عزيزي رئيس التحرير: في لحظات الصمت والحزن يجري المرء وراء البكاء ولوم النفس على ما فات من العمر وكيف سرق منا؟ اليوم احتارت الكلمات في صدري وضعف قلمي وجف حبري وأنا استذكر في لحظات سريعة 40 عاما مضت مع أخ وصديق وحبيب عزيز علي.. فلقد فارقنا منذ أيام الشيخ/ عبدالعزيز بن حمد القصيبي.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته, وأخذ معه أجمل الأيام وأبسطها من حلوها ومرها, أيام اندثرت ولن تعود بغيابه عن عالمنا.. عالم المال والشهرة.. عالم يبكي علما من معالم الكرم والإنسانية.. فمن منا لا يعلم عنه ومن منا لم يسمع عن ذلك الذي جاهد في حياته ليصبو لتلك المكانة العظيمة التي قل في هذا الزمان من يصل اليها.. مكانة لم أدركها حقا إلا وأنا أرى الجمهور الغفير من المعزين حين شيعت جنازته؟ مكانة قد لا ينظر لها الكثيرون ولا يعيها إلا القليلون وهي محبة الناس؟ ومحبة الناس لا تشترى بمال كما أصبح يشترى أي شيء في هذا الزمن الغريب. صاحبي قد كرس حياته ليكون اليد التي تعطي قبل ان تسأل وبعد ان تعطي لا تذكر من اعطت وكم أعطت.. رجل كرس نفسه ليكون السند لكل محتاج غنيا كان ام فقيرا.. ذو أحاسيس مرهفة ومشاعر فياضة لم تهدأ او تنفد يوما..لعل هذه الكلمات البسيطة كفيلة بالتعبير عن جانب بسيط مما يجيش به صدره الرحب وتواضعه ومساواته بين الغني والفقير وحبه للصغير قبل الكبير, رسم طريقه لمساعدة المريض والملهوف والمحتاج وفتح بيوتا كثيرة مما اعطاه الله من خير .. كون مستقبلا جديدا للشباب.. يسر لهم الطريق ليبدأوا بكفاح وصبر كما كان هو.. لم يشعر بالملل من كل عمل يعلم بأن نهايته قد تجر السعادة لغيره عن طريقه هو.. ذلك كله في الوقت المحدود بمشاغله الكثيرة.. ولعل بيوت الله تشهد على جزء من أفعال الخير عنده ونسأل الله سبحانه ان يحتسبها في ميزان حسناته ويضاعفها والله يضاعف لمن يشاء. أقسم بالله ياأخي كم شعرت بأن الحياة ليست أكثر من تجربة, زمن يقصر او يطول ولكنه يمضي ويمضي.. لحظات ودقائق تمر علينا مرور الكرام ونحن لا نشعر بتعجبها منا وبأننا لن نبقى طويلا وبأننا في لحظة قد نفقد أعز من نحب ببساطة شديدة ومطلقة! كم شعرت باني تائه وغريب ووحيد وكم سيطرت علي لحظات الذهول وما زالت تتجدد بحزن أعمق من السابق وأنا اتذكر ابتسامتك وحديثك وخطواتك والكثير الى ان انتهى الأجل بمسيرة حياتك العظيمة. لم يتبق لنا إلا الذكريات نعيدها والدموع نذرفها, تلك الدموع الممزوجة باللوعة والحسرة وهذا أبسط ما نمتلكه من مشاعر الإنسانية. رحم الله الفقيد ودعاؤنا بالصبر لأخيه سليمان وابنه سعود وابن أخيه يوسف ولعائلة القصيبي في الرياض والشرقية وكل شخص فقد ذلك القلب الذي لن يتوقف عن نبضه بوجود ذريته الصالحة. ورحم الله جميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. ╖╖ عبدالعزيز عبدالرحمن النعيم