يقول المؤلفان جاجديش شيث وراجيندرا سيسوديا في كتابهما (قاعدة الثلاث) للناشر ذا فري برس: ان الكتابات الاقتصادية التقليدية تصنف معظم الشركات ضمن واحدة من فئتين: 1- إما أن تكون ضمن القلة من الشركات الكبيرة، التي تحقق أرباحًا جيدة وتتمتع باقتصادات وفورات الحجم الكبير ولديها مجال للهيمنة أو مواجهة منافسة محدودة من المنافسين. 2- وإما أن تكون ضمن العدد الأكبر من الشركات الصغرى التي تتميز بأنها متخصصة وتخوض منافسة مع غيرها من أجل موضع قدم راسخة لها في السوق، وتتبدى فيها خصائص الاحتكارات. لكن شيث وسيسوديا يقولان ان نوعًا ثالثًا من الشركات يظهر في أسواق ذات طبيعة تنافسية "طبيعية"- أي مماثلة لما يحدث في الطبيعة بين الكائنات الحية- تظهر عن طريق عملية مماثلة لعمليات الانتخاب الطبيعي في البيئة (كما تقول نظرية النشوء والارتقاء لداروين) التي تحابي الأقوى والأصلح والأكثر كفاءة. وبمعنى آخر، فإن الصناعات تتطور إلى بناء كفء وتام يمتاز بأنه يشهد منافسة محدودة واحتكارًا في آن معًا؛ تسيطر فيه الشركات التي تتمتع بخبرة عامة على حصة كبيرة في السوق، فيما تعمل الشركات العديدة المتخصصة في أسواق ذات جمهور محدود لا تجد من يخدمها. وتوجد هذه الشركات ذات الخبرة العامة وتلك المتخصصة جنبًا إلى جنب في أية سوق مثل المتاجر الموجودة في مركز تسوق كبير. فمتاجر الأقسام الكبيرة هي التي تثبت بنيان مركز التسوق وهي التي تحظى بإقبال زائري المركز التجاري، حيث تقدم مختلف المنتجات والخدمات. وبطول ممرات المركز التجاري توجد المتاجر المتخصصة. وبعضها مثل "ذا جاب" أو "فيكتورياز سيكريت" هي من تلك المتاجر المتخصصة التي تعني بقطاع من السوق معروف معرفة جيدة. وبعض المتاجر مثل "هول مارك" و"كي جيويلارز" متخصصة في إنتاج بضائع معينة تبيعها بعينها. لكن الشركات التي تقدم خط إنتاج كاملا هي التي تثبت دعائم المركز التجاري فيما تحتل منتجات عديدة ومتاجر متخصصة في بضائع بعينها، مواقع غير تنافسية إلى حد كبير. وتبين بعض الأبحاث أنه ما لم يكن هناك تدخل حكومي، فإن الصناعات تميل إلى أن تتطور في هذا النمط الذي يمكن التنبؤ به. حين تبرز صناعة جديدة، فإن عدد الشركات ينمو ببطء، بدءًا بالشركات الصغيرة التي تفتقر إلى الكفاءة التامة واقتصادات وفورات الحجم الكبير. وتدريجيًّا، فإنه مع تجريب تقنيات وتصميمات مختلفة للمنتج وعمليات التسويق، فإن المؤسسات الأكثر إبداعا وكفاءة هي التي تكون أقدر من غيرها- الأقل إبداعًا وكفاءة- على تسيد السوق. ومع زيادة عدد الشركات زيادة كبيرة، يحدث فائض في الطاقة وتبدأ عملية تجزئة، ويهبط عدد الشركات كثيرًا. ونتيجة لذلك، تبدأ الصناعة في أن تصبح أكثر تنظيما وتبدأ الشركات الكبيرة في التنافس من أجل تزعم السوق. وتقوم هذه الشركات بخيارات إستراتيجية بشأن الأسواق التي ينبغي أن تتنافس فيها وأي المنتجات أو الخدمات تقدمها. وفي النهاية، يبرز الفائز (الشركات التي تقدم خط إنتاج عامًّا) وهو ما يترك بالطبع كثيرًا من الأسواق بدون خدمة. وهذه القطاعات التي لا تجد من يلبي طلباتها تترجم إلى فرص للشركات المتخصصة أو لشركات جديدة وافدة على السوق تتمتع بإستراتيجيات واضحة. هذا النوع من بنيان السوق، القائم على ثلاثة أطراف كبرى، في غاية الاستقرار ويتسم بالتنافسية الشديدة. وتقل احتمالات الغش أو التدمير المتبادل فيما تزيد احتمالات الكفاءة العامة وأرباح الصناعة ورضاء المستهلك. وفي المتوسط، فإن زيادة الحصة في السوق تزيد معدل الأرباح وهذا راجع إلى انخفاض التكاليف أكثر منه إلى ارتفاع الأسعار. وتتيح اقتصادات وفورات الحجم والنطاق الكبيرين قدرًا أعلى من موارد التسويق وعدم التسويق. وفي هذا النوع من البيئة المستقرة والمتوازنة، سرعان ما يصبح وجود طرف رابع أمرًا غير ذي أهمية. إن قاعدة الثلاث تفترض نموذجًا من المنافسة السوقية يشهد منافسة ناجحة بين إستراتيجيتين متعارضتين تمام التعارض طالما التزمت الأطراف بالاستراتيجيات التي تلائم وضعها. ومع ذلك فإن قاعدة الثلاثة ليست نتيجة محتومة في كل الأحوال لا سيما في الصناعات التي تخضع للوائح الحكومية، في المواقف التي تلعب فيها براءات الاختراع والعلامات التجارية دورًا كبيرًا، وحيث تسود الحواجز أمام التجارة وملكية الأجانب للأصول، وفي الأسواق التي تشهد درجة عالية من التكامل الرأسي مثلما في حال الخدمات المهنية حيث تندمج الملكية مع الإدارة، وفي الاقتصادات الحرفية المرخص لها. The Rule of Three Surviving & Thriving in Competitive Markets By: Jagdish Sheth and Rajendra Sisodia 0 pp. The Free Press