دعا الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في أول رد فعل له بعد فوزه بفترة رئاسة ثانية إلى لم الشمل وإصلاح ذات البين وتوطيد وشائج التضامن بين الجزائريين والثقة في مستقبل الجزائر. وفي رسالة إلى منافسيه في الانتخابات دعا بوتفليقة إلى طي الصفحة واعتبار ما حدث أثناء الانتخابات مجرد حماس انتخابي بقوله في خطاب بثه التلفزيون الجزائري لقد ولت الانتخابات وانتهت، كما دعا منافسيه الذين هددوا بالانتفاضة ورفض نتائج الانتخابات وعلى رأسهم غريمه علي بن فليس زعيم حزب جبهة التحرير الوطني، وسعيد سعدي من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والشيخ عبد الله جاب الله زعيم حركة الاصلاح الوطني إلى الهدوء والسكينة بقوله علينا الان أن نخلد الى الهدوء ونتغاضى عما أصابنا من جروح ونتوخى روح التسامح والتفاهم في علاقتنا الاجتماعية التي تمكننا من التقارب لبعضنا البعض. ووعد بوتفليقة الجزائريين أن يظل رئيسا لجميع الجزائريات والجزائريين إثر طعن أبرز منافسيه في نتائج الانتخابات المعلنة ووعد أن يعمل من أجل المساهمة في حل مشاكل الجزائريين التي استمع إليها بمناسبة تنشيطه للحملة الانتخابية داعيا الجميع إلى الالتفاف لخدمة البلاد وبناء الوطن. ووجه بوتفليقة الشكر إلى كل الجزائريين بدون استثناء، وإلى احزاب التحالف الرئاسي. واعتبر النجاح الذي حققه نجاحا باهرا ولا غبار عليه مشيرا إلى أن نتائج الانتخابات التي يشكك فيها منافسوه كانت شفافة ونزيهة، وهي الانتخابات التي ارتقت بالجزائر حسب الرئيس بوتفليقة إلى مراتب الدول الاكثر عصرية بفضل نضج الشعب الجزائري. وحصل بوتفليقة "67 عاما على 49ر83 بالمئة من عدد الاصوات بحيث لم تعد هناك ضرورة لاجراء جولة ثانية من الانتخابات في حين لم يحصل رئيس الوزراء السابق علي بن فليس الذي كان يعتقد أنه أخطر منافس لبوتفليقة إلا على 93ر7 في المئة من الاصوات. ويثير حجم الفوز الكبير شبهات حول نزاهة الانتخابات. وكان بوتفليقة حصل على نسبة 79ر73 من الاصوات في انتخابات 1999 بعد انسحاب جميع خصومه زاعمين أن الجيش الجزائري تدخل في الانتخابات. وكان ثلاثة مرشحين أعلنوا بعد إعلان النتائج الاولية أن الانتخابات تعرضت للتزوير ووصف رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي نتائج الانتخابات بأنها شفافة ونزيهة. وفند أويحي خلال مؤتمر صحافي ادعاءات المعارضة بتزوير الانتخابات لصالح بوتفليقة مشيرا إلى أن نتائج هذه الانتخابات رد شاف وكاف على دعاة النزول إلى الشارع في إشارة إلى المنافسين الرئيسيين لبوتفليقة في الانتخابات. وأويحي هو أحد أطراف التحالف الرئاسي الملتف حول الرئيس بوتفليقة بزعامته لحزب التجمع الوطني الديمقراطي وبرفقة حزبي حركة مجتمع السلم بقيادة أبو جرة سلطاني والحركة التصحيحية لحزب جبهة التحرير الوطني بقيادة عبد العزيز بلخادم. ومن جهته اعتبر سعيد سعدي مرشح حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية البربري، نتائج الانتخابات بالكارثة وقد حصل سعدي على المرتبة الرابعة بنحو 119 ألف صوت بنسبة 93ر1 بالمئة، ولخص سعدي خلال مؤتمر صحفي حالات التزوير إلى ثلاثة مستويات بتواطؤ الادارة ومصالح الامن الجزائرية في عدد من الولاياتالجزائرية فضلا عن محيط بوتفليقة. وكشف سعدي بالدليل المادي عن وثائق استغلها أنصار بوتفليقة لترجيح الكفة لصالح الرئيس المرشح منها طبع بطاقات الانتخاب بيضاء لاستغلالها من طرف أنصاره. وتساءل سعيد سعدي كيف يتمكن بوتفليقة من احتلال سلم الترتيب بولاية تيزي أوزو كبرى المدن البربرية وهو الذي فر منها على متن طائرة نفاثة. ووصف سعدى إعادة انتخاب بوتفليقة بأنه كارثة وطنية ودعا إلى مناهضة هذا الخيار بل وحتى إسقاطه بمختلف الوسائل السلمية وأشار أنه سينشر تقريرا حول