كشف الدكتور عبدالواحد خالد الحميد أمين عام مجلس القوى العاملة عن وجود لجنة مختصة بدراسة الأنشطة والمهن والوظائف التي يجب قصرها على المواطنين السعوديين. وقال في حوار مع "اليوم الاقتصادي" ان البطالة في المملكة تختلف في مفهومها عن البطالة في عدد من الدول الأخرى.. مشيرا الى ان البطالة في المملكة من النوع الهيكلي، التي تعود الى عدم التجانس بين نوعية الأعمال والعمالة. أو بسبب عدم التجانس الجغرافي بين مواقع العمل المتاحة والباحثين عن العمل. وعن نسبة البطالة في المملكة قال: هناك لجنة تدرس حجم البطالة والخروج بمعدلات ذات مصداقية، بعيدا عن التفاوت الواضح والاجتهادات غير القائمة على أساس علمي.. كما قال ان هناك دراسة أخرى حول الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص. وأبدى الحميد عدم تخوفه من آثار انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية على سوق العمل السعودي.. وذكر ان هناك امكانية للاستفادة من هذا الانضمام في حل مشكلة البطالة.. وفيما يلي الحوار الذي أجراه "اليوم الاقتصادي" مع الدكتور عبدالواحد الحميد أمين عام مجلس القوى العاملة. حصر المهن على السعوديين @ هل من المقرر زيادة المهن المخصصة للسعوديين فقط، وضم مهنة محلات بيع العطور والإكسسوارات والمستلزمات النسائية اليها؟ تتصدر قضايا السعودة بعامة اهتمامات مجلس القوى العاملة، ويواصل المجلس دراستها ومعالجتها من خلال خطط وسياسات غطت العديد من المجالات ومنها الخطط والقرارات المتعلقة بتنمية وتطوير القوى العاملة الوطنية واحلالها محل العمالة الوافدة، وصولا الى بلوغ مستوى الاستخدام الكامل لقوة العمل الوطنية. في هذا السياق صدرت قرارات عديدة بقصر العمل في بعض الأنشطة والمهن والوظائف على العمالة الوطنية، وقرارات أخرى للاحلال التدريجي لهذه العمالة محل العمالة الوافدة.. ويتواصل اصدار هذه القرارات تباعا حيث صدر أخيرا قرار سعودة وتنظيم مكاتب التخليص الجمركي، وقرار سعودة مكاتب الحج والعمرة، وهناك لجنة في الأمانة العاملة لمجلس القوى العاملة تختص بدراسة الأنشطة والمهن والوظائف التي يجب قصرها على السعوديين، ويشارك فيها بعض الجهات المعنية وفق الأهمية الاستراتيجية لهذه الأنشطة طبقا لأولويات ومعايير محددة تراعى أوضاع وتطورات سوق العمل. بالنسبة لقصر العمل في محلات بيع العطور والإكسسوارات والمستلزمات النسائية على السعوديين فشأنه شأن الأنشطة والمهن الأخرى التي تخضع للمعايير والمحددات والأولويات المعمول بها.. كما ان سعودة بعض الأنشطة متروكة ايضا لظروف وأوضاع كل منطقة وطبقا لما تقرره اللجان العليا للسعودة في إمارات المناطق المشكلة بموجب قرار صاحب السمو الملكي وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة حيث أناط القرار بهذه اللجان مساعدة المواطنين في اقتحام مختلف مجالات العمل بما يتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم، والعمل بقدر الامكان حسب ظروف كل منطقة بشأن التوسع في الأعمال التي تقتصر على السعوديين في إطار مرونة تراعي التباينات المختلفة للمناطق. نسبة البطالة بالمملكة @ كم بلغ عدد السعوديين العاطلين عن العمل؟.. وهل توجد دراسة لديكم لخفضها في المستقبل؟ ان البطالة واحدة من التحديات التي يواجهها العالم أجمع، ولا يوجد مجتمع لا يشكو من البطالة، وأدبيات الاقتصاد تشير الى انه اذا كانت البطالة بنسبة 5 بالمائة او 6 بالمائة فهي بطالة طبيعية. أما عن البطالة في المملكة فهي تختلف في مفهومها عن البطالة في العديد من الدول الأخرى حيث انها من نوع البطالة الهيكلية التي تعود خاصة الى مشكلة عدم التجانس بين نوعية الأعمال والعمالة، كما ان هذه البطالة قد تحدث أيضا بسبب عدم التجانس الجغرافي بين مواقع العمل المتاحة والباحثين عن العمل. وترجع