ليست عودة الشيخ علي الخضير عن فتاواه السابقة وطلبه إبراء ذمته هي الأولى في بلادنا التي يعود فيها كثيرون إلى طريق الحق والنور بعد أن أوغلوا في طريق الظلام.. وقد سبق الشيخ الخضير شيوخ آخرون كانوا قد تأثروا عاطفياً ببعض الأفكار المتطرفة الضالة وكان الشيطان حريصاً على أن يسيروا في الضلال ويمعنوا في العزة بالإثم ثم عادوا إلى طريق النور والخير والحق والإسلام.. وكان إبليس وأعوانه من الإنس يزينون لهم كل تكبر على أنه عقل وكل تهور على أنه شجاعة، ويوجهونهم إلى البحث عن أهل الفكر السوداوي المريض الضيق، الذي يعادي رحمة الله ووسطية الإسلام مثلما يناكف توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن الغلو وحرم دم المسلم ودم البريء ودم المعاهد ودم المستأمن بعصمة إلى يوم الدين، لا يحل إلا بحقه. وقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب على الذين يخاصمون المعاهدين والذميين، وأخبر عليه الصلاة والسلام بأنه هو الخصيم يوم القيامة. فهذه واحدة من بديهيات الإسلام، ولكن العقل النير يصدم حينما يكتشف أن بعض من يطلق عليهم مشايخ يتجاهلون كل هذه البديهيات في الإسلام وكل هذه الأنوار، وينحازون إلى العنت والجهل والظلام ويجندون أبرياء ليقتلوا المسلمين ويبيحوا الدم المعصوم الحرام، ويعيثوا في الأرض فساداً، ويروعوا الآمنين ويخرجوا عن إجماع الأئمة وضمير المسلمين.. والمؤلم أن كل هذه الجرائم الكبرى والانتهاكات المبينة لمعصومات الإسلام تتم باسم الإسلام وبحجة عزة المسلمين، بينما ليس أشد منها خزياً وعاراً، وهي التي ألحقت الذل والخوف والروع بأوساط المسلمين. وعودة الشيخ الخضير ليست شيئاً جديداً.. ولكن لماذا يجب علينا أن ندفع الأثمان الغالية والباهظة، بما في ذلك حث الشباب على معاداة أهاليهم وأوطانهم، ودينهم، وتشجيعهم على سفك الدماء وقتل الأبرياء والنساء والأطفال، لكي نكتشف في النهاية أن كل ذلك كان بسبب اجتهاد ضال. إن ذلك يطرح مسألة مهمة وجديرة بالإعتبار هي أنه يتعين على جميع شبابنا ومشايخنا أن يتدبروا الأمور وألا يعجلوا إلى إصدار الفتاوى وأن يكون للفتاوى أهلها ومشايخها. فغير معقول أن يعمل جميع المختصين في اختصاصاتهم إلا الفتاوى في الدين نجدها عند كل من قال إنه شيخ.. وعند شباب صغار في السن لم يكسبوا خبرة ولا علماً ولا تجربة، ولم يتعودوا على معاندة الأهواء ومطامع النفس. يتعين على مشايخنا وكل من يعمل من أجل رفعة كلمة الله، أن يتقوا الله في أنفسهم، وألا يتعجلوا الخوض في أمور حساسة وبالغة التأثير في شبابنا الذي تتجاذبه الرياح من كل واد وسفح. إن الوسطية أمر حتمي على كل مسلم وليست مجرد خيار فالله تعالى يقول في كتابه "وجعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً". وهذا تكليف. كما أننا يجب ألا نخرج من تكليف الله تعالى للمسلمين برحمة بني الإنسان، وإبراء العهود للآخرين بما في ذلك المستأمنون الذين يدخلون بلادنا بتأشيرات وقد قدموا لنا لإن بلادنا أعطتهم الأمان. علينا أن نتجاوب وسمو الإسلام الذي جاء للناس كافة، وأمرنا بأن نكون رحماء بيننا وخير أمة أخرجت للناس.. ولن نكون خير أمة أخرجت للناس بينما شبابنا يهاجمون منازل السكن الآمنة بحمم التفجيرات ونيران الحقد والكراهية وعدم التمييز بين الطفل والمرأة والرجل والمسلم والمعصوم الدم وبين غيرهم.. وإسلامنا ليس حقداً ينفث سمومه في أجواف الأبرياء، ولكن إلاسلام هو النور الذي يضيء الطريق للضالين الذين أعيتهم أطوال المتاهات.. مراقب