هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    إطلالة على الزمن القديم    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    أرصدة مشبوهة !    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحافتنا مترهلة .. ورؤساء التحرير على صفيح ساخن!!
ما الذي لم يقله الدكتور علي شويل القرني في هذا الحوار؟
نشر في اليوم يوم 27 - 02 - 2003

لدى الدكتور علي بن شويل القرني رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال صراحة تتجاوز سائر الصراحات التي ألفناها في محيط صحافتنا المحلية.
وفي هذا الحوار المطول , دليل جديد على تلك الصراحة التي تباغت القارئ والمسئول دون أن تخرج من حرم اللباقة أو تدخل في دائرة التجريح.
إنها صراحة (ربما) تكون خاصة بهذه الشخصية الواضحة الى حد لا يملك المرء أمامه إلا أن يحترمه ..
إذن فلندخل الى حرم اللباقة الصريحة مع الدكتور القرني .. من خلال أبواب هذا الحوار..
محاكمات غير منصفة
الدكتور علي.. أنت استاذ في قسم الإعلام.. هل تعتقد بصدق أنكم تصنعون صحفيين وإعلاميين . ولماذا يتهمكم رؤساء تحرير الصحف دائما بضعف إعدادكم لطلابكم وأن كلياتكم المتخصصة يجب إقفالها لعدم جدواها؟ وما المعوقات التي تحول دون نجاح التجربة؟
دائما ما تواجه أقسام ومعاهد الإعلام في المملكة محاكمات غير منصفة لتجربتها خلال العقود الماضية .. وهناك جوانب صحيحة في بعض مداولات الحكم , ولكن أغلب هذه المداولات غير دقيق ويحتاج إلى إعادة نظر وتفكير .. فأولا يا أخي الكريم أقسام الإعلام استطاعت أن تخرج أعدادا كبيرة من المتخصصين في الصحافة والإذاعة والتليفزيون والعلاقات العامة والإعلام .. ومؤسساتنا الإعلامية الحالية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة مليئة والحمد لله بخريجي هذه الأقسام .. ولو لم يكن هؤلاء في هذه الأماكن لكانت مليئة بغير المتخصصين من السعوديين أو ربما متخصصين غير سعوديين .. ودعوى الضعف التي عادة ما تلتصق تهمتها بخريجي الإعلام ليست دقيقة في محتواها , فالمعروف دائما أن الجامعات تضع خريجيها على الخطوة الأولى في طريق العمل وتجربة الحياة , ومهمة الخريج أن يختصر المسافة التي يحتاجها الشخص للوصول الى مستوى النجاح والتفوق .. فدعني أؤكد لك أن المسافة التي يحتاجها خريج الإعلام ليصل إلى مستوى مهني عال هي نصف المسافة أو اقل من تلك التي يحتاجها شخص آخر بدون أي تأهيل أكاديمي .. واضيف كذلك ان معظم النجاحات لأشخاص في الحقل الإعلامي السعودي هم من نتاج أقسام الإعلام في المملكة .. وهذه النجاحات متوجة بخريجين تقلدوا مناصب عليا وإدارات إعلامية متخصصة بارزة في مؤسساتنا الإعلامية الحكومية والخاصة .. وينبغي التأكيد هنا على أننا لا نزال في المملكة نعيش تحت عباءة الخبرة الإعلامية اكثر من كوننا تحت عباءة التأهيل الأكاديمي .. وهذا ينسحب على مختلف قطاعات الحياة ومجالات العمل.
