تتمثل آخر صرعة تكنولوجية في مجال الهندسة الحاسوبية في تحويل الضوء إلى سائل متوهج، يمكن رشه وتنقيطه على السطوح كالماء تماما. وقال المبتكرون إن هذا "الضوء السائل" سيكون مثاليا للحاسبات البصرية، حيث ترسل الرقاقات فيها الضوء حول الدارات البصرية لمعالجة المعلومات والبيانات.. موضحين أن النبضات الضوئية المركزة تندفع على السطوح مثل قطرات السائل العادي. ويبدو أن فكرة الضوء السائل غريبة ومتناقضة, لأن مراحل المادة الثلاث (الغازية والسائلة والصلبة) تنطبق فقط على المادة الذرية, رغم أن بعض الباحثين يتعاملون مع الحزمة الضوئية على أنها غاز, لأن الفوتونات تتحرك بصورة عشوائية داخلها، وتضع ضغطا معينا بسبب كميتها, ولكنهم لا يقصدون ذلك بمعناه الحرفي, حتى هذه اللحظة, حيث حاول العلماء في جامعة فيجو بأورينس, تكثيفها وتحويلها إلى سائل مثل أي مادة غازية عادية. واستعان الباحثون بمواد غير خطية, وهي التي تبطئ سرعة الضوء بكمية معينة، اعتمادا على شدته بدلا من كمية ثابتة, كما هو الحال في الماء أو الزجاج, معتمدين على مبدأ أنه كلما كان الضوء أشد, كان من الممكن إبطاؤه أكثر, في معظم هذه المواد, مما يعني أن البطء في داخل الحزمة الضوئية يكون أكبر من خارجها, كما لو أنها تمر من خلال عدسة محدبة وتكون الحزمة مسلطة على نقطة معينة, بدلا من نقلها كما يحدث في الحاسوب البصري. وقال الخبراء إن هذا الأمر قد لا يحدث بالضرورة, إذ أن بالإمكان تركيز حزمة ليزر عالية الطاقة على شكل عمود متماسك يسلك سلوك السائل, باستخدام المادة التي يبطؤ فيها الضوء بمعدل أقل كلما كانت شدته أعلى. وتبين للعلماء بعد صناعة عدد من النماذج الحاسوبية للكشف عما سيحدث للنبضات الضوئية المركزة بهذه الطريقة, أن هذه النبضات تملك نوعا من التوتر السطحي يجعلها مشدودة من الخارج, وتتشتت إلى قطرات صغيرة عند اندفاعها على السطح مثل أي مادة سائلة. وتواجه العلماء مشكلة واحدة وهي نوعية المادة المستخدمة لإنتاج الضوء السائل, فالبعض استخدم مادة "شالكوجينايد" الزجاجية التي صنعها العلماء في جامعة رينيه الفرنسية, بينما يرى علماء آخرون أن الأفضلية لأي مادة تتفاعل بقوة مع الضوء بحيث تمتص قطراته قبل أن تنتشر في المكان. وأشار الخبراء إلى أنه إذا تم إنتاج الضوء السائل , فسيصبح بالإمكان تطوير قلب صناعي من الحاسوب البصري, بحيث تكون سرعة المعالِجات السيليكونية فيه محدودة بمعدل حركة الإلكترونات حول الدارات, وسيكون الحاسوب الضوئي الذي يعتمد على الفوتونات أسرع بكثير, إلا أنه من الصعب دفع الضوء حوله دون انتشار الحزمة إلى الخارج واختفاء المعلومات, حيث تعتبر القطرات السائلة طريقة مثالية لإنتاج المعلومات. ويرى الباحثون أن ضبط تصميمات الطرق البصرية لتستخدم الضوء العادي هو أفضل, لأن النبضات الضوئية منفصلة, لذلك يمكن القيام بالعمليات الحسابية من خلالها.