خصوصية ظاهرة البطالة في المملكة الى وجود أكثر من 5 ملايين عامل وافد تعتبر وظائفهم شاغرة الى أن يتم تأهيل وتدريب من يشغلونها تباعا. بالنسبة لعدد السعوديين العاطلين عن العمل فأود ان أشير الى ان ما ينشر عن أرقام البطالة في المملكة لا يتسم بالدقة، ويبنى على اجتهادات، وهناك لجنة مشكلة حاليا من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والأمانة العامة لمجلس القوى العاملة، ومصلحة الاحصاءات العامة لدراسة حجم البطالة والخروج بمعدلات ذات مصداقية بعيدا عن التفاوت الواضح والاجتهادات غير القائمة على أساس علمي. ان البطالة في المملكة أحد أهم الهموم التي تشغل الدولة بأجهزتها كافة، وتتضافر الجهود لمعالجتها من خلال مسارات عديدة يأتي في مقدمتها تطوير التعليم والتدريب ليكون أكثر ملاءمة في تلبية متطلبات سوق العمل حث صدرت موافقة سامية بتشكيل فريق عمل موسع لتقييم التعليم والتدريب وتطوير كفاءته الداخلية والخارجية لتتوافق مخرجاته مع الطلب عليها.. كما انه يتم حاليا معالجة متدفقات التعليم والتدريب في تخصصات لا يقبل عليها سوق العمل من خلال إعادة التأهيل والتدريب التحويلي عن طريق أجهزة التدريب الحكومية والأهلية وفي مقدمتها صندوق تنمية الموارد البشرية، ومشروع التنظيم الوطني للتدريب المشترك. في هذا الإطار فإن موضوع البطالة يشغل حيزا له الأولوية في خطط وسياسات مجلس القوى العاملة فاتجهت دراساته وأبحاثه الى معالجة أسباب الاختلالات النوعية والكمية القائمة في سوق العمل والناتجة عن الفجوة بين المخرجات التعليمية والتدريبية ومتطلبات هذا السوق. وفي ضوء ذلك جاءت سياسات توسيع قاعدة التعليم الفني والتدريب المهني، وتحسين نوعيته، وتشجيع القطاع الأهلي على المشاركة الفعالة وتأهيل وتدريب العمالة الوطنية، كما يواصل المجلس سعودة بعض المرافق والخدمات العامة، والأنشطة والمهن والوظائف وقصر العمل في بعضها على السعوديين، والاحلال التدريجي في أنشطة ومهن أخرى.. وأخيرا أود ان اؤكد بأن ايجاد فرص العمل وتنميتها هي مسؤولية ثلاثية وتكاملية الأبعاد أطرافها الثلاثة هم الدولة والقطاع الخاص والشباب أنفسهم. لقد وفرت الدولة التعليم والتدريب لكل مواطن راغب فيه وتحمل الجهاز الحكومي العبء الأساسي في التوظيف في الفترة الماضية الى ان تشبعت معظم أجهزته وتقلصت احتياجاتها من العمالة كما انه لا يعمل به سوى حوالي 4 بالمائة من العمالة الوافدة.. اما القطاع الخاص فما زالت العمالة الوافدة تتزايد فيه بوتائر عالية ومن المأمول منه في هذه المرحلة ان يزيد من استقطابه للعمالة الوطنية، ويوفر لها التدريب الذي يلبي احتياجاته، كما انه مطلوب من الشباب الباحث عن العمل ان يستفيد من امكانات اعادة التدريب والتأهيل وفق المجالات التي يتطلبها السوق خاصة بعد ان توافرت المسارات العديدة لهذا التدريب، وان يقبل بداية ما هو متاح من وظائف ثم يطور نفسه ويثبت جدارته وانضباطه ومن ثم يحقق آماله وطموحاته، كما انه بامكان الشباب أيضا ان يقوم بالعمل لحسابه من خلال المشروعات الصغيرة حيث يوجد توجه لدى الدولة والغرف التجارية لتشجيع هذا النوع من المشروعات. حد أدنى للأجور @ هل تم تحديد الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص؟ وهل العمالة الوافدة من ضمنها؟ ان سياسة الأجور بصفة عامة تعتبر من السياسات المؤثرة في سوق العمل، ولهذا تجري الأمانة العامة لمجلس القوى العاملة حاليا دراسة حول الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص للتعرف على مدى الحاجة الى ذلك، والآثار المترتبة على سوق العمل والاقتصاد الوطني نتيجة وضع حد أدنى للأجور ومدى تأثيره على البطالة، وتوفير فرص عمل اضافية للعمالة الوطنية، وعلاقة الأجور بالانتاجية وغير ذلك. "الجات" والبطالة @ هل سيوثر دخول المملكة معاهدة "الجات" على نسبة البطالة في المملكة؟ وهل هذا التأثير سلبي أم إيجابي؟ مع القناعة بوجود الكثير من الآثار الايجابية المحتملة لانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، وكذلك بعض الآثار السلبية، إلا ان المرحلة الحالية تتطلب جاهزية سوق العمل والاقتصاد السعودي من خلال وضع أساليب مناسبة لمواجهة الآثار المتوقعة. ولا شك في ان أجهزة وفرق التفاوض المشكلة قادرة على وضع هذه الأساليب. أما عن انعكاسات الاتفاقيات على سوق العمل فهناك اتفاقيات ذات علاقة مباشرة بسوق العمل وهي اتفاقية الخدمات حيث انها تعنى بانتقال العمالة الأجنبية وتجارة الخدمات التي يستوعب قطاعها ما يزيد على نصف العمالة في المملكة. وقد يتأثر السوق ايجابيا اذا ما تم وضع الشروط والالتزامات التي تنعش سوق الخدمات وتزيد العمالة السعودية فيه بشرط ان يواكب ذلك رفع كفاءة العمالة الوطنية من خلال برامج تدريبية تعتمد على تكنولوجيا معلوماتية متقدمة لتكون عمالة منافسة. ومن أهم الاتفاقيات الأخرى ذات الآثار المباشرة الى حد ما على سوق العمل في المملكة اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية فقد تؤدي هذه الاتفاقية فيما يتعلق ببراءات الاختراع الى دخول الشركات المالكة لهذه البراءات الى السوق السعودي مما قد يعطى المجال للكثير من المؤسسات والشركات المحلية للاستثمار في القطاعات المكملة والملحقة بهذه الشركات مما قد يوفر فرصا كبيرة للعمالة ويعتمد ذلك بالطبع على تطبيق الأنظمة والسقوف المتعلقة بالسعودة. كما انه قد يمكن تحقق مكاسب جزئية في حقوق الملكية الأدبية. وان كانت هذه الاتفاقية لها سلبياتها فيما يتعلق في مجال حقوق الملكية الصناعية التي قد تلحق الضرر بالدول النامية ومنها المملكة، وتعظيم مكاسب الدول المتقدمة وغير ذلك من آثار سلبية أخرى. وعموما اعتقد انه بالامكان معالجة الآثار المحتملة على سوق العمل وتوجهات وخطط توطين الوظائف بالتحسب والاعداد المسبق للتعامل معها بفعالية تضمن تعظيم الجوانب الايجابية منها، وذلك من خلال تكثيف وتضافر الجهود الخاصة بتطوير الموارد البشرية الوطنية والمراجعة المستمرة لأنظمة التعليم والتدريب العلمي والتقني، وزيادة مقومات القدرة على المنافسة ويتطلب ذلك ايجاد واعداد قوة عمل متمتعة بالمهارات المتخصصة وتتسم بارتفاع مستوى تعليمها العام والمهني تلبي الاحتياجات الدائمة والمتجددة في المفاهيم والرؤى والآليات واعتبار ان مهارات قوة العمل وفعاليات التعليم المهني برامجه هي السلاح التنافسي الأول، لذا تبدو أهمية الحاجة الماسة الى اعداد وتنفيذ برامج هادفة لتنمية الموارد البشرية لتوفير المهارات والكفاءات التي تمكنها من التأقلم مع التطورات التكنولوجية المتلاحقة، والاستجابة الفعالة لحاجات المؤسسات الاقتصادية من الأطر الفنية والعمالة الماهرة كما ان تنمية وتطوير الموارد البشرية الوطنية والمراجعة المستمرة لأنظمة التعليم والتدريب العلمي والتقني تؤدي الى زيادة مقومات القدرة التنافسية للعمالة الوطنية والحصول على نصيب أكبر من الفرص الوظيفية التي ستصاحب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية اضافة الى ان الأخذ بالمفاهيم في ادارة المنشآت الاقتصادية، والإدارة بالجودة الشاملة لمواجهة التنافس العالمي يتطلب الارتقاء بالعمالة الوطنية واعداد برامج ذات كفاءة عالية وتنافسية في مجال تنمية الموارد البشرية. في هذا السياق فان اتفاقيات "الجات" والعولمة جاءت متزامنة مع تقنيات جديدة في مجال المعلومات والتقنية الحيوية، والتجارة الالكترونية وغير ذلك مما يدعو الى ان تعمل خطط وبرامج التنمية البشرية على خلق كوادر وطنية قادرة على استيعاب هذه التقنيات والمنافسة فيها، واعطاء أهمية لقضايا الانتاجية، وعوامل المنافسة الأخرى كسلوكيات وأخلاقيات العمل.