وصف عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور عبدالله الرفاعي تجربته كعميد لأول كلية إعلام واتصال في المملكة بالصعبة جداً في بدايتها. وأوضح في حوار مع «الشرق» أنه واجه تحديات كبيرة في بداية المشوار، بينما في المقابل عد ذلك إنجازاً، مضيفاً أن الجامعة بصدد البدء في قسم الجرافيكس الحديث في الكلية الذي أصبح خريجوه مطلوبين في المؤسسات الإعلامية، كما أكد الرفاعي أنه مقتنع تماماً بانقراض الصحافة الورقية، لافتاً إلى أن المستقبل للعمل الصحفي الإعلامي. فقال: لا شك أن كلية الإعلام والاتصال هي كلية الإعلام الأولى في المملكة، وربما تكون الأولى في العالم العربي التي بدأت كبيرة وقامت على ستة أقسام، في العادة الأقسام في كليات الإعلام تكون تقليدية تتمثل في الصحافة والإذاعة والعلاقات العامة، ولا شك أن المرحلة الأولى عادة تكون صعبة جداً خصوصاً أن الكلية هي تطوُّر لقسم كان تابعاً لكلية أخرى، والتجربة فيها تحديات كبيرة ومشكلات كثيرة لكن كانت هناك إنجازات ولله الحمد؛ حيث استطعنا أن نبدأ بالأقسام الستة بشكل متوازٍ، بالإضافة إلى الاستقلالية الإدارية والمكانية، ولا شك أن المكان ضيق لكن يعد مناسباً للمرحلة الأولى. أما الصعوبات فهي تتمثل في أن تبدأ الكلية بالستة أقسام دفعة واحدة، وهذا كان أكبر تحدٍ واجهناه، ولكن توجيهات إدارة الجامعةكانت أن تبدأ الكلية بشكل كبير وقوي، وإكمال النقص الموجود لدينا، وهذا الذي نعمل عليه الآن، ومن التحديات التي نواجهها الآن هو ندرة الكوادر الإعلامية والكوادر القادرة على التعليم الإعلامي، نظراً لأن هناك توسعاً كبيراً في إنشاء أقسام الإعلام في المملكة والعالم العربي، نحاول التغلب عليها من خلال برامج الماجستير والدكتوراة التي نعمل عليها في الكلية لتغطية النقص وسد حاجاتنا وحاجات الأقسام الأخرى، أما الإشكالات الأخرى فهي أن نجد العلاقة السليمة ما بين القطاع الأكاديمي والقطاع المهني الإعلامي، ونحن قطعنا شوطاً كبيراً في هذا الإطار من خلال التعاون مع المهنيين الإعلاميين ليكونوا شركاء في العملية التدريسية والتأهيلية وهذه من التحديات القديمة والحديثة وستظل من التحديات المستقبلية. أما عن الجديد ففي الفصل الدراسي المقبل سيعود برنامج الدكتوراة للطلاب، وأيضاً يبدأ أول برنامج دكتوراة للطالبات في المملكة، وسيكون هناك مركز لمصادر التعلم متاح للطلاب، ونعمل على إنشاء مركز لدراسات الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي. - القسم حديث النشأة، وإلى الآن لم نستقبل فيه الطلاب، وهو يعنى بالتصاميم الإعلامية سواء التي يحتاجها الإعلام المرئي أو المطبوع، وهو من التخصصات الدقيقة في المجال الإعلامي، ونتوقع في العام المقبل أن تبدأ الدراسة في هذا التخصص، ونشير إلى أن التخصص ستكون فيه جرعة كبيرة باللغة الإنجليزية والمواد فيه تلتقي بشكل كبير مع تخصص الحاسب الآلي، ونعول كثيراً على هذا القسم ونأمل أن يكون انطلاقة لتخصصات الإعلام الأخرى. وأكدت دراسات الجدوى لهذا المشروع أن هناك إقبالاً كبيراً على هذا القسم، خصوصاً أن هذا التخصص يرتبط مع التطورات التي حصلت مع الإعلام الجديد، وكثير من الشباب لديهم اهتمام ويمارسون جزءاً من فكرة التخصص