"البطالة" الهاجس الأبرز تحدياً للمجتمع، والأكثر نقاشاً بين أفراده، واهتماماً من قيادته، وتحديداً القرارات الأخيرة التي جاء في بعضها التصدي لمشكلة البطالة، ومنها صرف مكافآت للعاطلين، وما سبقها من قرار حول تشكيل لجنة عليا لدراسة تزايد أعداد خريجي الجامعات المعدين للتدريس وحاملي الدبلومات الصحية بعد الثانوية، ووضع حلول عملية وسريعة مناسبة في القطاعين الحكومي والخاص بهذا الشأن.. ويبقى السؤال الأهم: هل نحن بحاجة إلى نظام يكافح البطالة على الرغم من وجود إستراتيجية التوظيف الصادرة من وزارة العمل في شهر شعبان من عام 1430ه. تخصيص ألفي ريال للعاطلين تسدد 50% منها عند الحصول على وظيفة الذراع التشريعية الذراع التشريعية للدولة والمتمثلة بمجلس الشورى درست مقترحاً لمشروع نظام لمكافحة البطالة، وستعرض تقريرها بشأنه على المجلس اليوم الاثنين، وحسب "د. عبدالرحمن هيجان" -رئيس لجنة الإدارة والموارد البشرية- فإن البطالة ليست ذات بعد واحد، فهناك أطراف تسببت فيها ويمكن أن تسهم ذاتها في معالجتها، حيث أكد "الهيجان" على أنّ اللجنة التي يترأسها في المجلس تسهم في حل مشكلة البطالة من خلال دراسة الأنظمة والتشريعات والتقارير السنوية للجهات الحكومية وكذلك التوصيات الإضافية التي يطرحها الأعضاء، أو من خلال تفعيل المادة الثالثة والعشرين من نظام الشورى التي تتيح للعضو تقديم مشروع نظام، ومن ذلك ما قام به العضو علي الوزرة باقتراح نظام لمكافحة البطالة. د. هيجان: ثقافة المجتمع ومؤسساته أهم شركاء البطالة.. إستراتيجية التوظيف وأوضح "د. الهيجان" أنّ هناك جهات حكومية وأنظمة تشترك في البطالة وتسهم في حلها ودور هذا الطرف ابتداء من وجود القوى العاملة وأكبر من يمثل الحكومة هنا وزارة العمل، والتي قد تكون سبباً في تضخم البطالة لعدم تفعيلها إستراتيجية التوظيف، وهناك وزارة الخدمة المدنية كجهة حكومية رسمية تعتبر طرفا في مناقشة مشكلة البطالة وهي تقوم بدور واضح ودائماً ما تبحث عن الوظائف الشاغرة إسهاماً منها في حل البطالة، لكن وللأسف دورها من الناحية النظامية محدود فهي ليست مسؤولة عن جميع أنظمة التوظيف وتنحصر مسؤوليتها في التوظيف العام وجزئيات أخرى بسيطة، ولكنها ليست مسؤولة عن القضاء والأنظمة العسكرية والأمنية التي لا تمر وظائفها على الخدمة المدنية، وكذلك هناك جهات أخرى في نظر "د. الهيجان" تسهم في البطالة وحلها أيضاً مثل القطاعات التي تستحوذ الدولة على النصيب الأكبر منها مثل شركات الكهرباء والاتصالات وأرامكو وسابك وغيرها، مشيراً إلى أن الإعلام يغفل الحديث عن دورها بوضوح. الوزرة: آن الأوان لتشغيل المواطن في أي نشاط تجاري الخصخصة وأضاف: تتعاقد بعض هذه الشركات مع أخرى لتوظيف السعودي بالباطن بشكل مؤقت لتخلي مسؤوليتها فيما يخص السعودة، ثم تنهي خدماته، ومن العجب وجود متناقضين فهناك "الخصخصة" والتي تعني طرد السعودي، وهناك السعودة التي يمكن التحايل عليها، معتبراً الجامعات ومؤسسات التعليم المختلفة شريكا في البطالة؛ لأنها تقوم بتدريس وتخريج أعداد هائلة لا مكان لتخصصاتهم في السوق وهي جهات ترى أن دورها ومهمتها التعليم وليس ربط موادها بحاجة السوق، مشيراً