أخفقت القوى الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا في التوصل لاتفاق بشأن اتفاق نووي أولي مع إيران كان من شأنه أن يتطلب تنازلات متبادلة، بعد ثلاثة أيام من محادثات رفيعة المستوى في جنيف. وقالت كاثرين آشتون، كبيرة المفاوضين في مجموعة بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولاياتالمتحدة وألمانيا، إن " تقدما كبيرا ملموسا تم تحقيقه، إلا أنه لا تزال هناك بعض الخلافات". وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن قضية وقف تشييد محطة لإنتاج البولونيوم كانت من بين نقاط الخلاف الرئيسية. ومن المقرر إجراء جولة جديدة من المحادثات للتوصل إلى اتفاق مؤقت بشأن تعليق أجزاء من برنامج إيران النووي مقابل تعليق بعض العقوبات، يومي 20 و21 من الشهر الجاري في جنيف. وقال وزير الخارجية الألمانية جيدو فيسترفيله إن "هدفنا سيتواصل من أجل حل شامل لمنع وجود إيران ذات تسليح نووى". وأخفق التوصل إلى الاتفاق المقرر بعد مفاوضات مكثفة قادها وزراء خارجية ومسؤولون بارزون آخرون من كل الدول المشاركة. وشملت المحادثات اجتماعات مطولة بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، على الرغم من أن بلديهما ليس بينهما علاقات دبلوماسية رسمية. وقال كيري إن المحادثات ستستغرق وقتا بسبب الحاجة للتغلب على حالة انعدام الثقة المستمرة منذ فترة طويلة بين إيران والغرب إلا أنه حذر من أن المفاوضات لا يمكن أن تستمر للأبد وقال إن " الوقت يداهمنا". ومنذ الكشف عن برنامج إيران النووي السري قبل عشر سنوات مضت، والقوى الست، المعروفة باسم مجموعة خمسة زائد واحد أو مجموعة ثلاثة زائد ثلاثة، تحاول التفاوض لوقف أنشطة إيران الذرية، خشية أن تكون جزءا من برنامج أسلحة نووية. وتشدد إيران على أنها تحتاج فقط إلى التكنولوجيا من أجل انتاج الكهرباء واستخدامات مدنية أخرى. وفي الاتفاق الذي جرى مناقشته في جنيف، تهدف المجموعة إلى وقف جهود إيران الحالية لتخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%. وتشعر البلدان الست بالقلق من أن مثل هذه المواد يمكن استخدامها بسهولة في صنع رؤوس نووية، بينما يصر قادة إيرانيون على أن اليورانيوم سيستخدم فقط كوقود لمفاعل أبحاث. وقال فابيوس لإذاعة فرنسا الدولية إن الوفد الفرنسي أصر على أن توقف طهران تشييد مفاعل جديد في محطة آراك، والذي سيعمل على إنتاج بولوتونيوم يمكن استخدامه لصنع رؤوس حربية نووية. وأشارت تقارير إعلامية مختلفة إلى أن موقف فرنسا المتشدد منع من التوصل لاتفاق. إلا أن كيري دعم فابيوس في قضية آراك وقال فى تصريحات لصحفيين إنه يجب معالجة هذا الأمر كجزء من أي نوع من الاتفاق. وتجنب ظريف انتقاد فرنسا، وقال "أعتقد أننا نتوقع أن يكون لكل الأعضاء المختلفين في مجموعة ثلاثة زائد ثلاثة آراء خاصة بهم". وقال ظريف إنه " لا يشعر بخيبة أمل على الإطلاق" جراء عدم التوصل لاتفاق، معربا عن أمله في التوصل لاتفاق في الجولة المقبلة من المحادثات. وتطالب إيران برفع الحظر عن صادرات النفط والقطاع المصرفي، وأنها ترغب بصورة خاصة في تعليق تلك العقوبات التي تؤثر بصورة مباشرة على الشعب. وكان مسؤولون غربيون قد وصفوا الاتفاق المرتقب بأنه أول خطوة من خطوات بناء الثقة يجري تنفيذها لفترة محددة لتمهيد الطريق أمام اتفاق أكثر شمولا. وتسبب المسعى الدبلوماسي في خلاف بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، والتي لديها قناعة بأن إيران تسعى للحصول على أسلحة ذرية تعرض للخطر وجود إسرائيل. وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الجمعة الماضية اعتزام مجموعة الست التوصل لاتفاق لن يوقف بشكل كامل برنامج إيران الذري. وأوضح أن بلاده ستلتزم بخيارها في مهاجمة المواقع النووية الإيرانية في حال فشل الجهود الدبلوماسية. وقال كيري إن الولاياتالمتحدة ستواصل حماية إسرائيل، إلا أنه أكد أيضا على أنه يجب بذل كل الجهود للتوصل إلى اتفاق مع إيران عبر المحادثات. وفي إشارة إلى الخيار العسكري، قال كيري إن " العالم يرغب في أن يعرف أنه الملاذ، الاخير وليس الخيار الأول". واعلنت وزارة الخارجية السويسرية امس الاحد ان سويسرا "على استعداد لاستضافة المراحل المقبلة" من المحادثات حول الملف النووي الايراني، ورحبت في الوقت نفسه "بالتقدم المسجل في الملف النووي الايراني". واعرب البيان الرسمي عن ارتياح سويسرا لهذا التقدم الذي "يشكل خطوة نحو مزيد من الامن في العالم، وهو من اولويات السياسية الخارجية لسويسرا". واعتبرت سويسرا ايضا ان هذا التقدم "يؤكد اهمية الطريق الدبلوماسية الوحيدة في حمل حل دائم لهذه المسألة برضا كافة الاطراف المعنية". وتعهدت سويسرا ايضا بالاستمرار في "دعم الجهود الدبلوماسية في هذا الاتجاه". وفي طهران أعلن الرئيس الايراني حسن روحاني امس الاحد امام مجلس الشورى ان بلاده لن تتخلى عن "حقوقها النووية" بما في ذلك تخصيب اليورانيوم كما اوردت وسائل الاعلام الايرانية غداة مفاوضات مكثفة في جنيف مع القوى العظمى. وقال الرئيس الايراني بحسب تصريحات نقلتها وكالة الانباء الطلابية "هناك خطوط حمر يجب عدم تجاوزها"، مضيفا "ان حقوق الامة الايرانية ومصالحنا الوطنية تشكل خطا احمر، وكذلك الحقوق النووية في اطار القوانين الدولية، وذلك يتضمن تخصيب (اليورانيوم) على الارض الايرانية".