ليس من الأسرار البوح في ظل البرامج التدريبية الموضوعة من قبل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالمملكة أن أعداد الوافدين للعمل تشكل «أزمة» حقيقية ان جاز وصف تلك الأعداد بالأزمة أمام المساعي الحثيثة والدؤوبة لتأهيل الكوادر السعودية اذا ما علمنا أن تلك الأعداد تتجاوز ثمانية ملايين وافد يعملون في مختلف القطاعات بما يؤكد أهمية الفترة التصحيحية لأوضاع الوافدين وتقليص أعدادهم بالتدريج وصولا الى تحقيق برامج الاحلال ولو بشكل جزئي تمهيدا لسعودة كاملة في المستقبل القريب لاسيما أن البرامج التدريبية الموضوعة للكوادر السعودية تستهدف في جملتها المجالات الحيوية المطلوبة لسوق العمل وهي «أي تلك البرامج التدريبية» تعتمد أساسا على سد حاجة القطاع الخاص وفقا للوظائف المتاحة في أجهزته المختلفة والتي لاتزال مشغولة بأيد وافدة أو معظمها على الأقل ان أردنا الدقة في القول بما يسمح بتطبيق برنامج السعودة بسهولة ويسر. أظن أن المصلحة الوطنية تقتضي النظر بعين فاحصة لمسألة التعجيل في الاحلال من قبل شبابنا الواعد ومن قبل أجهزة القطاع الخاص التي تتحمل أعباء مسؤولية خاصة لانفاذ مشروع السعودة وتحويله الى واقع مشهودغير أن ما يجب التركيز عليه في هذا المجال تحديدا هو أهمية التعاون المنشود بين أجهزة القطاع الخاص والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وحلحلة المشاكل التي قد تحول دون عملية الاحلال، وهو تعاون تقتضيه المصلحة الوطنية وتصب في قنواته، وقد رأينا بأعين مجردة ما أسفرت عنه عمليات المهلة الأولى والثانية التصحيحيتين حيث غادر المملكة بشكل نهائي آلاف الكوادر الأجنبية منذ بدء الحملتين، فثمة عمالة وافدة غير مدربة تستدعي الضرورة احلال الكوادر الوطنية بدلا منها بعد التدريب والاعداد والتهيئة وصولا الى أهداف السعودة المرجوة ولو بطريقة مرحلية سوف تستغرق بعض الوقت، فالغاية المنشودة من برامج التدريب التقني والمهني هي الوصول بالكوادر الوطنية الى مرحلة سد حاجة القطاع الخاص من الوظائف المتاحة والتي كان يشغلها الأجانب الوافدون قبل الولوج الى انفاذ تلك البرامج بشكل عملي ومثمر. ولعل من الملفت للنظر أن المهلتين التصحيحيتين لأوضاع الوافدين مرتا ببعض المصاعب والمعاناة لعل أبرزها انعدام صحة المعلومات المطروحة من سفارات رعايا أولئك الوافدين اضافة الى عدم وجود اقامات سارية المفعول لدى بعضهم، وعدم معرفة البعض لعناوين كفلائهم، واخفاء البعض لاقاماتهم عمدا، مما دفع الجهات المسؤولة للمسارعة في تصحيح أوضاع أولئك الوافدين المخالفين لنظام الاقامة، وقد حذرت الجهات المعنية بأنها لن تستثني المشاريع الضخمة بالقطاعين من حملات التفتيش المركزة استنادا الى الخطط الموضوعة الكفيلة باحتواء ظاهرة المجهولين والمتسللين والمخالفين. واذا نظرنا الى أعداد البرامج المطروحة للتدريب في المجالين التقني والمهني للكوادر المحلية الراغبة في الانخراط في تلك البرامج والتي تمثل 90 برنامجا في مجالات تقنية ومهنية متعددة أدركنا للوهلة الأولى مدى حرص الجهات المسؤولة بالدولة على المضي قدما لاحلال السعوديين في وظائف الكوادر الأجنبية الوافدة، ولن يكون الاحلال نافذا وسريعا الا اذا اندفع شبابنا للانخراط في سلك تلك البرامج الطموحة من جانب، وفتح القطاع الخاص مجالات التوظيف أمام تلك الطاقات الوطنية بعد تدريبها واعدادها للعمل من جانب آخر. وأظن أن المصلحة الوطنية تقتضي النظر بعين فاحصة لمسألة التعجيل في الاحلال من قبل شبابنا الواعد ومن قبل أجهزة القطاع الخاص التي تتحمل أعباء مسؤولية خاصة لانفاذ مشروع السعودة وتحويله الى واقع مشهود. [email protected]