نفسه. خريجو هذا القسم مطلوبون بشكل كبير في السوق؛ لأن عالم التصميم بحاجة لهم، والآن المؤسسات الإعلامية المطبوعة من صحف ومجلات أو التليفزيون ومن يعمل في الإنتاج التليفزيوني والدرامي بحاجة لمتخصص في الجرافيكس، والدراسات تؤكد أن السعوديين العاملين في هذا التخصص لا يمثلون حتى 1%، ونأمل أن يكون هناك أكثر من قسم يقدم هذا التخصص. - لدينا في الكلية مجال اهتمام بحثي ودراسي قديم، فالكلية تضم قسماً بمسمى الصحافة والنشر الإلكتروني، وهذا القسم قديم ونشأ مع بدايات المواقع الإلكترونية منذ عام 2004 وتخرجت فيه أكثر من دفعة، والجامعة متنبهة وتحدث نفسها والأقسام العلمية كذلك، ولذلك تكاد أن تكون الكلية الوحيدة في العالم التي لديها قسم خاص بالنشر الإلكتروني أو الإعلام الجديد، والجامعة أنشأت كرسياً خاصاً بحثياً بعنوان دراسات الإعلام الجديد عام 2008، وهذا يؤكد أن قسم الإعلام في جامعة الإمام، الذي تحول إلى كلية، يهتم بعملية التطوير والتحديث ولعل هذا من الأسباب التي أدت به إلى أن يتحول إلى كلية. - لا شك أن الصحافة الورقية تعاني الآن معاناة كبيرة وكل المؤشرات تدل على أن النهاية ليست في صالحها، لا نعرف مداها الزمني ولكن ليست من صالح الإعلام المطبوع والصحافة المطبوعة، أنا من أنصار هذه القناعة بأن يأتي وقت يختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى بلد، وكل المعطيات تؤكد أن الصحافة الورقية ستنقرض. وهذا بالتأكيد من أحد الآثار المتوقعة والمرتقبة، ويجب أن نفهم أن ذلك ليس لسوء الصحافة الورقية، بل هذا نتيجة لتغير في اهتمامات واحتياجات الناس والجماهير؛ حيث إن الأجيال أصبحت تتعامل مع الشاشات ولا تتعامل مع الورق، وهناك أزمة وإشكالية في الحصول على الورق، والناس تجد صعوبة في القراءة من الجريدة، وتغير في العادات والاهتمامات وكل هذه العوامل تساعد على اختفاء الصحافة الورقية والتحول إلى الصحافة الإلكترونية. - يجب أن نعلم بأن التغير يكون في الوعاء، فالجريدة الورقية هي وعاء الصحيفة، ربما تكون إلكترونية، ولكن مبدأ المهنة الإعلامية الصحفية يحتم أنه ستظل، الحاجة للإعلام (الأخبار وتزويد الناس بالمعلومات الموثقة الدقيقة)، بل وتتزايد وتتعاظم، ولكن الإشكالية: هل سيظل الورق موجوداً أم ستكون هناك بدائل أخرى؟ وكل المؤشرات تقول إن البدائل الأخرى ستكسب ولكن هذا لا يعني نهاية المهنة الصحفية، يجب أن نتنبه؛ فالمهنة الصحفية هي احتياج إنساني وستظل وستبقى الحاجة للمؤسسات الإعلامية الصحفية سواء الصحافة التليفزيونية أو الإذاعية أو الورقية، فالتخوف لا محل له، خصوصاً أن لدينا في الكلية قسماً بمسمى الصحافة والنشر الإلكتروني، والمستقبل لا يزال واعداً للعمل الصحفي الإعلامي. - هذا الكلام ليس دقيقاً، ويجب أن نفهم أن كل التخصصات العلمية لا تخرج طالباً بنسبة 100% قادراً على العمل في التخصص ولكن يفترض أن تخرج طالباً قادراً على أن يعمل في التخصص ويستوعب، لو رجعت للصحافة السعودية على سبيل المثال ستجد نسبة كبيرة من العاملين فيها من خريجي قسم الإعلام، ويفترض أن تخرج طالباً قادراً على أن يعمل ويخطو ويتعلم ويتشرب المهنة بشكل أسرع وأسهل من أي شخص آخر، فالخطوط العريضة هي التي يجب أن يكون