مع نهاية شهر يونيو الماضي سجلت أسعار الذهب أكبر ارتفاع فصلي منذ عام 2016 بمكاسب بلغت نحو 13% تقريبًا، وتجاوزت الأسعار مستوى 1800 دولار للأونصة مسجلة أعلى مستوياتها منذ عام 2011، حيث أن عدم اليقين الناجم عن جائحة فيروس كورونا أدى إلى تعزيز جاذبية المعدن الأصفر كاستثمار أمن. ويعتبر الذهب من الأصول التقليدية الوحيدة التي حققت عائدًا ايجابيًا منذ بداية هذا العام والتي تقدر بنحو 17%، مدفوعًا بالطلب المتزايد من قبل المستثمرين في دول العالم، بالإضافة إلى الحزم التحفيزية المالية الواسعة غير المسبوقة من قبل جميع الاقتصادات الرئيسية في العالم التي أعطت دفعة قوية لأداء متميز في بورصة الذهب هذا العام. العوامل التي ساهمت في رفع أسعار الذهب وقد خلقت الأزمة الصحية موجة من الحوافز النقدية والمالية وعمليات انقاذ من الحكومات والبنوك المركزية في محاولة لتقليص الضرر الذى لحق بالاقتصاد العالمي المتضرر بالفعل، والتي تسببت في عزوف المستثمرين عن المخاطرة وتهاوي أسواق الأسهم في المقابل استمرت في دعم سعر الذهب. كما أن المخاوف المتصاعدة التي أثيرت بشأن الشكل المحتمل للتعافي الاقتصادي من الركود الذي اجتاح جميع دول العالم تقريبًا ساعد في دعم أسعار الذهب. ساهم ضعف الدولار الأمريكي أيضًا في تحقيق الذهب لمكاسب كبيرة خلال الربع الثاني حيث سجل خسائر بنحو 1.7% في نفس الربع، وذلك بسبب العلاقة العكسية التي تربط بين الدولار الأمريكي والذهب الذي يعد من السلع المقومة بالدولار. ومع ذلك، كانت هناك أوقات في هذا العام لم يتم تطبيق العلاقة العكسية المعتادة بين الذهب والدولار بسبب النقص الكبير في المعروض من الذهب، حيث تم إغلاق المناجم والمصافي ضمن التدابير التي اتخذتها الحكومات للحد من انتشار الفيروس، في تلك الأوقات ساعد تراجع أسعار الفائدة الأمريكية التي تقترب من الصفر الذهب على الارتفاع. توقعات ايجابية يتوقع الكثير من المحللين استمرار ارتفاع الذهب على المدى القريب، بينما يتوقع البعض وصوله إلى مستويات قياسية بحلول نهاية هذا العام، بسبب العديد من العوامل منها حالة عدم اليقين المستمرة حيال الآثار السلبية لفيروس كورونا وتأثيرها على الاقتصاد العالمي والتقلبات العالية لأسواق الأسهم، كما أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة قد تكون مدعاة لإثارة القلق بالنسبة للمستثمرين، هذا إلى جانب استمرار السياسات التحفيزية النقدية وربما المالية لدعم الاقتصاد الأمريكي. في الواقع قد لا يكون السبب في أداء الذهب هذا العام هو وباء فيروس كورونا، ولكنه قد يكون ببساطة هو السبب الرئيسي في تفاقم نقاط الضعف الأساسية والتي تتضح في أسعار الفائدة المقتربة من المنطقة السلبية وزيادة ضعف الدولار، فمع ارتفاع الديون العالمية وضخ الحكومات تريليونات من الدولارات في اقتصاداتها يعتبر الذهب هو الملجأ الأقل خطورة للتحوط من مخاطر الركود. من المحتمل أن تصل أسعار الذهب بين 1800– 2000 دولار للأونصة خلال الفترة المقبلة وقبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يعتبر أنها الأكثر اثارة للجدل في التاريخ، ويعتقد البعض أن الذهب سيتخطى سعر 2000 دولار إذا فاز "جو بايدن" برئاسة الولاياتالمتحدة، وذلك بسبب القلق وعدم اليقين حيال سياسات الولاياتالمتحدة، أما في حال فوز الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بولاية ثانية كرئيس فمن المتوقع أن يتداول مؤقتًا بالأسعار الحالية أو أقل قليلًا، وعلى الرغم من ذلك فقد حقق الذهب ارتفاعًا بنحو 50% تقريبًا منذ أن فاز ترامب بالرئاسة. وبالنظر إلى الأزمة الصحية والمالية الحالية وارتفاع التضخم وعدم اليقين في السوق وضعف الدولار، يُنصح المستثمرين بالتنويع المعتدل في محافظهم الاستثمارية على أن يكون جزء منها في السلع المادية والاستثمار على المدى المتوسط أو الطويل.