ترهل في الصحافة
لنلق نظرة عامة على المشهد الإعلامي والصحفي بالمملكة بصفتك أستاذا أكاديميا وباحثا متخصصا.. هناك ترهل في الصحافة السعودية .. كيف تفسر هذا الثبات والترهل . وكيف ترى المستقبل بعقول وكفاءات جديدة في فكرها وطريقة إدارتها للعمل؟
اتفق معك في أن هناك ترهلا كبيرا في صحافتنا المحلية . وعلى الرغم من الجهود المخلصة التي تبذلها شخصيات الصحافة السعودية , إلا إننا نلاحظ ان النجاح الصاعد لبعض المطبوعات يأتي على اخفاقات مضاعفة لمطبوعات أخرى .. فالنجاح يقتطع من الفشل .. والصعود يأتي على حساب الهبوط .. وليتنا نتبنى نظرية الدوري السعودي الذي نقيم فيه مستوى الأندية سنويا فتظل الأندية القوية , وتسقط أندية أخرى أو تهبط الى درجة أقل .. فلماذا لا نعيد النظر في بعض صحفنا اليومية .. فإما أن تندمج مع صحف أقوى , أو تنكمش إلى مجلات متخصصة لتقليل درجة الخسارة والفقدان المادي للأعضاء المساهمين فيها , أو أن تتوقف لمدة معينة سنتين او خمس سنوات حتى تسمح ظروف تلك المؤسسات للعودة بشكل مختلف .. وبالمناسبة هناك صحف ومجلات عالمية توقفت لفترة ثم عادت قوية وجاذبة ومتميزة .. وبكل موضوعية هناك صحف ومجلات سعودية قائمة حاليا ولا أرى لها مساحة أو دورا في المستقبل ... وهذه المؤسسات تحتاج الى مجرد (تهويش رسمي) لها بإمكانية التوقف كاستراحة محارب أو هكذا ينبغي ان نقول .. وإذا حدث هذا فسيكون ذلك وقفا للاستنزاف الذي تهدره تلك المؤسسات من المال والورق والجهود المهنية التي توضع فيها .. ولا ينبغي فهم طرحي هنا على أن السوق السعودية غير قادرة على استيعاب مطبوعات جديدة مثلا , ولكن المؤكد أن هذه السوق قادرة على استيعاب المطبوعات الناجحة دائما مهما كان عددها.
حرية الرأي
بالتأكيد أنت ترى أن مساحة حرية الرأي في الصحافة السعودية تعتمد على رؤية مسئولية رئيس التحرير في ظل وجود قانون مطبوعات عائم.. هل تجد من الضرورة وضع تطوير لنظام المطبوعات .. أم أن الاجتهاد يجب أن يترك لؤساء التحرير في فتح النوافذ وإغلاقها؟
دليل صحة كلامك ان الغرامات التي تفرضها وزارة الإعلام كمخالفات مؤسسية على رؤساء تحرير بعض الصحف تصل الى نصف المليون بينما على البعض بعشرات الآلاف وللبعض بدون .. وهذه الغرامات تعكس هامش الحرية الذي يفرضه رئيس التحرير أو لنقل التضحية التي يستطيع ان يدفع بها في سبيل المصلحة التحريرية ولكل شيخ طريقته .. ولكن يظل السؤال يشدنا للتفكير: هل يمثل نظام المطبوعات والنشر السعودي رؤية واضحة لرئيس التحرير .. أقول لا, وهناك خطوط حمراء لا يعكسها النظام وانما تترجمها الخبرة والاحتكاك .. وبالمناسبة فالنظام ليس مطلوبا منه أن يأتي على كل صغيرة وكبيرة في المجتمع .. بل إننا نعرف أن دولا كبرى متقدمة ليست لها أنظمة إعلامية مثل بريطانيا مثلا , فليس لها نظام إعلامي مكتوب , وكل شيء يقع في دائرة العرف الاجتماعي فقط . واقترح من على هذا المنبر الإعلامي ان تنشأ لجان رقابة من المفكرين ورجال الإعلام والمتخصصين والمواطنين لتوجيه دفة العمل الإعلامي في المملكة , بحيث تنأى وزارة الإعلام عن متابعة كل صغيرة وكبيرة .. فلو كان لدنيا مجلس للصحافة لقام بدور توجيه العمل الصحافي ومتابعته وتطويره وتحسين مخرجاته وكثير من دول العالم لديها مجالس صحافية تضطلع بهذه المسئوليات.