ناجحاً فيها من الآن، لكن التفاصيل إذا كان القسم والكلية الإعلامية تأهيلها متميز وجيد، فالطالب لن يستغرق وقتاً طويلاً قبل إجادة العمل بنفسه. - الأمور لا تأتي بهذه الطريقة، فكل كلية أو قسم يطور نفسه بذاته، فلذلك نحن في كلية الإعلام بجامعة الإمام عملنا أكثر من نقلة من خلال الانفتاح على المهنة، ولدينا كثير من المهنيين والأساتذة، ونحن منفتحون على التطور التعليمي الذي يحدث، ودليل ذلك أننا قمنا بتعديل مسمى قسم الصحافة إلى الصحافة والنشر الإلكتروني، ونحن في الكلية في صدد نقلة نوعية ثانية، التي تعتبر النقلة النوعية الخامسة في تاريخ تخصص الإعلام في الجامعة نحو مواد معرفية ومهارات في التخصص، وستؤدي بالتأكيد إلى أن تكون مخرجات القسم بالقرب من الممارسة المهنية الصحيحة. - الصحافة الاستقصائية هي مصطلح حديث لموضوع قديم، وهي التي نسميها الصحافة التحقيقية أو التحقيقات الصحفية لكن التعديلات التي حصلت في المجتمعات حديثاً تتطلب أن يكون معظم النشاط الصحفي في الجانب الاستقصائي، فالطلاب في الجامعات لا يرفضون ولا يقبلون؛ لأن هذه أشكال صحفية تمارس من خلال المؤسسات الإعلامية، الذي أؤكد عليه أن الطالب الذي يتخرج في أقسام الإعلام وتحديداً في كلية الإعلام والاتصال قادر على أن يكون صحفياً استقصائياً بشكل جيد وليس فيها إشكال كبير، ونحن بصدد تطوير مناهجنا بشكل يحقق كل التغيرات والتطورات التي حدثت ومن ضمنها الصحافة الاستقصائية، وستكون عندنا مواد خاصة بها، ونأمل أن ترى هذه المخططات الجديدة النور قريباً ومن المتوقع أن يكون ذلك مطلع العام المقبل. - لنكون دقيقين هناك نسبة ربما، لكن الذي نؤكد عليه أن طلاب الإعلام الذين يلتحقون بأقسام وكلية الإعلام وهم مدركون لمعاني تخصص الإعلام ولديهم الرغبة والاهتمام، هؤلاء لا يجدون أنفسهم عاطلين؛ لأن نسبة كبيرة منهم من المستوى الثالث والرابع تم استقطابهم في المؤسسات الإعلامية، يبقى الذي دخل الإعلام لأنه لم يجد مكاناً في الجامعة إلا في قسم الإعلام، ولكن أيضاً الدراسة الإعلامية لم تثر لديه رغبة أن يكون مهنياً وممارساً.. هذا سيكون عاطلاً بالتأكيد، والحصول على الوظيفة يحتاج جهداً ومثابرة دائماً، والأساس في العملية الوظيفية هو الأداء والتميز أثناء الدراسة، فلذلك نحن نعتمد على المواد التطبيقية التي تسمح للطالب بممارسة المهنة الإعلامية سواء كان تخصصه صحافة أو إذاعة وتليفزيون أو علاقات عامة، وفي ظل الأزمات التي حصلت في عام 2008 إلى اليوم كل القطاعات توقف النمو فيها إلا في القطاع الإعلامي، ولكن نتكلم عن وظائف للمهنيين القادرين على العمل وليس من يحمل شهادة فقط. - هذه النسبة صحيحة، وهذه صورة نمطية سائدة في العالم كله، فكثير من طلاب الإعلام يتجهون لقسم العلاقات العامة، اعتقاداً منهم بأنه أكثر الأقسام فرصاً في الوظيفة وهذا غير صحيح؛ لأنك لو سألت إدارات العلاقات سيقولون نحن نرغب في من يتمكن من تحرير المادة الصحفية والإذاعية والتليفزيونية. هناك إشكال عند الطلاب مبني على معلومات خاطئة بأن العلاقات أسهل في الوظيفة والتدريس، وهذا إلى حد ما صحيح في المخططات الموجودة لدينا على سبيل المثال.. في البرنامج الدراسي الجديد سيكون الوضع مختلفاً كلياً، وسيكون