سير العملية الانتخابية بالجزائر وسيتم توزيعه لاحقا لاخطار مختلف المؤسسات والمنظمات الدولية حول الانحرافات والضغوطات التي مارستها الادارة لصالح الرئيس بوتفليقة. وقام العاهل المغربي الملك محمد السادس بتهنئة بوتفليقة بمناسبة إعادة انتخابه لولاية ثانية حيث وصفه في برقية أرسلها بأنه رجل دولة محنك مشيرا إلى أن تجديد انتخابه يدل على أن الشعب الجزائري يتطلع إلى قيادة نيرة. وكانت الرباط التزمت الصمت تجاه الانتخابات الجزائرية رغم أن وسائل الاعلام المغربية تابعت أجواء الحملة الانتخابية. وكان العاهل المغربي التقى الرئيس الجزائري عدة مرات في مناسبات عديدة بيد أن لقاء بينهما كان مقررا منذ سنوات لبحث العلاقات الثنائية تأجل مرارا ومنذ تولى الملك محمد السادس مقاليد الحكم في تموز/يوليو1999 جرت محاولات لايجاد تسوية سلمية لنزاع الصحراء الذي ظل يوتر علاقات البلدين لكنه لم يتم إحراز تقدم على هذا الصعيد. وأشار العاهل المغربي في برقيته التي أرسلها فور إعلان فوز بوتفليقة إلى أنه يرغب في فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين ومواصلة العمل سويا من أجل ترسيخ علاقات الاخوة الصادقة والتضامن وحسن الجوار على حد قوله. وأعلن المتحدث باسم البيت الابيض سكوت ماكليلان في بيان نشر في كراوفورد بولاية تكساس حيث يمضي الرئيس إجازة عيد الفصح أن هذه الانتخابات تمثل مرحلة جديدة نحو الديمقراطية في الجزائر. والرئيس يهنئ الشعب الجزائري لتمسكه ببناء نظام سياسي ديمقراطي. وأضاف ماكليلان أن الولاياتالمتحدة ترحب بإمكانية مواصلة العمل مع الرئيس بوتفليقة حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك للجزائر والولاياتالمتحدة بما فيها حل النزاعات في شمال أفريقيا ومكافحة الارهاب والاصلاحات السياسية والاقتصادية الضرورية في الجزائر. وقالت وزارة الخارجية الامريكية إنه لا يوجد دليل يستدعي التشكيك في مصداقية الفوز الساحق الذي حققه بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الاول الخميس. وقال سفيان جيلالي أحد كبار المساعدين في حملة بن فليس الانتخابية لدينا تقارير متعددة عن حدوث تزوير وجرى تبديل صناديق الاقتراع ورفض التوضيح وقال إن تفاصيل الشكاوى ستقدم للجنة الدستورية التي تراقب الانتخابات وأرسلت منظمة الامن والتعاون في أوروبا ومقرها فيينا وجامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي والولاياتالمتحدة والبرلمان الاوروربي موفدين عنها الى الجزائر لمراقبة الانتخابات وقال بروس جورج منسق منظمة الامن والتعاون الاوروبي للصحفيين من الواضح تماما أن هذا هو ما أراده الشعب الجزائري لم نر في حدود وجودنا المحدود جدا أي تزوير وتابع قائلا لم تكن انتخابات مثالية لكنها رائعة بمعايير المنطقة لا اقول إنها كانت انتخابات سويدية أو سويسرية مثالية نادرا ما يقبل الخاسرون نتيجة الانتخابات بابتسامة وقالت البلجيكية ان ماري ليزين من وفد البرلمان الاوروبي إن الانتخابات جرت في أجواء مشجعة للديمقراطية وأضافت في مؤتمر صحفي نحن نعلق على الاجراءات الادارية لا على نتائج الانتخابات تعليقا ايجابيا كما قال ادم ايرلي المتحدث باسم الخارجية الامريكية انه من الواضح ان الانتخابات جرت دون تزوير الى حد بعيد وناشد السلطات الجزائرية التحقيق في اتهامات المعارضة بوقوع مخالفات وتلقت كل من تونس وليبيا إعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة بارتياح حيث يرتبط بعلاقة وطيدة مع كل من الرئيس زين العابدين بن علي والعقيد معمر القذافي. ويسود انطباع في دول المغرب العربي بأن الرئيس بوتفليقة سيكون خلال فترة رئاسته الثانية أكثر تحررا من هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي خاصة تجاه علاقات الجزائر مع دول المغرب العربي.