مشاكل التطور
أنت أحد الباحثين المرموقين وسبق أن شاركت في إعداد بحوث واقعية ومستقبلية لعدد من الصحف السعودية .. ما المشاكل التي تعيق التطور المهني للصحفي السعودي في ظل عدم وجود معاهد للتدريب؟
لقد تشرفت بالمشاركة في دراسات تأسيسية ودراسات تطويرية في عدد من المطبوعات السعودية.. وهذه المهمة أتاحت لي إلى جانب التخصص الأكاديمي والخبرات الميدانية السابقة فرصة الاطلاع على دواخل العمل الصحافي , ومتاهات النجاح ومعادلات الفشل في العمل الصحافي ... وإذا كان لي أن أشير إلى عامل واحد يعيق مستوى الأداء الصحافي في المملكة فهو عدم وضوح الرؤية الاستراتيجية للأشياء ... والتفكير في حدود المستقبل القريب فقط .. فكل من يعمل في الصحافة يكون تحت ضغط العمل اليومي , ومتاهات الروتين الإعلامي .. وهذه الضغوط تعيق الصحافي عن أن ينظر الى المستقبل , ويفكر شموليا ويتجه استراتيجيا .. ولهذا فنحن نعيش اللحظة الراهنة ونتعامل مع الحدث الآتي .. ونعرف الأشخاص الذين يدخلون مكاتبنا .. أو الذين يتصلون بنا فقط.. وتتفاقم هذه الوضعية مع عدم وجود إدارات بحثية ودراسات استراتيجية لتطوير الأداء الإعلامي في مؤسساتنا الإعلامية .. بمعنى أنه لا توجد لدينا خطط خمسية أو عشرية كجزء من إدارة العمل الإعلامي في المملكة سواء أكان ذلك في القطاعات الرسمية أو الخاصة.. والتدريب الذي ذكرته في سؤالك ليس إلا عنصرا واحدا يغيب عن المشهد اليومي لأننا نتعامل مع الواقع كما هو , وليس كما ينبغي أن يكون.
أعشق الإعلام
هل تروي لنا الظروف التي جعلتك تتخصص في الإعلام وهل هي رغبة قديمة؟
كنت أعشق الإعلام منذ صغري , فقد كنت متابعا إعلاميا وهاويا صحافيا . ولهذا فقد صدمت عندما تم قبولي في قسم اللغة العربية بدلا من قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بحجة أنني حصلت على 98% في مواد اللغة العربية في الثانوية العامة...ولكن كلا من الدكتور أحمد البدلي وكيل الكلية والدكتور اسعد عبده رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود أعاد النظر في قبولي واخيرا وجدت نفسي في قسم الإعلام ... وهذه رغبة قوية كانت لدي حتى أهلتها بالتعليم المتخصص وتبعا لذلك استكملت دراساتي العليا والحمد لله .. والإعلام هو هم يومي بل أقول لك إنه هم لحظي . أي في كل لحظة .. ومع تنامي وسائط الإعلام وتعدد مصادره زادت الهموم وتنامت التعقيدات الإعلامية .. ولكن يظل هذا الهم هما نتوق إليه .. وننضوي تحت عباءته ونستدفئ بناره..
صفيح ساخن
يقولون ان كل أكاديمي متخصص في الإعلام عينه دائما على كرسي رئاسة التحرير .. هل راودك هذا الشعور . وماذا ستصنع من المستحيلات المهنية لو كنت رئيسا للتحرير؟
* أنا اعرف فعلا أن رئيس التحرير دائما ما يكون على صفيح ساخن خصوصا في مجتمعنا السعودي .. فكل واحد منا في مجتمعنا السعودي ابتداء من الوزراء الى المواطن العادي في بادية الجنوب او هجر الأحساء أو قرى القصيم دائما ما يوجه العتب او اللوم أو المسئولية الى رئيس التحرير لكل ما يكتب وينشر وما لم ينشر ويكتب.. فقد يأتي اللوم أحيانا ليس لما هو في الصحيفة أو المجلة بل لما هو ليس في هذه الصحيفة أو تلك المجلة .. وفي ظني أن كرسي رئيس التحرير بهذه المواصفات لا يسعى له إلا القليل من أصحاب الشجاعات النادرة والتضحيات الكبيرة.
وبخصوص السؤال عن (هل راودني شعور الغربة في رئاسة التحرير) أقول نعم ولكن .. مفهوم رئيس التحرير لدي مختلف عن مفهوم رئيس التحرير المعروف في مجتمعنا.. فلقد كنت أتمنى أن يكون هناك منصبان لرئيس التحرير في كل صحيفة ومجلة ف(رئيس التحرير العام) هو ذلك الشخص الذي يضع الاستراتيجيات والخطط المستقبلية ويشرف على عمليات التطوير المستمرة ويكون في دور علاقات عامة دائمة للصحيفة او المجلة او المؤسسة .. وهناك (رئيس التحرير التنفيذي) الذي يتابع الهم اليومي ويرد على اتصالات القراء ويتحاور مع المحررين .. فأصدقك القول إنه قد راودني شعور رئيس التحرير العام وليس رئيس التحرير التنفيذي .. وللأسف فان معظم رؤساء تحرير صحفنا إن لم يكن كلهم هم رؤساء تحرير تنفيذيون, وهذا ما ينهك قواهم , ويبعثر مجهوداتهم حيث يتطلب عملهم متابعة كل صغيرة وكبيرة .. اما رئيس التحرير التنفيذي فلم يخطر لي على بال .. لأني أريد أن اوجه جهودي وفكري وخبرتي المتواضعة إلى المجال الذي احبه والعمل الذي أستطيع أن أتعامل معه باقتدار.
حقيقة الإصلاح
ككاتب وأستاذ جامعي.. من وجهة نظرك كيف ترى سبل الإصلاح في المملكة على مستوى مؤسسات الشأن العام؟. وهل الأنسب الإصلاح التدريجي أم الإصلاح السريع؟
أولا أنا اعرف الخلفية التي ينطلق منها هذا السؤال .. ولكن ما أود التأكيد عليه وهذه قناعات مترسخة أننا في المملكة نتطور ولا نتغير .. وهذا ينبغي ان يكون شعارنا دائما , فمجتمعنا السعودي يتطور دائما , ولكن ينبغي ألا يتغير عن ثوابته الدينية والوطنية .. أما مسألة الإصلاح في الشأن العام السعودي فهو مطلوب على كافة الجبهات .. وأنا أرى أن الأجهزة التنفيذية في المملكة لم تعط الصورة الواضحة للتطور المطلوب في المجتمع السعودي.. وكل جهاز يحاول فقط أن يسير الواقع الحالي ويبقى على الكراسي التنفيذية .. فقيادة هذه البلاد مخلصة في رغبتها في التطور والتقدم في كل مناحي الحياة .. وانظر على سبيل المثال للتطور النوعي الذي شبهناه بإعادة التأسيس الثاني للمملكة في مطلع التسعينيات عندما اصدر الملك فهد - حفظه الله - قرارات جوهرية في بناء المؤسسة السعودية الحديثة بإصدار النظام الأساسي للحكم , وأنظمة مجالس الشورى والمناطق والوزراء. ولو شاء الأشخاص التنفيذيون أن يطرحوا صور التطور المقترحة والمناسبة للمجتمع السعودي لطرحوها في صيغها المناسبة عبر الخصوصية السعودية .. ولكنهم ينتظرون حتى تأتي القيادة لتطرح الإصلاح كفكرة ومبدأ تنطلق منه السياسات واللوائح الجديدة.. وأنا ما يهمني بشكل خاص هو الإصلاح الإعلامي . فنحن بحاجة إلى جهود جادة نحو الإصلاح في المجال الإعلامي .. ولدينا الكثير من الرؤى في هذا المجال..
