف المسلمين, ووحدة كلمتهم التي هم أحوج ما يكونون إليها في زمن تكالبت فيه الأمم عليهم يبغونهم الغوائل, ويتربصون بهم الدوائر, وقد قال سبحانه: (وَاعءتَصِمُواء بِحَبءلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواء). وقال سبحانه: (وَلاَ تَنَازَعُواء فَتَفءشَلُواء وَتَذءهَبَ رِيحُكُم). أخيراً فإننا نوصي المسلمين جميعاً, ومن وقع في شيء من هذه الأعمال, أو وقع في روعه لوثة من هذا الفكر أن يتقي الله عزّ وجلّ في نفسه وفي إخوانه المسلمين وأن يتوب إلى الله عزّ وجل ويقلع عن كل ذنب اقترفه ويرجع إلى جادة الصواب والحق, ويكون صفاً مع إخوانه ضد أعدائهم المتربصين بهم, وألا يكون معول هدم لكيان الأمة. كما نحذر كل مسلم من تكفير اخوانه المسلمين بغير حق. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر رضي الله عنه: (من دعا رجلاً بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) رواه البخاري ومسلم. وباب التكفير باب فتنة ومزلة, وأهل السنّة والجماعة فيه وسط بين المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب, وبين الخوارج الوعيدية المكفرين بكل كبيرة, وله ضوابط وشروط يجب تحققها, وموانع يجب انتفاؤها, يعلمها المحققون من أهل العلم. وليعلم أيضاّ أن مفارقة الجماعة, وشق عصا الطاعة كبيرة من كبائر الذنوب, فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خرج من الطاعة, وفارق الجماعة, فمات مات ميتة جاهلية) رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) رواه الإمام أحمد وأبو داود. كما أن على كل مسلم الرجوع فيما أشكل عليه إلى العلماء الربانيين, وسؤالهم, والصدور عن رأيهم, وقد قال الله عزّ وجلّ (فَاسءأَلُواء أَهءلَ الذِّكءرِ إِن كُنتُمء لاَ تَعءلَمُونَ), وقال سبحانه: (وَإِذَا جَاءهُمء أَمءرٌ مِّنَ الأَمءنِ أَوِ الءخَوءفِ أَذَاعُواء بِهِ وَلَوء رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوءلِي الأَمءرِ مِنءهُمء لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسءتَنبِطُونَهُ مِنءهُمء). كما أننا نحذر الجميع من التسرع الى الفتيا, وقفوا ما لا علم لهم به, وقد قال سبحانه: (وَلاَ تَقءفُ مَا لَيءسَ لَكَ بِهِ عِلءمٌ إِنَّ السَّمءعَ وَالءبَصَرَ وَالءفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنءهُ مَسءؤُولاً) وقال سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَقُولُواء لِمَا تَصِفُ أَلءسِنَتُكُمُ الءكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفءتَرُواء عَلَى اللّهِ الءكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفءتَرُونَ عَلَى اللّهِ الءكَذِبَ لاَ يُفءلِحُونَ 116 مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمء عَذَابٌ أَلِيم117) النحل. ختاما فإن النصيحة واجبة للمسلمين عامة وخاصة والسعي في الإصلاح بالمنهج الشرعي - وفق كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم طريق الرسل, ومنه ورثتهم من العلماء الربانيين, فعلى كل ساع في الإصلاح أن ينهج طريقه, وأن يحذر العوج والسبل المضلة (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسءتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواء السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمء عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمء وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمء تَتَّقُونَ). نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يهدي ضال المسلمين, وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه, ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنضل, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. الموقعون.. الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك والشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين والشيخ الدكتور سفر ابن عبدالرحمن الحوالي والشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة والشيخ الدكتور عبدالله بن حمود التويجري والشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر.