بذل دبلوماسيون غربيون أمس السبت جهداً في جنيف لرفع العقبات من أجل التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، فيما برزت خلافات بين الغربيين بعد تعبير فرنسا عن تحفظات قوية. وحذرت إيران من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي أمس، وهو اليوم الثالث من المحادثات، فإن النقاشات ستُؤجّل إلى جولة جديدة ولن تتواصل اليوم الأحد. انتقادات لموقف فرنسا وأدى إصرار وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، على طلب التزام أقوى من إيران حول بعض أوجه برنامجها النووي التي يمكن أن يكون لها استخدام عسكري إلى إثارة انتقادات واضحة من مفاوضين غربيين آخرين. وقال دبلوماسي غربي للصحفيين إن «الأمريكيين والاتحاد الأوروبي والإيرانيين عملوا بشكل مكثف طوال أشهر على هذا الاقتراح، وهذه ليست إلا محاولة من فابيوس للتدخل في اللحظة الأخيرة للعب دور في المفاوضات». وكرر وزير الخارجية الفرنسي أمس أنه ما زالت هناك «مسائل مهمة» عالقة في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، وذلك عقب لقاء مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، في جنيف. وبعد لقاءٍ منفرد مع ظريف، قال فابيوس في تصريحٍ صحفي «نود التوصل إلى اتفاق، لكن مسائل مهمة ما زالت عالقة تتعلق خصوصاً بمفاعل أراك وبمخزون وتخصيب اليورانيوم». وأثارت هذه العرقلة تعليقات في العواصم الأوروبية، وأكد وزير الخارجية السويدي، كار بيلت، في تغريدةٍ على موقع «تويتر» أنه «يبدو أن المفاوضات في جنيف لا تجري مع إيران بل في صفوف المجموعة الغربية، وهذا ليس أمراً جيداً». وفي هذا الاتجاه، أكد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، أن هناك «خلافات في وجهات النظر» بين الدول الكبرى في المحادثات النووية بجنيف حول ملف إيران النووي. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية عن ظريف قوله «حول بعض النقاط توصلنا إلى اتفاق، وحول نقاط أخرى لا تزال هناك خلافات، وكما أشارت وسائل الإعلام هناك تضارب في وجهات النظر ضمن مجموعة 5+1». وأعلن ظريف ذلك خلال استراحة بعد ساعتين من المباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون. «الشورى الإيراني» مستاء وفي طهران، انتقد نواب إيرانيون أمس تصلب فرنسا في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في جنيف متهمين وزير الخارجية الفرنسي بالدفاع عن «مواقف» إسرائيل التي تندد بالاتفاق الذي يجري بحثه. واعتبر المتحدث باسم لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، حسين تقوي، أن «موقف ممثل فرنسا يثبت أن هذا البلد يمارس الابتزاز». وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة فارس «فيما يريد الشعب الفرنسي تحسين العلاقات بين باريس وطهران، تفضل الحكومة الفرنسية مع الأسف الدفاع عن موقف النظام الصهيوني». وأعرب نائب محافظ آخر، وهو إسماعيل قصاري، عن أسفه لتعبير فرنسا «عن مواقف النظام الصهيوني، ما يثير تشاؤم إيران بخصوص المفاوضات». لكن مصدراً في الوفد الفرنسي قال «نريد تجنب بهجة الكأس نصف الملآن»، مذكِّراً بإبرام اتفاق عام 2003 لكنه فشل. ويأتي توقع إبرام اتفاق في جنيف على مستوى آمالٍ أثارها في يونيو انتخاب الرئيس حسن روحاني في إيران، الذي تبنى نبرة معتدلة وأنجز من ذلك الوقت عدة مبادرات انفتاح نحو الغرب، معرباً عن رغبته في حل الخلاف النووي سريعاً من أجل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد بلاده. ورأى وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أنه «علينا أن نفعل ما بوسعنا لانتهاز اللحظة والفرصة للتوصل إلى اتفاق لم ينجح العالم في التوصل إليه منذ فترة طويلة»؛ حيث بدا مصمماً على تقريب وجهات النظر بين الغربيين. غير أنه أبدى حذراً، مؤكداً أنه حالياً من المستحيل التأكيد «على حصول اتفاق هذا المساء»، وتابع «لكن وإن لم يحدث؛ فعلينا الاستمرار في الأسابيع المقبلة بالبناء على التقدم المحرز». تفاصيل الاتفاق المؤقت وتوالت منذ صباح أمس المشاورات المكثفة برئاسة وزيرة الخارجية الأوروبية، كاثرين آشتون، بتفويض من الأممالمتحدة، كما جرت مناقشات ثنائية وثلاثية. وتتمحور المحادثات «البالغة التعقيد» بين إيران ومجموعة الدول الكبرى 5+1 (الولاياتالمتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين وألمانيا) حول «اتفاق مؤقت» حول البرنامج النووي الإيراني قبل العمل على اتفاق نهائي. وتشتبه الدول الست في أن تكون إيران الخاضعة لعقوبات دولية صارمة تسعى لامتلاك السلاح الذري تحت غطاء برنامج مدني وهو ما تنفيه طهران. وبحسب الاقتراح الذي يشمل فترة تجربة من ستة أشهر ولم يُعلَن مضمونه، توافق إيران مقابل تخفيف العقوبات على تعليق كلي أو جزئي لتخصيب اليورانيوم الذي يجري حالياً بنسبتي 3.5% و20%. ويدخل مفاعل المياه الثقيلة في أراك (الفرع الثاني في آلية إنتاج سلاح نووي باستخدام البلوتونيوم) -الذي تحدث عنه فابيوس- الخدمة في الصيف المقبل، وبعد تشغيله سيكون من الصعب جدا وقفه بحسب الخبراء. ومن المسائل الأخرى التي ينبغي حلها مصير مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% لدى إيران، وأفادت وسائل إعلام بأن طهران قد توافق على تجميد أنشطة آلات الطرد المركزي الأكثر تطوراً لديها طوال ستة أشهر كبادرة حسن نية. أما إسرائيل فحذرت بقوة من الاتفاق مع إيران على ما لا الذي لا يؤدي إلى تفكيك برنامجها النووي، وصرح مسؤول إسرائيلي كبير «مع كل تفاصيل إضافية تجمعها إسرائيل حول الاتفاق الذي يصاغ في جنيف يتفاقم اضطرابها حيال الاستعجال في توقيع اتفاق على هذه الدرجة من السوء للعالم».