تدفق المعلومات
نحن نعرف أن أهم علاج للمشكلات هو توافر حرية تدفق المعلومة وإعلانها.. لكن عندنا أرقام البطالة متفاوتة في تقديراتها من جهة إلى أخرى.. كذلك عدد المقبولين في الجامعات.. وكذلك متعاطو المخدرات إلخ.. هل تعتقد أن المعلومة عندنا يتم حجبها عمداً أم أن الأجهزة المعنية في تخصصات عاجزة عن توفير قاعدة معلومات؟ وما فائدتهم إذ لا يملكون ذلك؟
* ذكرني هذا السؤال بقصة حقيقية حدثت لأحد الطلاب السعوديين عايشتها عندما كنت مساعداً للملحق الثقافي السعودي في لندن، فقد طلب أحد الطلاب السعوديين من الملحقية أن ترسل خطاباً لوزارة البترول والجهات المعنية لتوفير خرائط التعدين في منطقة من مناطق المملكة.. وبعد أشهر عديدة، وبعد مشاورات ومداولات كثيرة جاءنا الخبر أن هذه الخرائط تعد سرية ولا يمكن الحصول عليها.. فاضطررنا لأن نبلغ الطالب بذلك، مما دعاه إلى تبليغ مشرفه الأكاديمي.. فما كان من هذا المشرف إلا أن قلب أوراقه وأعطى الطالب رقم تليفون شركة متخصصة في الخرائط الجيولوجية في أمريكا وطلب منه الاتصال بها وطلب منها توفير كل الخرائط التي يرغبها عن المملكة.. وهذا ما فعله الطالب.. وخلال أيام فقط حصل الطالب على خرائط تفصيلية لمواقع الثروة التعدينية في المملكة.. مقابل مبلغ زهيد من المال لا يتعدى عشرات أو مئات الدولارات.. هذا نموذج يوضح أن لدينا في مجتمعنا السعودي مرضا اسمه (السرية) وكل معلومة أو رقم أو إحصائية أو خارطة نتعامل معها بسرية - وكأن الحصول عليها سيفضي إلى انهيار الاقتصاد السعودي أو تخلخل الأمن أو ضعف الوشائج الاجتماعية أو التشويش على الصورة الخارجية للمملكة.. وفي نظري أن هذا المرض ينبغي معالجته وتجاوزه.. فكثير من معلومات العالم متوافرة في الإنترنت.. بما فيها معلومات عن المملكة في قواميس منظمات الأمم المتحدة.. فهناك تقديرات يضعها خبراء العالم عن كل المؤشرات السلبية والإيجابية في كل مناحي الحياة العامة لكل دولة في العالم.. واتفق مع السؤال أن الامتناع عن طرح المعلومة من قبل مؤسساتنا الاجتماعية يعيق عمل الصحافة والإعلام.. ولهذا فإعلامنا تغلب عليه الإنشائية والتهويل وعدم الدقة والانحرافات البعيدة عن الواقع.. وصحافتنا تسعى إلى علاج مشكلاتنا الاجتماعية، فإذا لم تتوافر لها المعلومات الدقيقة والمصادر المباشرة فلن تكون صحافتنا في موقع يؤهلها إلى بناء الحلول المناسبة لمشكلاتنا الاجتماعية.. أي أن هذا يعطل دورها ورسالتها في المجتمع..