إلى أنّ ثقافة المجتمع هي الأخرى تسهم في تزايد العاطلين فالمواطنين لا يفخرون ولا يعتزون غالباً إلا بموظف القطاع الحكومي. د. عبدالرحمن هيجان تشغيل المواطن وتقدم "علي بن ناصر الوزرة" -عضو مجلس الشورى- للمجلس قبل نحو عام بمقترح مشروع نظام لمكافحة البطالة، مؤكداً على أنه قد آن الأوان ليكون تشغيل المواطن هو العنوان لأي نشاط تجاري أو اقتصادي أو صناعي بالمملكة، وأن يكون الترخيص لتلك النشاطات مربوطاً بما توفره من فرص عمل للمواطنين ويشكل إضافة اقتصادية فاعلة. وقال: إنّ المتأمل لمستوى تأهيل العمالة الوافدة يلحظ بسهولة أن الغالبية العظمى منهم لا تحمل مؤهلات تذكر ومن لديهم مؤهلات فإن أعداد السعوديين متوفرة بمثل تلك المؤهلات وأعلى، كما أنّ من المؤكد أنّ عقول المواطنين قابلة للتحصيل كل ما يتطلب العمل التجاري والصناعي من قدرات من خلال الإعداد والتأهيل والتدريب، إلاّ أن سهولة الاستقدام وتبرير عدم قبول السعوديين في العمل تصب في زيادة بطالة السعوديين واستقدام الوافدين في حين أن دافع ملاك تلك المنشآت هو مزيد من الربح من حيث استقدام عمالة رخيصة. علي الوزرة ملاّك المنشآت وفيما يتعلق بسعي ملاك المنشآت إلى توفير عمالة غير سعودية بأجور منخفضة مقارنة بأجور السعوديين، شدد "الوزرة" على أن مسؤولية الجهات الحكومية أن تعمل على الحد من تدفق العمالة الوافدة وسن الأنظمة التي تكفل توظيف المواطن وأن يكون توظيف غير السعودي استثناءً لا أصلاً كما هو الحال، فتنظر الجهات الحكومية إلى الموضوع بشمولية تتجاوز الربح المباشر وتأخذ مكونات العملية التوظيفية والبطالة بعين الاعتبار وآثارها على البنية التحتية وعلى الأمن والاقتصاد والمتجمع بشكل عام، مؤكداً على أن مشروع نظام مكافحة البطالة الذي جاء للإسهام في علاج البطالة ويحقق مصالح وطنية عديدة، مشيراً إلى أنّ المملكة تتمتع بفرص واعدة في المجال الاقتصادي وبها سوق واعد يعتبر من أكبر الأسواق في المنطقة ووفق المعطيات النظرية فإن معدل البطالة بين المواطنين ينبغي أن يكون صفراً. عدم تأهيل السعوديين وأوضح أن كل المقاربات التي بذلت لمكافحة البطالة لم تحقق أهداف القيادة الرشيدة لأسباب عديدة، أهمها: عدم وجود نظام يشكل إطاراً لخفض نسبة البطالة، ووجود ضغط من ملاك المنشآت التجارية والصناعية لتوظيف غير السعوديين تحت ذرائع أهمها عدم تأهيل السعوديين وعدم إلتزامهم وغير ذلك من المبررات التي لا تخلو من المبالغة والتضخيم أحياناً. وأشار إلى أن المسألة تتمثل في انخفاض كلفة العمالة غير السعودية مقارنة بكلفة السعوديين، وإذا أخذنا في الاعتبار أثر تزايد العمالة الوافدة اقتصادياً واجتماعيا وأمنياً فإن ذلك يجعلنا نستشعر حجم المشكلة، فعدد العمالة الوافدة يتجاوز ثمانية ملايين شخص تصل تحويلاتهم المالية مليارات الريالات شهرياً. وقررت لجنة الإدارة والموارد البشرية عدم ملاءمة مقترح العضو "علي الوزرة"، وساقت عددا من المبررات والإجراءات التي لبت بعض النصوص في مواد المشروع المقترح وصدر فيها قرارات ملكية، إضافة إلى تحقق بعض المطالب التي دعا إليها المقترح. ملامح المشروع "الرياض" تستعرض ضمن هذا الجزء من التحقيق أبرز ملامح