خريج العلاقات العامة تقريباً درس جميع التخصصات الإعلامية، وأنا أتوقع في هذه الحالة سيكون هناك انضباط في مسألة الدخول للقسم، ومن دخل سيجد فرصاً حقيقية؛ لأن الممارسة الإعلامية المهنية في التحرير والكتابة والإعداد هي المطلوبة في العمل لأي مجال من مجالات العلاقات العامة والإعلام، أما المجال الخاص بالمراسم والاستقبال والتوديع أخذت في التلاشي من أقسام العلاقات العامة. - نحن نقبل حسب توجيهات القيادة الرشيدة وإدارة الجامعة، فكل من حصل على المؤهل بالمعدلات المطلوبة من حقه أن يشغر أو يحصل على فرصة تعليمية في الجامعة، وفي التخصص الذي يرغب فيه بالدرجة الأولى وحسب الإمكانية، وهذا ما تعمل عليه إدارة الجامعة، وهي متاحة لكل من أراد أن يتعلم، وليست مرتبطة باحتياجات السوق والعمل، وهذه خطط استراتيجية تضعها الدولة تحدد فيها التخصصات التي تفتح أو تغلق أو تغلق جزئياً على حسب الاحتياج، فنحن نتكلم عن تخصص الاحتياج فيه لا يزال كبيراً جداً وإلى سنوات كبيرة، وفي المملكة نسبة السعوديين الذين يعملون في مختلف القطاع الإعلامي لا يشكلون 30-40%، ولو حسبنا الأماكن التي يستثمر فيها السعوديون خارج المملكة سنرى أنها لا تشكل نسبة 1%. - هذه الأنباء ممكنة إذا ألغي الإعلام في السعودية (قالها ضاحكاً)، هذا غير صحيح إطلاقاً.. ليس هناك سوى كلية واحدة عاملة، وأنا أؤكد وأبشر بأن هذه الكلية سيتفرع عنها أو سيليها كليات أخرى، والمستقبل للإعلام، والممارسة المهنية الإعلامية، وستظل الحاجة لأقسام وكليات الإعلام المرتبطة بالواقع المهني، بدليل عدد أقسام الإعلام في المملكة الآن.. لا توجد تقريباً جامعة إلا وفيها قسم إعلام، وفي السابق ثلاثة إلى أربعة أقسام في المملكة، فنحن نتكلم عن تطور، فالآن أي مواطن أو فرد في المجتمع يمارس العملية الإعلامية، إذاً هذه تنبؤات ليست في مكانها. - لدينا أسماء كثيرة من خريجي الكلية تميزوا وتألقوا وبعضهم يتولون مناصب قيادية في مختلف وسائل الإعلام والإدارات الحكومية، وبعضهم لا تحضرني أسماؤهم، المذيعون في قنوات إم بي سي محمد الطميحي وسعود الدوسري وعلي الغفيلي، ومدير تحرير في صحيفة الاقتصادية خالد السهيل، ومدير عام قنوات الإعلام في هيئة السياحة السعودية ماجد الشدي، وتركي الدخيل الذي درس ولم يكمل، وغيرهم الكثير.. وأعتذر لمن لم أذكر اسمه، وهناك أعداد كبيرة من خريجي الكلية في جريدة الرياض وعكاظ والجزيرة والتليفزيون السعودي وغيرها. خريجو كلية الإعلام وحدهم يشكلون نسبة 40% من العاملين في وسائل الإعلام المختلفة في المملكة. - ينبغي التأكيد على أهمية أن ندرك خطورة وأهمية الإعلام في حياتنا كأفراد وكمجتمعات، الإعلام لم يعد ترفاً، الإعلام هو احتياج حقيقي، فإن لم نستطع أن نتعامل معه ونسيطر عليه فسنكون في مشكلة كبيرة، خصوصاً مع دخول وسائل الإعلام الجديد، لم يعد بالإمكان تجاهل تأثير الإعلام وما يحدثه من آثار على الأفراد والمجتمعات والدول، وأوصي نفسي وأبنائي الطلاب وإخواني الصحفيين والإعلاميين أن يكون لهم دور مهم في إيصال هذه الأهمية بالصورة المناسبة للمعنيين والمسؤولين في المجتمع السعودي، وإذا لم يتفهم أصحاب القرار والمسؤولون أهمية الإعلام وخطورته، فسنكون في إشكال كبير.