الحرب.. قادمة
المنطقة مقبلة على حرب.. هل تستطيع أن تضيء مسرح الحدث وخلفياته بحكم متابعتك وموقفك الفكري من الحدث؟
* حسبما ذكرت لي فإن هذه المقابلة ستنشر خلال أيام من إجرائها.. ولهذا فإنني أقول بمقاييس الحدث اليومي الحالي الذي نعيشه اليوم إن الحرب لن تحدث.. وهذا ليس لرغبتنا نحن العرب فقط.. ولكن لعاملين أساسيين، أحدهما أن النظام السياسي في العراق برئاسة صدام حسين سيسعى إلى تقديم كل التنازلات التي تطلبها الولايات المتحدة الأمريكية والعالم مهما بلغ ثمن هذه التنازلات.. وثاني الأسباب أن القوى العالمية- أخيراً - وجدت ثغرة على الولايات المتحدة لتخترق من خلالها جبهة ما يسمى الإرهاب، والذي تتحجج به الولايات المتحدة دائماً لتسوق العالم بأجمعه إلى وضعيه تخدم بها مصالحها في كل مكان.. وطالما وجدت هذه الدول الأوروبية وستتبعها دول أخرى من قارات العالم هذه الثغرة فستحاول أن تعمقها وتكبرها بحيث تكون هي سابقة لبناء تيار متوازن في السياسة العالمية.. وهذه فرصة ذهبية لدى العالم أن يخرج من العباءة الأمريكية بمنطق وعقلانية واضحة.. ولهذا فإن أوروبا اضطرت إلى مسايرة أمريكا لفترة- كان قسريا بمنطق الأحداث- أن تسايرها، ووجدت هذه الفرصة المتاحة للخروج من العباءة الأمريكية.. وكان حرياً أن يحاول العالم العربي نفس الشيء.. ويضع تكتيكاته السياسية للخروج رويداً رويداً من تحت الضغط الأمريكي..
موقع المرأة
المرأة.. ما موقعها في فكرك وتصوراتك لدورها في خدمة وطنها والمشاركة بفعالية في مسيرته.. وهل تؤيد إعطاءها دوراً أكبر في الشأن العام؟
* المرأة موجودة في كل مكان وشأن عام.. ويتنامى دورها يوماً بعد يوم، لتمكنها من إدارة الحياة الاجتماعية باقتدار ومسئولية.. وليس أمامنا إلا أن نبارك جهودها المخلصة في خدمة وطنها وأمتها.. أما دورها في الشأن العام فإننا نقبل لهن بكل دور كانت تقوم به الصحابيات الفاضلات - رضوان الله عليهن - وأقل من ذلك هضم لحقوقهن، وأكثر من ذلك تطاول على الدور الاجتماعي والشرعي للرجل.. وعموماً نميل في شئون المرأة بشكل خاص إلى التطوير التدريجي لدورها في المجتمع ..
السعودة المزعومة!
هناك الكثير من المسئولين ينادون بالسعودة.. وإذا نظرت إلى دوائرهم أو شركاتهم الخاصة فهم أبعد ما يكونون عن تطبيق الشعار.. إلى متى يستمر هؤلاء في المزايدة على حساب أمن ومستقبل البلد؟ وبم تفسر ازدواجية التفكير والسلوك عند هؤلاء؟
* أنت تطرح قضية مهمة في المجتمع، فدعني أسألك لماذا لا تتصدى صحافتنا لمثل هذا الموضوع وتكشف عن هذه الشركات والمؤسسات التي تدعي السعودة وهي أبعد ما تكون عن ذلك.. نحن القراء والمواطنين ننادي مخلصين بدور ومسئولية إعلامية واضحة لتناول مثل هذه القضايا.. وأرجو إلا تهاب الصحافة ولوجها إلى هذا الدور خشية أن تتأثر إيراداتها الإعلانية من جراء ذلك..
مؤتمر وزراء الإعلام
مؤتمر وزراء الإعلام العرب الذي سيعقد دورته الخمسين.. ما أهم طروحاته في مرحلة مفصلية من تاريخ الأمة؟ وهل ستحفظ في الأدراج معظم القرارات؟
* لقد كتبت في صحيفة الجزيرة مؤخراً عن المتوقع من اجتماع وزراء الإعلام السادس للدول الإسلامية والمتوقع أن يحضره خمسون وزيراً وممثلاً لمنظمات إقليمية ودولية.. وكنت غير متفائل بأي دور جوهري يقوم به الإعلام العربي أو الإسلامي لمناصرة قضايا العالم العربي والإسلامي.. وجدول اجتماع الوزراء يطرح وضع استراتيجية إعلامية في العالم الإسلامي للتعامل مع التحديات الكبرى التي تواجهنا من تبعات الحادي عشر من سبتمبر، ولكني تساءلت: لماذا تأتي هذه الاستراتيجية متأخرة.. هذا إذا جاءت.. وإذا جاءت هل سيكون هناك تفعيل لها على صعيد كل دولة.. وطرحت فكرة الإصلاح الإعلامي في إعادة هيكلة مؤسسات الإعلام لكل دولة كخطوة عملية للانطلاق منها..
