مع ارتفاع درجة حرارة الجو ترتفع درجة حرارة الحياة الزوجية وتطفو الخلافات على السطح ويتسم النقاش الاسري بالحدة، والصرامة، وعدم المرونة في تقبل الطرف الآخر.. لماذا؟ هل العلاقات العاطفية تتأثر بالمناخ؟ هل للحر او للبرودة دور في تصاعد الخلافات او اختفائها؟ وهل الحالة المزاجية بين الزوجين تختلف في الصيف عن الشتاء؟ للمناخ دوره يقول استشاري الطب النفسي الدكتور اسعد الحلفاوي : من المؤكد علميا ان المناخ يلعب دورا فيما يتصل بالحالة النفسية للانسان، ففي الشتاء حيث الاجواء الرطبة الباردة تختلف الحالة المزاجية عن الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة، ويشعر الانسان فيه بالتوتر والاختناق من الزحام، ونفس الامر بالنسبة لفصلي الربيع والخريف، ففي الربيع مثلا كموسم تفتح الازهار واعتدال المناخ، وهدوء النسيم، تكون عملية الشهيق زائدة وبالتالي تزداد نسبة الاوكسجين ، فتنشط خلايا المخ، وينعكس تدفق الاوكسجين على المشاعر بصورة ايجابية فتبدو اكثر رومانسية، وشفافية وتزداد مساحة الخيال لدى من يتمتعون بصفات او بمواهب ادبية فيساعدهم هذا على التخيل ، وربما الكتابة ايضا. مشاعر دافئة ويضيف د. الحلفاوي: أما في الشتاء فالانسان بطبيعة الحال يشعر بحاجة الى الدفء، والعلاقات الانسانية بشكل عام، وليست فقط العلاقة بين اي زوجين، تنشط كردة فعل على طبيعة المناخ، وكأن المناعة او التكوين الداخلي للانسان يدفعه لا اراديا لاكتساب مشاعر دافئة تحميه من برودة المناخ، ومن الطبيعي في هذه الاثناء ان تكون الحالة المزاجية بين الزوجين جيدة، وبعيدة عن الخلافات والتوتر. خريف.. صيف وفيما يتصل بالصيف والخريف، يقول د. الحلفاوي : اذا كان الربيع يضاعف كميات الاوكسجين فتكون المشاعر ارق حالا، فان الصيف يفعل العكس تماما، فعندما ترتفع درجة حرارة الجو، ومعها ترتفع درجة حرارة الجسم تؤدي الرطوبة العالية الى عدم وصول الاوكسجين بالشكل الكافي الى كرات الدم الحمراء، فتعاني الخلايا حالة خمول او كسل، وهذا بدوره يؤدي الى الانفعال والتوتر، وسيطرة مشاعر القلق وعدم الارتياح، ومن هنا تضيق مساحة القدرة على التحمل، فينفعل اي انسان من اقل الاشياء وربما يثور لاسباب تافهة، فاذا كان متزوجا سينعكس ذلك على الطرف الآخر في صورة خلافات، لذلك كله اصبح هناك اعتقاد بأن الخلافات الزوجية تتصاعد صيفا وترتفع، ومع الربيع او الشتاء تكون اكثر استقرارا. حالات واقعية اذا كانت هذه وجهة النظر العلمية، فهل هذه الصورة لها ما يبررها في الواقع الفعلي للحياة؟ تقول السيدة (ماجدة) وهي مديرة احدى المدراس الخاصة : اعتقد ان المناخ بالفعل له دور في وجود الخلافات اوزيادتها، فأنا - مثلا - سيدة عاملة، وقد لاحظت على مدى سنوات زواجي ان فترات الصيف والرطوبة تؤثر على حالتي النفسية ، ونفس الامر لدى زوجي، واحيانا اعود من عملي في حالة نفسية لا اطيق فيها حتى من يكلمني بشكل عابر، وزوجي نفس الوضع، اما في الشتاء ورغم القيام في وقت مبكر بسبب العمل، فأجد اني في وضع نفسي افضل ، وألا حظ نشاطا غير عادي على نفسي وعلى زوجي وحتى على اولادي، وكثيرا ما امضي ساعات في المطبخ لتحضير طعام نحبه لنجلس معا حوله. الفصل الاجمل وتضيف السيدة (ن ع ع): الشتاء هو الفصل الاجمل دائما، ففي الشتاء لا يخرج زوجي ليلا الا في حالات نادرة، فأقوم باعداد بعض الاكلات التي نحبها، ونجهز المكسرات والتسالي ونجلس مع اولادنا في اجواء عائلية دافئة، وكأن البرد هو الدافع الذي يحرك مشاعر الناس لتكون افضل، وهذا الكلام - بالمناسبة - تؤكد عليه زميلاتي وحتى اخواتي المتزوجات، اما في الصيف والاجواء الحارة والرطوبة الزائدة، فأعترف بأني كثيرا ما اكون السبب في وجود بعض الخلافات داخل محيطنا الاسري، لاني ببساطة اشعر بالاختناق والتوتر، ولا احتمل ابسط الاشياء. عناء العمل على الجانب الآخر.. قد يكون الازواج اكثر عرضة لنتائج هذه التقلبات المناخية، نظرا لظروف العمل، وضغوط الحياة، وهذا ما يؤكد عليه فاضل الرويلي، وهو يدير مؤسسة خاصة، وتدفعه - كما يقول - ضغوط العمل الى ان يكون متوترا، حيث يؤكد فاضل قائلا : لا احد يريد ان يكون تعيسا في حياته العائلية، وكل انسان يتمنى - دائما - ان تكون حياته مستقرة في كل الايام وفي كل الفصول، فظروف عملي احيانا تجعلني متوترا بعض الشيء، وعندما اذهب لبيتي، فهذا يعني اني ذاهب للراحة فالراحة التي يبحث عنها او ينشدها الانسان تتأثر بوجود خلافات، سواء كان ذلك في الصيف ام في الشتاء. لا اتحمل الحرارة وأخيرا.. يقول خالد المحيسن : الاجواء الحارة والرطوبة العالية مع ضغوط الحياة.. كلها اسباب قد تجعل الانفعال قريبا جدا من اي انسان، وانا اتفق مع ان المناخ الجيد يقلل الخلافات الزوجية، واثناء هذا السؤال عدت بشكل سريع جدا الى حياتي العائلية وتذكرت فعلا ان الكثير من الخلافات لاتحدث الا في فترات الصيف والجو الحار، لاني اعود في مثل هذه الاجواء منهكا من العمل، وانا - كما ترى - (مليان شوي) لذلك لا اتحمل الحر ولا الرطوبة، واذا حدث اي شيء صغير قد انفعل بسببه، لكن الرجل العاقل عليه بعد ان يرتاح ويلتقط انفاسه يحاول اعادة المرح لبيته، وينهي الخلاف الذي حدث، لان ذلك يؤثر على تربية الاولاد، ولانه السبب في حدوث المشكلة من الاساس، وفي المقابل على الزوجة ان تتفهم طبيعة زوجها، وتعرف كيف توفر الاجواء المريحة، لان هذا سوف ينعكس على الاسرة بالكامل.