الدكتور الفاضل.. ناصح الرشيد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...... وبعد في البداية أبعث لك بشكري، وتقديري على تلك الصفحة التي تمتلئ بشموع الأمل التي تضيء حياتنا وتسطر لنا حروف التفاؤل والأمل في غد أفضل ويكفيكم هذا الحديث الذي يطوق أعناقكم.. والذي يعتبر شهادة حق في حقكم والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً (يحشر قوم من أمتي يوم القيامة على منابر من نور يمرون على الصراط كالبرق الخاطف نورهم تشخص منه الأبصار لا هم بالأنبياء ولا هم بصديقين ولا شهداء. إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس) فهنيئاً لكم بهذا الشرف العظيم وهنيئا لنا بكم. سيدي الفاضل.. لست من محبي الصحف أو حتى مطالعتها حتى ذلك اليوم الذي ساقت فيه الصدفة جريدتكم ( اليوم) لتقع بين يدي.. وتقع تحت عيني تلك الصفحة.. ظللت أقرأها مرات عديدة وأنا متأرجحة ما بين لحظات اليأس والحيرة والأمل القادم.. الذي انتظرته عشرين عاماً.. أحس به يسري مسرى الروح البائسة في جسدي.. فأطلقت العنان لقلمي لأبوح لك بسر أثقل كاهلي وحطم حياتي سنوات طوال.. وأنا على ثقة بأن أجد لديكم النصح والإرشاد.. والاهتمام الأبوي. أيها الأمل.. ظللت سنوات طوال أحاول البحث عن أجابة لسؤال خطته حروف حياتي البائسة.. ولم أجد الأجابة أو بالأحرى الاختيار بين السؤالين.. هل نحن نصنع حياتنا وأحلامنا أم أن أحلامنا هي التي تقودنا لحياتنا ومصيرنا كان ابن عمي.. فتحت عيني على هذه الحياة وأنا أسمع تلك المقولة.. ( سعاد لفارس وفارس لسعاد) لم أدرك معناها أو مغزاها فهو يكبرني بأعوام.. وكان يحضر لي الحلوى كلما قدم لزيارة أهلي في قريتنا الصغيرة .. قرية صغيرة وطفلة صغيرة أحلام بسيطة وضفائر مخضبة بالحناء.. وصويحبات المدرسة البسيطة نفرح بها ونجلس طوال الليل ننتظر شروق الشمس حتى نهب إليها وكلنا فرح وسعادة فذلك عالم جميل لا يفهمه غير البسطاء.. تلك بعض ذكريات العمر الذي ذهب مع الريح بعد أن بلغت الخامسة عشرة بدأت طقوس غريبة تعم المنزل .. مع الهمس الذي بدأ يرسم شرنقة حياتي وحكايتها في الخفاء.. لم أحاول فك رموزها أو حتى محاولة فهم مغزاها فعالمي هناك في المدرسة.. حتى اجتمعت العائلة وحضر عمي الكبير من المدينة حاملاً الهدايا والمال.. وعلقت الزينات.. ودقت الطبول فالليلة زفاف سعاد عم الفرح القرية الصغيرة.. فهناك للفرح طعم خاص ولحظات لا تنسى.. والطفلة الصغيرة مازالت أمها تجدل ضفائرها السوداء، سيدي الفاضل: دكتور ناصح أحسست بفرح الطفولة يرفض الواقع القادم.. ويفرح بتلك الملابس الجديدة .. والحلى المرسومة بعناية والنساء من حولي يعطرنني باحلى العطور .. لحظات غريبة كنا نفرح بفستان العيد وبحناء العيد ننتظر تلك اللحظات .. واليوم هناك العديد من الثياب والكثير من الحناء .. فما اغرب الحياة لم يدم فرح الطفولة .. فالرعب تملكني من تلك النظرات الجاحظة والمحدقة بي وهي تدفعني الى تلك الحجرة الباردة .. والطبل يعربد بثنايا الذاكرة .. وأنا انزوي في أحدى الزوايا أمسك بذيل الفستان.. وذلك القادم يقترب .. أكثر فاكثر بعدها طمأنني وأخرج يده ليلوث قطعة بيضاء عليها بعض البقع .. ويخرج مهللا تلك الأجساد المكتظة عند الباب!! يا سيدي تبدلت القرية بالمدينة الحديثة