يصحو أحمد على جعجعة إحدى شركات المقاولات التي بدأت بتكسير الشارع المتاخم لمنزله..!! حدث شبه أسبوعي ولا يعلم لماذا ومتى تنتهي هذه الأسطوانة، فهو يقيم في هذا الشارع منذ أكثر من عشر سنوات ومازال البحث جاريا عن الكنز المفقود..!! في كثير من مدن العالم، تكتمل الخدمات في الحي، ليأتي بعدها السكان ويعيشون براحة وطمأنينة، ولنا في أحياء مدينة الجبيل مثال واقعي يمكن تعميمه.جهات متعددة تتجاذب هذا الشارع المسكين (بلدية، مياه، كهرباء، اتصالات وغيرها) حتى أصيب بتجاعيد الشيخوخة المبكرة، فأصبح مليئا بالجروح والندوب، وكأنه رجل ساقه القدر ليتهاوى بين يدي جراح اشتهر بأخطائه الطبية ومازال يمارسها..!! المشكلة أزلية ومتعددة، بدايةً من عدم وجود نظام معلومات جغرافي(GIS) يقوم على ربط المعلومات مع الخرائط؛ ليكون مرجعا لما هو قائم ومساعداً على التخطيط المستقبلي للخدمات، ولذلك نجد اختلافا بين عدة جهات حول مكان الحفرية وعمقها وما يترتب على ذلك من انقطاع لبعض الخدمات بسبب تداخلها. والمشكلة الأخرى تتمثل في نظام الحفر والردم التقليدي، الذي يتم بطريقة سيئة وبلا رقابة حقيقية، فينتج عن ذلك اختلاف في موازين الشارع مابين حفرية وأخرى حتى وصل في بعضها أن يتسبب سوء التنفيذ بحفرة عميقة، تبتلع سيارة بكاملها كما رأينا في أكثر من حالة من خلال بعض الصحف، وحلاً لذلك التلاعب يجب ايجاد نظام رقابي مشدد وحقيقي يعتمد على التقنيات العالمية المتوفرة، لقياس جودة التنفيذ مع الأخذ بالاعتبار القيام بحل أكثر تطورا وهو إنشاء نظام خدمات متكامل تحت الأرض، كما هو الحال في مدن عالمية نجحت بتلك التجربة حتى أصبحت تلك المدن تتكون من طابقين في معظم أجزائها، وكل ما تحتاجه لإضافة خدمة جديدة لأحد المواقع أن يتم تمديدها بطريقة مخفية تحت الأرض بلا أن يؤذي ذلك أحد السكان المجاورين. وختاماً، ما زال أحمد يصحو على الجعجعة ولم ير طحنا حتى الآن، ففي كثير من مدن العالم تكتمل الخدمات في الحي، ليأتي بعدها السكان ويعيشون براحة وطمأنينة، ولنا في أحياء مدينة الجبيل مثال واقعي يمكن تعميمه، فالتخطيط الجيد ينتج عنه عمل جيد ودائم، والحلول متعددة ولكن إرادة التطبيق هي الأهم. متخصص في التخطيط العمراني والتطوير العقاري Twitter: @alrob3i