المشروع المقترح الذي يقع في 25 مادة حددت الأول منها هدف النظام بمكافحة البطالة، من خلال إتاحة فرص التوظيف للسعوديين والحد من أعداد العمالة الوافدة في القطاع الخاص، ونصت المادة الثالثة بتطبيق النظام على جميع منشآت القطاع الخاص وشددت المادة التي تلتها على أن يكون من ضمن أهداف منشآت القطاع الخاص توفير فرص عمل للمواطنين، وأن تلتزم بتدريب موظفيها السعوديين وتطوير قدراتهم. وأضاف أن مشروع النظام المقترح على أنّ شغل وظائف منشآت القطاع الخاص حق للمواطن ويجوز استثناء شغلها بغير السعودي وفق ما تحدده لائحته من ضوابط وشروط، كما نص النظام على أن تتضمن طلبات الترخيص لمنشآت القطاع الخاص خططاً لتوظيف السعوديين، وان تربط التراخيص والتسهيلات المقدمة لمنشآت القطاع الخاص بشرط تنفيذ خططها لتوظيف السعوديين. المؤهلات المطلوبة وحددت المادة التاسعة من المشروع المقترح نسبة توظيف للسعوديين وشددت ألا تقل عن 20% من عدد العاملين في منشآت القطاع الخاص في بادية النشاط وأن تضع خططاً لرفع النسبة إلى ما لا يقل عن 50% في المائة خلال السنوات التالية، كما يجب على منشآت القطاع الخاص وضع الحد الأدنى من المؤهلات المطلوب توفرها لدى موظفيها وتقديمه لوزارة العمل. وطالب المشروع المقترح لنظام مكافحة البطالة وزارة العمل بإعداد قاعدة بيانات جميع طالبي العمل من السعوديين توضح مؤهلاتهم وخبراتهم وشهاداتهم، مشدداً على أنه لا يجوز شغل الوظيفة المتوفرة بطالبها الحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة، وتتابع بشكل دوري بدراسة تحدد المهن التي يمكن قصر شغلها على السعوديين ويصدر الوزير قراراً بذلك. حالات العزوف ومن أبرز مواد المشروع المقترح المادة السادسة عشرة التي نصت على "إذا تقرر قصر شغل مجموعة من الوظائف على السعوديين فلا يجوز لغيرهم ممن كانوا يشغلون تلك الوظائف الانتقال إلى وظائف أخرى ولا نقل كفالتهم"، حيث تطرق النظام إلى حالات العزوف عن العمل من السعوديين، منبهاً على أن تضع وزارة العمل حد أدنى لأجور الوظائف التي يكون فيها سبب عزوف السعوديين انخفاض أجورها. وكذلك يصرف لكل مواطن عاطل عن العمل مبلغ 2000 ريال شهرياً -حسب المادة الثامنة عشرة - على أن يسدد 50% من المبالغ المصروفة له على أقساط شهرية عند حصوله على وظيفة وتحدد اللائحة مبلغ القسط الشهري. وأوجب المشروع المقترح رفع نسبة السعوديين من عدد العاملين في المنشآت القائمة إلى 25% خلال ستة أشهر من سريان هذا النظام، وان تضع خطة لتحقيق ما لا يقل عن 60% خلال خمس سنوات. تطبيق الغرامات وتطبق غرامات على منشآت القطاع الخاص المخالفة لأحكام نظام مكافحة البطالة تبدأ بإنذار ومهلة لا تتجاوز شهرين من تاريخ الإنذار لتصحيح المخالفة، وغرامة مالية لا تتجاوز 5% من الراتب الشهري لمنسوبي المنشأة من العاملين بها من غير السعوديين مع ضرورة تصحيح المخالفة خلال ثلاثة أشهر، وأخيراً الإنذار النهائي بإلغاء ترخيص المنشأة إن لم يتم تصحيح المخالفة خلال أربعة أشهر. وأوكل مقترح النظام لوزارة العمل التنسيق مع الشؤون البلدية والقروية بتخصيص أماكن مناسبة للباعة المتجولين من المواطنين وإعداد لائحة لممارسة ذلك النشاط.