والمنزل الطين بالقصر العظيم هناك في منزل غريب علي بدت حياتي البائسة ومرت الأيام وتلتها الشهور والسنون وكبرت بقرب زوجي كما سموه وكما سميته أنا أخي نعم أيها الفاضل كما أحسست به وكما قدر الله لي .. العروس التي ما زالت عشرين عاما عذراء وهو الرجل الكامل الرجولة في نظر المجتمع والعائلة وبعد أن نضجت وفهمت أحاسيس ومعنى الأنثى .. كنت أخته الذي مازال يحضر لها الحلوى لم يعاملني الا بكل احترام أغدق علي من كل متع الدنيا .. حرص على صمتي بكل المغريات منه ومن عمي الذي كان يدرك من قبل علة ابنه وازيدك من الشعر بيتا .. أشاعوا اني عقيم حتى يلجموا الألسنة التي تتساءل عن الولد والتلد؟ قلت زيارتي إلى أهلي او بالأحرى انعدمت .. اغرق عليهم عمي من الدنيا حتى باتوا لا يشاهدون ولا يسمعون غيره .. فانطويت على نفسي وفقدت الأمل في البوح والأمل او حتى الأمل ... ألي أن جاء ذلك اليوم الذي تعرض فيه زوجي (أخي) الى حادث اليم خرج بعده من المشفى مقعدا.. طريح الفراش امتحان جديد واختبار وبلاء في حياتي وحضر عمي قرر حملنا الى بيته الخاص بحجة الوضع الجديد ورغبته في عناية ابنه .. حاولت الرفض أو المعارضة فكان الأمر القاطع .. وهناك بدأت حياة جديدة من الشقاء والتعاسة .. فاليوم أنا زوجة شابة جميلة زوجها طريح الفراش .. مطلوب منها أن تكون في حالة حداد وحزن تام يرفض لها الخروج أو الإحساس بفرح الحياة .. أمرها ليس بيد زوجها بل بيد عمها الذي اغلق عليها مخارج السعادة من كل جانب .. فحزنه على ابنه الوحيد جعله يجعل مني كبش فداء يخرج فيه كل العقد النفسية التي تملكته. وزادت الأمور في تعقيدها حاولت ان اشرح لزوجي .. الصامت حاولت أن أوقظ داخله الضمير الذي مات منذ عشرين عاما وجعل مني مجرد واجهة اجتماعية لرجل لا يملك من أمره شيئا ؟ فما كان منه غير الصراخ وإحضار والده الذي أمطرني بوابل من الضرب والشتم .. فنحن بنات القبائل ولا يجب أن يصدر منا ما يسيء للعائلة او ابن العم .. حاولت أن أكلم أمي أو أبي ولكن لا حياة لمن تنادي لقد أعمت الفلوس والعادات عقولهم .. وأصبحت أنا ابنة عاقة وزوجة ظالمة تحاول الخلاص من زوجها الطريح الفراش. سيدي حاولت أن أخبرهم أنني مازلت الزوجة العذراء ولكن شل لساني فكيف أحكي اليوم وكيف أشرح ومن سوف يصدق ومن يقف معي منذ عشرين عاما مضت ولم أبح بهذا السر ..فكيف اليوم ... وسط هذه الظروف سيدي اختيار صعب .. والعمر يمر بين أناملي مثل أوراق الخريف المتساقطة وأنا مازلت مكبلة لا أستطيع الخلاص من شرنقة العرف والعادات والقرابة القاتلة .. سيدي هذه ظروف حياتي.. لا شهادة .. ولا أهل يتقبلون الحوار ولا عم ولا زوج يخاف الله في ويحاولون أن يصلحوا ما أفسدوه منذ عشرين عاما بفكره القائم على أن يبقى الرجل مهما كانت الضحايا .. سيدي الفاضل .. أغثني بنصحك فأنا على اشد من الجمر في انتظار أجابتك . ابنتك البائسة. سعاد . ف الاخت سعاد.. رد خاص لقد فجرت قصتك قضايا كثيرة بعضها يرتبط بالمجتمع وبعضها يرتبط بالعادات والتقاليد وبعضها يرتبط بالإنسانية وغيرها . ولذا سوف أقوم بتأجيل الرد على رسالتك إلى الأسبوع القادم ليكون هناك رد خاص ومطول لأن هذه القضية تطال أمورا كثيرة كما نوهنا ، لك تقديرنا على معاناتك ونأمل من الله أن يكون هناك من ينصحك قريبا.