مستوى التليفزيون
لو أعطيت لك مسئولية في إدارة موقع صحفي أو تليفزيوني ما أول قرار تتخذه؟
* لو خيرتني بين جهازي الإعلام ( الصحافة والتليفزيون) في أولوية التطوير لذكرت لك التليفزيون.. فجهاز التليفزيون السعودي لم يرتق إلى أي مستوى أدنى من المطلوب اجتماعياً والمتوقع مهنياً.. وأسوق لك نموذج الأخبار والبرامج الحوارية في التليفزيون كمثال يحتاج إلى انقلاب فوري على الوضع الحالي، وذلك وفق معادلات تلبي خصوصية المجتمع وترضي طموح المتلقي السعودي والعربي.. فلم تتغير نشرات الأخبار عن تلك التي كنا نتابعها قبل عشرين أو ثلاثين عاماً سوى في بعض الشكليات الإجرائية والديكورات الخلفية لمذيعي الأخبار.. كما أن نشرات الأحوال الجوية هي من اتعس نشرات العالم.. ولربما وبكل موضوعية لو اختيرت أسوأ نشرة أحوال جوية في العالم لفاز تليفزيوننا بالمقاعد العشرة الأولى.. الذي أقصده أن هناك مساحات واسعة جداً من التطوير الممكن والتقدم المهني العالي في شتى مجالات الإعلام والتليفزيون بشكل خاص.. وحسب سؤالك إذا ما أعطيت الصلاحيات الكاملة في تطوير صحيفة أو تليفزيون، فأول عمل أتخذه سيكون الرفع للقيادة السياسية بضرورة الإصلاح الإعلامي الذي تتطلبه المستجدات الدولية والمتغيرات التقنية الهائلة.. ونحتاج فعلاً إلى إعادة هيكلة فورية لمؤسسات الإعلام في المملكة ابتداء من الفكرة وانتهاء بالتطبيق.. والتطوير المطلوب ينبغي أن يكون وفق خطة استراتيجية شاملة لتحريك الإعلام السعودي إلى آفاق جديدة من التحديات التي تواجه المجتمع والأمة.. ولا ينبغي أن تكون الحلول جزئية وموضعية وتسكينية.. نحن بحاجة فعلاً إلى الوصول إلى مثل هذه القناعات.. ولهذا فإنني أرى أن الأولوية القادمة هي أن يطرح المتخصصون رؤيتهم إلى القيادة السياسية في المملكة لتوضيح أهداف ومراحل وأساليب التطوير المقترحة.. وهذه مهمة جوهرية للتنفيذيين حيث يتمثل دورهم في نقل صورة افتراضية لما ينبغي أن تكون عليه الأوضاع في المملكة..
