ينتظر الكثيرون وينظرون نظرة ترقب مشوب بالقلق إلى ما يمكن أن تسفر عنه نتائج التفتيش عن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل من عدمه، ولا أنكر قلقي البالغ وقلق الكثيرين أثناء متابعة تقرير المفتشين الدوليين على الهواء مباشرة من مجلس الأمن، فالقضية قضية أمن قومي ووطني وعربي، ومن لا يشعر بالقلق إزاءها لا يدرك الأبعاد والنتائج المترتبة على عدم تعاون العراق أو ثبوت امتلاكه أو إخفائه هذه الأسلحة . ويبذل العراق جهدا واضحا لنفي هذه الاتهامات عنه، وقد استشعر الخطر وقد جاءت النتائج سواء من هيئة الطاقة الذرية أو الإنموفيك للبرادعي وبليكس غامضة كالعادة، ولكنها تشير إلى عدم تمكنهم من كشف ما يمتلكه العراق من أسلحة الدمار الشامل، وأن هناك بعض القضايا المعلقة التي تحتاج إلى مزيد من الوقت ومزيد من التعاون، ودعت اللجنة إلى ضرورة التعاون الكامل للعراق وإتاحة الفرصة أمام المفتشين لاستكمال الإجراءات. وقد جاء هذان التقريران ليمنحا العراق وقتا جديداً في صالحه وينبغي عليه استثماره واستغلاله جيدا لإثبات حسن نواياه واستعداده الكامل للتعاون مع الشرعية الدولية وتأمين المنطقة من نتائج وويلات حرب ضروس لا يعلم مداها إلا الله. لأن ضرب العراق لا قدر الله هو ضرب لكل دولة عربية في هذا الوطن الكبير، ولن يتأثر بها العراق وحده بل سيتأثر من ويلاتها كل عربي على هذه الأرض الطيبة. والسؤال: هل موافقة العراق على الانصياع التام لقرارات الأممالمتحدة والشرعية الدولية، وتكريس كل إمكاناته لتذليل وتسهيل المصاعب أمام لجان التفتيش وأمر العلماء بالتجاوب معهم، وإصدار مراسيم بحظر التعامل في الأسلحة البيولوجية والذرية وأسلحة الدمار الشامل، وسماحه لطائرات U2 بالتحليق والتفتيش، إثبات حسن النوايا، ورغم الزخم والمد الشعبي العارم في جميع أنحاء العالم من خلال المظاهرات الحاشدة المطالبة بوقف العدوان على العراق، ورفض كل من فرنسا والصين وروسيا والعديد من دول العالم للحرب. أقول هل كل هذا سوف يجنبه الحرب المحتملة التي جهزت وتجهز لها الولاياتالمتحدة وبريطانيا منذ ثلاثة أشهر، وسوف تثنيهما عن عزمهما على ضربه وأنها ستطوي أجندتها وتغلق أقلامها وملفاتها وترحل بقواتها ومعداتها في هدوء من حيث أتت دون أن تحقق أهدافها ؟ ودعنا نغرق في التفاؤل ونفترض بل ونصدق جدلا أن العراق خال من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة البيولوجية والكيميائية تماما، وأنه متعاون مع الأممالمتحدة ، وليست لديه نوايا أو مخططات عدوانية ضد أحد من جيرانه العرب، خاصة بعد أن اعتذر عما بدر منه من غزو وعدوان على الشعب الكويتي في عام 1990م فهل هذا يقنع أمريكا وهل تقبل به وتترك الساحة مرة أخرى للرئيس العراقي الذي تصفه بالمراوغة والكذب ؟