كتب وكتاب
ما أفضل كتاب قرأته في العام الفائت؟ وما علاقتك بالكتاب السعودي وبالتحديد الفكر والأدب السعودي من خلال الأسماء التالية: (د. تركي الحمد.. د. عبد الله الغذامي د. فهد الحارثي د.إحسان أبو حليقة, د. خالد الدخيل)؟
* كتاب عن الصهيونية العالمية للدكتور عبد الوهاب المسيري.. ولأنك تسألني وأنا خارج الرياض حيث مكتبتي الخاصة فلا أتذكر عنوان الكتاب والناشر وتاريخ النشر المفترض أن أقدمها إلى القراء، لكن موضوع الكتاب عن الحركات اليهودية في العالم منذ القدم إلى اليوم.. ويمثل هذا الكتاب أهمية كبيرة لدارسي الصهيونية واليهودية في العالم، رغم عدم التحديث المطلوب في الكتاب لحركات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأوروبا.. والتفاعل مع الأحداث الجديدة في منطقة الشرق الأوسط.. أما سؤالك عن الزملاء والأساتذة الأفاضل فحديثي عنهم مجروح لكونهم أصدقاء بالدرجة الأولى وطالماً تحاورت مع الكثير منهم.. وتحديداً أود قول التالي لكل واحد منهم:
* د. تركي الحمد.. أسأله ما الذي يريد أن يقوله في رواية ولم يستطع أن يقوله في مقال صحافي أو لقاء تليفزيوني..؟
* د. عبد الله الغذامي.. دعوته وبعض الزملاء النقاد (د. سعد البازعي ود. معجب الزهراني) للدخول في تجربة الإعلام والتعامل مع الإعلام كنص أدبي أو عمل إبداعي وتطبيق النظريات البنيوية، أو التفكيكية، أو السيميولجية على نصوص من واقع إعلامنا المحلي.. ولكنهم يعتذرون دائماً.. ودائماً ما أقول لهم إن كثيراً من النقاد العالميين استلوا نماذج من النصوص الإعلامية وطبقوا عليها كثيراً من نظرياتهم النقدية.. البعض أخذ الأخبار في التليفزيون، وآخرون درسوا الصورة الفوتوغرافية في الصحافة، وغيرهم طبقوا نظرياتهم على طقوسية كرة القدم ( الأمريكية)، وفئة أخرى شرحوا ( بتشديد الراء) حلقات من مسلسلات تليفزيونية.. وللأسف فإن زملاءنا في المدرسة النقدية السعودية لم يعيروا الإعلام أي بال أو اهتمام.. وتنصب جهودهم على القصة أو القصيدة.. ونحن نريد منهم الخروج إلى الهم الثقافي، الذي يعد الإعلام أحد روافده المهمة..
* د. فهد الحارثي..أعتقد أن الجميع يذكر ظهور الدكتور الحارثي في الفضائيات العربية، خصوصاً في الاتجاه المعاكس.. والمشكلة التي واجهته وغيره من الشخصيات السعودية في مثل هذه البرامج وغيرها من البرامج تكمن في حرص هذه الشخصيات على أن تتبنى الخطاب الرسمي بدون حذف أو إضافة.. ونحن كمختصين في مجال الإعلام نعلم أنك إذا أردت أن تدخل في حوار مع شخصيات وأطراف مناقضة لك في الإيديولوجيا والمصالح فينبغي أن تبني حدوداً دنيا من القواسم المشتركة بينك وبين الأطراف الأخرى.. وهذا ربما يسهل الوصول إلى قناعات مشتركة.. وتحتاج مثل هذه الحوارات إلى الظهور بمظهر المستمع الجيد للآخر والمتابع الدقيق لحجج الخصم.. حتى تثبت أنك تحترم رؤيته مهما كانت معارضة ومهما كانت منتقصة من ثوابت معينة لدينا..ثم يأتي دورك في تحريك الأمور بطريقة إيجابية بعيدة عن التشنج والاحتقان الذي تريده بعض البرامج والفضائيات..
* د. إحسان بو حليقة.. كاتب متخصص أقرأ له الكثير من الطروحات الاقتصادية المهمة وقد التقيت به أكثر من مرة آخرها جمعتنا عضوية لجنة المشورة في الجنادرية الأخيرة..
* د. خالد الدخيل.. هو جاري بقسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، ولكني لم أره قط هناك.. وعموماً فإننا في الميدان الإعلامي نشجع ظهور الشخصيات السعودية في القنوات ووسائل الإعلام العربية والدولية.. والدكتور خالد شخصية ذات ظهور متوازن لا تطغى عليها الرسمية الواضحة..
صدام حسين
جورج بوش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.